وزراء خرجوا من «باب» التحوير الوزاري ليعودوا من «شباك التعيين» في الدواوين.. 2866 منتدبا ينتمون إلى «الترويكا» 91 % منهم لديهم خلفية سياسية من مجموع 3219 انتدابا.. أدلى علي العريض رئيس الحكومة المؤقتة مؤخرا بتصريح اذاعي تناول فيه جملة من المحاور المتعلقة بالوضع الراهن الذي تعيشه بلادنا سواء سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا أو أمنيا اضافة الى حديثه عن التوافقات ومبادرة الحوار الوطني وتحديد سقف زمني لاجراء الانتخابات واستغلال حركة "تمرد" كورقة ضغط على الحكومة والتصدى لظاهرة غلاء المعيشة وغيرها من المواضيع الهامة التى تؤرق المواطن التونسي خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية الحالية. من بين الملفات والمواضيع الحساسة التى تؤرق الراي العام و التى تطرق مؤخرا اليها مسألة التعيينات والتسميات في الادارة التونسية حيث ذكر رئيس الحكومة المؤقتة خلال التصريح الاذاعي حول التعيينات الأخيرة "أنّ هناك تعيينات انتفع بها جزء من المنتفعين بالعفو التشريعي العام حسب المستوى والشهادة والكفاءة." أما بخصوص الولاة والمعتمدين أفاد رئيس الحكومة أنّه لا يتم التعامل معهم على أساس لونهم السياسي فمن شروط التعيين هو التخلي عن الانتماء الحزبي أو إلى أي طرف سياسي وكل من لم يكن كفئا يقع تغييره وقياسا على ذلك المعتمديات أو الشركات لأن المعايير في التعيينات تكون على أساس الكفاءة والنظافة التي تطلبّ عدم الاندراج إلى الوراء و الرجوع إلى الخلف. ولئن اعتبر رئيس الحكومة ان التعيينات الاخيرة تمت على أساس الكفاءة والحياد في اطار الشفافية و النزاهة وانتفع بها المشمولين بالعفو التشريعي العام فإن بعض المتابعين والسياسيين يرون ان تصريح العريض فيما يخص التعيينات والانتدابات ومجمل شروطها لم يحمل في طياته الجديد على اعتبار ان التعيينات الاخيرة في المرفق العمومي شمل انتداب وتعيين مقربين من الترويكا الحاكمة في خطط وظيفية في الادارة التونسية بقطع النظر عن الكفاءة والخبرة والتجربة. تعيين المقربين وأكد رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني في تصريح ل"الصباح" ان الترويكا حريصة على تعيين أعضاء مقربين منهم وهو ما اعتنرف به رئيس الحكومة المؤقتة بخصوص التعيينات الاخيرة في الادارة التونسية، فهناك سعي الى اغراق الادارة بهذه التسميات والتعيينات واثقال كاهل ميزانية الدولة. واعتبر ان تواصل ظاهرة التعيينات والتسميات التي تشمل مستشاريين ومكلفيين بمأموريات ومكلفين بمهام بالدواويين الوزارية والحكومية والرئاسية على أساس المحاصصة والولاءات الحزبية مشيرا الى ان التعيينات الاخيرة من شأنه اغراق رئاسة الحكومة خاصة بعد تعيين أكثر من 14 مستشار ومكلف بمهمة هذا بالاضافة الى عدد المستشارين الذين وقع تعيينهم خلال حكومة الجبالي. بين باب التحوير الوزاري وشباك التعيين واضاف الهاني ان عدد المستشارين بين حكومتي الجبالي والعريض بلغ قرابة 50 شخصا وهو ما يعد حكومة موازية حسب تعبيره مبينا ان البعض منهم كفاءات وأصحاب خبرة وتجربة في اختصاصاتهم والباقي لا كفاءة تذكر لديهم وتم تعيينهم على أساس الترضيات والمحاباة الحزبية. وقال ان الوزراء الذين خرجوا من باب التحوير الوزاري عادوا من شباك التعيين في الدوواين مثل رياض بالطيب الوزير السابق في حكومة الجبالي الذي عين مستشارا برتبة وامتيازات وزير اضافة الى سليم بسباس كاتب الدولة للمالية سابقا الذي عين مستشارا للعريض برتبة وامتيازات كاتب دولة. وقدم الهاني بعض التعيينات الواردة في الرائد الرسمي على غرار ما تضمنه الرائد الرسمي عدد 57 السنة 156، بتاريخ 16 جويلية 2013بمقتضى أمر عدد 2827 لسنة 2013 مؤرخ في 9 جويلية 2013 تسمية أسامة بوثلجة مكلفا بمأمورية بديوان رئيس الحكومة ابتداء من 19 جوان 2013 وكذلك الأمر عدد 2828 لسنة 2013 مؤرخ في 9 جويلية 2013 وتسمية محمد السعيدي، مستشار بالمحكمة الإدارية، مكلفا بمأمورية بديوان رئيس الحكومة ابتداء من أول جوان 2013 و الأمرعدد 2829 لسنة 2013 مؤرخ في 9 جويلية 2013 المتعلق بتسمية محمد بن نصر مستشارا لدى رئيس الحكومة ابتداء من 19 جوان 2013. واضاف ان التعيينات و التسميات تمت على أساس المحاصصة الحزبية والولاء السياسي في الوزارة الاولى هو بمثابة اشارات سلبية لباقي الوزارت التى بدورها نسجت على منوال رئاسة الحكومة وقامت بنفس التعيينات في الدواوين ،اضافة الى التعيينات في ديوان رئيس الجمهورية دون نسيان ان بعض مستشاري وزير الخارجية السابق مازالوا الى