تعيش مدن الجنوب التونسي بدءا من صفاقس وإلى غاية بن قردان وضعا إقتصاديا صعبا للغاية نتيجة الجفاف الذي عاشته تلك الجهات طوال السنة الجارية وأيضا وعلى وجه الخصوص بسبب نقص التزويد بمجمل المواد الإستهلاكية الأساسية من أنواع الخضر والغلال. هذا الواقع الصعب لمسناه خلال الأيام الأخيرة في مجمل مظاهر الحياة اليومية حيث ارتفعت أسعار المواد الأساسية وخاصة منها الخضر والغلال التي فاقت أسعارها كل التصورات وراح تجار الشاحنات يتلاعبون بها حسب العرض والطلب، ولا يتقيدون بقرارات الحكومة التي حاولت في المدة الأخيرة عقلنة أسعار العديد من المواد. ففي مجال الخضر والغلال تكاثر نشاط الأسواق الموازية، وأطنب الباعة المتجولون في رسم عمليات البيع كما طاب لهم دون رادع أو خوف من تدخلات السلط الإقتصادية والمراقبة التي غابت عن الأنظار أو تخفت تحت ضغط أولئك التجار الذين انتشروا في كل مكان. فإلى حد أمس مازالت أسعار الدلاع والبطيخ في حدود 600 مليم و800 مليم ومازالت أسعار الفلفل والطماطم والبصل والبطاطا مرتفعة جدا ومتفاوتة حسب الطلب والجهة، وهو أمر حير المواطنين وجعلهم يترصدون عرضها في بعض الجهات بما يتناسب ومقدرتهم الشرائية التي ما انفكت تتدهور يوما بعد آخر وتزداد ضيقا لما يحيط بها من صعوبات نتيجة أنواع المضاربات ومظاهر الاحتكار التي لم تعد خفية على الجميع. ولعل ما زاد في الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها الجنوب التونسي عامة هو إضراب الجزارين الذي تواصل خلال الأسبوع الماضي لأربعة أيام متتالية، حيث غابت كل أنواع اللحوم عن السوق وأوصدت محلات القصابين وغاب التزويد وعرض هذه المادة في كافة الجهات واصطف المواطنون في طوابير طويلة داخل بعض الفضاءات التجارية الكبري التي تولت وحدها توزيع بعض لحوم البقري بالتقسيط. كل هذا الواقع قد خيم على جهات الجنوب في وقت نحن فيه على أبواب شهر رمضان الذي يتكاثر فيه الإستهلاك، فكيف يا ترى ستكون حالة السوق خلال شهر بكامله وهل بالإمكان تحريك الأوضاع الاقتصادية نحو الأفضل؟