ارتفاع في أسعار البطاطا وتراجع في عرض عديد أنواع الغلال الصيفية تونس الصباح: أسبوعان أو أكثر بقليل تفصلنا عن بداية شهر رمضان.. لكن ومن الآن بدأت مظاهر الاستعداد لهذا الشهر الذي يتميز بطفرة الاستهلاك تجري.. وتستعد كافة الأطراف من فلاحين وتجار ومزودين له.. فكيف يجري هذا الاستعداد؟ بماذا تتميز حركة السوق ؟ وكيف ينظر كل طرف من هذه الأطراف للمرحلة القادمة؟ ولماذا يعمد البعض الى العمل على التقليل من ضخ انواع المنتوجات الفلاحية على وجه الخصوص؟ هل أن ذلك يمثل قراءة خاصة لتفاقم الطلب أثناء شهر رمضان والاستعداد لهذا الواقع الجديد أم أنها خطة يعتمدها الفلاح وتاجر التفصيل ليبرر زياداته المنتظرة في الأسعار؟ تلك هي جملة الاسئلة التي تزاحمت في أذهاننا بعد جولة في أسواق الخضر والغلال وتسجيل عديد الملاحظات بخصوص التحولات الحاصلة في حركته. بماذا تميزت السوق خلال هذه الايام التي تسبق رمضان؟ جولتنا في الاسواق اليومية بالعاصمة، انطلقت من أريانة فالسوق المركزية بالعاصمة، وسوق سيدي البحري، ثم طالت بعض الاسواق الاخرى الصغيرة أو التي يغلب عليها الانتصاب الهامشي مثل سكرة وبرج الوزير. وقد تبين لنا من خلال ما شاهدنا أن هناك نقص في العرض خاصة لبعض الخضر مثل البطاطا والفلفل والخضر الورقية.. أما البارز في ما لاحظناه هو تراجع عرض الغلال رغم قيمة الصابة، والفترة الحالية التي يكون فيها الانتاج هاما والعرض متوفرا. ولعل ما لفت انتباهنا أكثر هو تراجع كميات الدلاع والبطيخ على وجه الخصوص، بعدما كانت هذه الغلال معروضة في الاسواق بشكل بارز، وتجوب الشاحنات الكثيرة العارضة لها كل الاحياء، علاوة على الانتصاب في كل مكان لعرضها. وما يلفت الانتباه أيضا ليس تراجع العرض فقط، انما أيضا ارتفاع أسعار الدلاع والبطيخ . فبعد أن استقرت اسعار الدلاع طوال الفترة السابقة في حدود 200 مليم للكلغ الواحد، هاهي تقفز هذه الايام لتبلغ 300 مليم فأكثر. ونفس الشيء بالنسبة لثمار البطيخ التي كانت تعرض ب 400 مليم و600 مليم، لكنها تبلغ الآن 800 مليم فما فوق. ونفس الوضعية تنعكس على بعض أنواع الخضر وفي مقدمة ذلك البطاطا التي كانت ولحد قريب تروج ما بين 350 و400 مليم للكلغ الواحد، لكنها أيضا قفزت خلال هذه الايام الى 500 مليم فما فوق بقليل. أما الخضر الورقية مثل السلق والمعدنوس والكلافص فإن عرضها تراجع أيضا وضمرت وحداتها التي تعرض بها، ولعلنا مع هذه الخضر الورقية نتفهم أسباب نقصها باعتبار صعوبة انتاجها صيفا إلا من خلال البيوت المكيفة التي تكلف الفلاح الكثير. ظاهرة تراجع المعروضات من الخضر والغلال في السوق عامة، وقد لمسنا ذلك داخل كافة الاسواق المذكورة آنفا. لكن ما هي الاسباب الحقيقية وراء هذا التراجع؟ هل هو النقص في الانتاج بحكم عوامل طبيعية وموسمية؟ هل أن ذلك يعود لتصرف محكم في الانتاج؟ هل أنه الاستعداد لشهر رمضان وما يتطلبه من عرض وفير نتيجة الاستهلاك الذي تقدر الاوساط الرسمية حجمه بما يناهز 30 في المائة؟ هل أنها قراءات مختلفة من طرف الفلاحين والمزودين في التعامل مع السوق واغتنام للفرص قصد الترفيع في الاسعار تحت غطاء التقتير في تزويد السوق حاليا ريثما يرتفع الطلب وتكون الامكانيات مواتية للترفيع في الاسعار؟ أسئلة كثيرة جالت بخاطرنا حول ما تميزت به حركة السوق من تراجع في العرض والحركة داخله، فاتجهنا بها لتجار التفصيل داخل هذه الاسواق، لعلهم وهم العارفون أكثر من غيرهم بالأمر يجيبون عن أسئلتنا. عوامل عديدة ومتنوعة ساهمت في تراجع حركة السوق يجمع العديد من التجار الذين توجهنا لهم بهذه الأسئلة على أن تراجع الحركة له اسباب كثيرة. فيشير البعض منهم الى أن تراجع السوق طبيعي باعتبار الصيف والاصطياف والاكتفاء بما قل من الخضر والتركيز على الغلال. ويؤكد البعض الاخر على أنهم اعتادوا على تراجع الحركة خلال هذه الفترة مما يجعل بعضهم يغلق محله لأخذ نصيب من الراحة، وبناءا على هذا فإنه من الطبيعي أن تتراجع الحركة داخل السوق. أما بعض التجار الآخرين فإنهم يذهبون بالقول الى أن تاجر التفصيل المختص في الخضر والغلال، محكوم بحلقة توزيع، وهو آخر من يتحكم في العملية، إذ أن توجهه لسوق الجملة لا يعني في العموم تزوده بكل المواد باعتبار أنه يقتني أولا الحاجة التي يقدر على تصريفها صيفا، ثم التي تتوفر بشكل عادي. أما الرأي الاخير الذي أجمع عليه عدد هام من التجار فإنه يربط ظاهرة تراجع حركة السوق والعرض بتصرفات تجار الجملة والفلاحين. ويؤكد هؤلاء أن هذا الواقع بات معتادا لديهم أياما قبل رمضان، حيث يعمد الفلاح الى التحكم في العرض حد التقتير أحيانا، ويتبعه في ذلك تاجر الجملة الذي يعمد أيضا الى التخزين قصد ضخ هذه السلع في رمضان باعتبار امكانية ارتفاع الاسعار وتطور الطلب أيضا. ويعلق بعض تجار التفصيل على هذه الظاهرة بأنها قد اصبحت بمثابة القاعدة في التعامل قبل بداية رمضان ويؤكدون على أنها غير سليمة بالمرة، وتربك حركة السوق، وهي أيضا لا تخلو من التظليل حول الامكانيات المتوفرة من المعروضات. ويبرز البعض الاخر أنها مظاهر احتكارية مقنعة يتستر بها البعض تحت تراجع الطلب في مثل هذه الايام أو النقص في الانتاج. ويعلق بعضهم على هذا التصرف بشكل ساخر مشيرا الى أنه كيف تنقلب الامور وتغص السوق بمعروضات هذه المواد مع بداية رمضان أو قبله بيومين او ثلاثة متسائلا من أين تأتي تلك الكميات الكبيرة التي تغمر السوق؟ وهل انتجتها الارض بين عشية وضحاها أم لفظتها المخازن عند الحاجة؟