دعا السيد علي العريض رئيس الحكومة في حديثه أمس لعدد من الإذاعات المحلية إلى تغليب لغة «التجميع» وليس «التفريق» كما جدّد تعهده بإنهاء المرحلة الانتقالية في موفى السنة الحالية. وفي واقع الحال فإن الأمرين مرتبطان ارتباطا وثيقا. فالتجميع أو في كلمة أخرى التوافق هو الضامن لإنهاء المرحلة الانتقالية في أقصر وقت ممكن. فهذه المرحلة التي طالت أكثر من اللزوم فتحت بابا لحالة من الانفلات والاحتقان في البلاد وأيضا لسلسلة من الألاعيب «السياسوية»الخطيرة كانت لهما انعكاسات خطيرة على كل أوجه الأمن العام وبالأخص منها الاجتماعي والاقتصادي مما وضعها أي البلاد مرارا على حافة منزلقات خطيرة وحتى انفجارات نجحت في تفاديها في آخر لحظة. وهو أمر يحسب لشعبها ولطبقتها السياسية رغم كل شيء أي رغم كل المآخذ والهنات. إلا أن إنهاء هذه المرحلة في أقرب وقت ممكن وتفاديا للمزيد من الهزات وحتى تتضح الرؤية لعموم المواطنين ولمختلف الفاعلين وبالأخص منهم الاقتصاديون أي المستثمرون التونسيون والأجانب يتطلب تغليبا للعقل وخصوصا حسا وطنيا يرقى على كل الحسابات الحزبية والمطامح الشخصية. وهو ما يمثل المدخل الوحيد للتوافق والوفاق أي لل»تجميع» عوض التشتت والانشقاق. فالمرحلة الحالية التي ضاع القسم الأكبر منها في المشاحنات والصراعات السياسوية التي تغذّي القسم الأكبر منها وعلى حساب الوطن والمصلحة العامة لعموم المواطنين حسابات المواعيد الانتخابية القادمة، من جميع الأطراف داخل السلطة الحاكمة وخارجها كان مقيضا لها أن تكون فترة وضع الأسس أي بناء مؤسسات «الفترة الدائمة» وبالتالي أن يكون الوفاق قاعدة لها ومنطلقا وهو ما لم يحصل. وما محاولات إرساء آليات أو صيغ ل»حوار وطني» التي تعددت وتواترت إلا اعترافا ضمنيا بفشل وبقصور على أكثر من صعيد، ومحاولات متجددة لتدارك هذا الاخلال الذي يكاد يرقى إلى تنكّر للالتزام الأخلاقي أمام الشعب إثر انتخابات 23 أكتوبر من قبل جميع الأحزاب الممثلة في التأسيسي مهما كان حجمها. إن «التجربة المصرية» حتى ولئن تبين واضحا وجليا أنها غير قابلة للاستنساخ في تونس رغم المحاولات اليائسة لبعض الأطراف في سبيل ذلك فإنها ماثلة أمامنا لنستخلص منها أهمية التوافق أي التجميع في تجاوز مختلف المطلبات وخطر المنزلق الذي يمكن أن تؤدي إليه الصراعات العبثية حول السلطة المفتقدة إلى مكابح الوطنية والصالح العام.