حد اللحظة يتقاضون راتبا وامتيازات دون ممارسة المهام الموكولة اليهم وبناء على احصائيات مؤسسة المجد للدراسات الاستراتيجية قال الهاني انه انطلاقا من متابعة الرائد الرسمي ومن ميزانية الدواوين الوزارية في سنة 2013 ثبت وجود أكثر من 50 مستشار ومكلف بمهمة لدى رئاسة الحكومة وقرابة 200 مكلفين بمهام موزعين على 24 وزارة. وانتقد الهاني رئيس الحكومة المؤقتة فيما يتعلق بالتعيينات والتسميات في المؤسسات العمومية قائلا ان الادارة التونسية لا تعمل بالنوايا او للتعليمات الشفوية بل تعمل وفق النصوص المكتوبة من مناشير والى حد الان لم نعلم بصدور منشور من رئاسة الحكومة يلزم الولاة والمعتمدين بواجب الحياد التام كما ينص عليه القانون الاساسي لسلك الولاة و المعتمدين الصادر بألامر المؤرخ في 21 جوان 1956 والذي ينص صراحة على منع المنتسبين للسلك من عضوية اي هيئة حزبية او تجارية أو دينية. 2866 ينتمون الى الترويكا وعلى صعيد اخر اوضح عبد القادر اللباوي رئيس الإتحاد التونسي للمرفق العام و حياد الإدارة ان من مهام الاتحاد الدفاع عن حياد الإدارة وحماية الأعوان العموميين وتقييم أداء المصالح العمومية في علاقة بطالب الخدمة وبالسلط السياسية ورصد الاخلالات أو التجاوزات التي لها مساس بالمصلحة العامة أو بمصالح طالبي الخدمة العمومية وبالتالي نرفض ان تكون الادارة رهينة الولاءات والمحاباة. وذكر اللباوي ان الاتحاد قام بدارسة على التعيينات والانتدابات الاخيرة في الوظيفة العمومية وتفيد بعض الاحصائيات ان عدد من العمد ينتمون للنهضة ولهم ولاءات سياسية وقد اثبتت ان 284 من العمد انتموا لحركة النهضة او توجهاتهم وميولاتهم قريبة منها. وفيما يتعلق بالدراسة أكد اللباوي ان العينة أخذت من 3219 انتداب تمّ على قاعدة احكام قانون المشمولين بالعفو التشريعي العام وكشفت ان أكثر من 638 شخص معدل أعمارهم بين 48 و50 سنة وما يعنيه من تبعات سلبية على مستوى مردودية المرفق العمومي وتأقلم المتمتعين بالعفو في الادارة العمومية والتقاعد والحيطة الاجتماعيو وبالتالي لابد من التعويض لهؤلاء دون الاضرار بالشأن العام وبالمرفق الذي أمن استمرارية المرفق العمومي. وذكر اللباوي ان 294 شخصا من العينة المجراة تبين انهم يديرون مشاريع وشركات خاصة وما قد ينتج عنه خروقات قانونية في مجال الانتداب في الوظيفة العمومية الى جانب ان 2866 شخص اثبتت العينة انهم ينتمون الى الترويكا و91% لديهم خلفية اسلام سياسي وليس خلفية اسلامية باعتبار ان كافة أطياف الشعب التونسي ذات خلفية اسلامية منشأ وحضارة وتربية وأخلاق. وفي نفس السياق وبخصوص ظاهرة التعيينات في المؤسسات العمومية نشرت مؤخرا إحدى الصحف الأسبوعية خبر مفاده ان الادارة التونسية شهدت تعيين العديد من المنتسبين لحركة النهضة والتيارات السلفية الحاق عناصر متشددة بالوظيفة العمومية من المتمتعين بالعفو التشريعي العام. عدم احترام خصوصية المؤسسة التربوية بدوره حمّل لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي المسؤولية إلى حكومة العريض والمجلس التأسيسي في ظل تراجع مردودية الادارة التونسية وخاصة المؤسسات التربوية بعد التعيينات الأخيرة التى شهدها القطاع والتى لم تكن في اغلبها على الكفاءة بل كان في اطار إرضاء لأنصار السلطة الحاكمة في قطاع التربية والتعليم. واضاف اليعقوبي في تصريحه ل"الصباح" ان التشغيل شعار مركزي للثورة وحق لكل التونسيين ومن الضروري ان يكون التعاطي معه بمعزل عن التجاذبات السياسية خاصة وأن شباب تونس من حاملي الشهائد العليا وبعد أقل من 3 سنوات من ثورة 14 جانفي يدفعون ضريبة التعيينات والتسميات بعنوان الولاء الحزبي والمحسوبية والمحاباة وان الحكومة الحالية سائرة بنهج الحكومات السابقة والنظام السابق في مجال التشغيل. وقال ان مسألة التعيينات مغلفة بقانون العفو التشريعي العام بعد المصادقة عليه من المجلس التأسيسي وقد بلغ عدد المنتدبين بوزارة التربية بين 1000و1500 شخص من المتمتعين بالعفو التشريعي العام. وفي تعليقه حول مسالة تعيين شباب سلفي مورطين في قضايا حق عام و إرهاب والحاق عناصر متشددة بالوظيفة العمومية بيّن اليعقوبي بانه ليس هناك اثباتات على صحة الاخبار مؤكدا انه هناك اخبار تشير الى الى تعيين احد السلفيين المتشددين في وزارة التربية حي اشار الى انه بعض المتمتعين بالعفو العام الذين تم انتدابهم في الوزارة لا يملكون شهادات تخول لهم التدريس ومستواهم التعليمي دون المستوى وما قد ينتج عنه من نتائج عكسية في الفضاءات التربوية مستقبلا.