تونس – الصباح الأسبوعي من الرائع جدا أن تكون استجابة الشعب المصري إلى الاحتجاجات المناهضة للإرهاب والداعمة للجيش والتي دعا إليها الفريق عبد الفتاح السيسي بذلك الزخم وأن يحتل المصريون الميادين والشوارع مقدمين صكا على بياض إلى الجيش المصري ليضرب بقبضة من حديد في وجه أعمال العنف والإرهاب التي تهدد مصر.. ولكن خلف هذا المشهد الرومنسي حقيقة لا يمكن نكرانها، بأن تصحيح مسار الثورة الذي حدث يوم 30 جوان الماضي أو الانقلاب العسكري كما يحلو للبعض تسميته أمر واقع غير مجريات الأمور وعكس إرادة شعبية حقيقية ترى في أنّ الشعب الذي جرب حكم الإخوان لمدة سنة كاملة ضاق بهم ذرعا ولم يعد يريد أن يرى إلا مغادرتهم للكراسي والقصور إرادة شعبية لم تفرزها صناديق الاقتراع بل أفرزها الشارع بما فيه من زخم وبعيدا عن كل التحليلات والمسميات يبقى الشعب صاحب الكلمة الأخيرة إن كان ذلك عبر المظاهرات أو عبر صناديق الاقتراع. الحقيقة التي تقف خلف هذا المشهد الرومنسي هي حقيقة الإقصاء «شيطنة الإخوان» لا يمكن أن تكون ثورة ما ناجحة وهي تقصي فصيلا بأكمله ولا يمكن للديمقراطية أن تبنى على منطق الجيش والشعب ضد الإخوان. إنّ الإخوان المسلمين ولمدة عام كامل في السلطة في مصر مارسوا نفس السياسات الإقصائية القائمة على تكفير المعارضين وتشويه صورتهم الإعلامية ولا يمكن أن يقف اليوم الجيش المصري والإعلام المصري والشعب المصري في وجه الإخوان كجسد يحاول أن يلفظ قطعة منه قد يرى البعض أن اليد المريضة إن بترت فإن في ذلك الخير لصحة الجسد ولكن السياسة القائمة على البتر والإقصاء لن تفرز إلا مزيدا من العنف والتجاذبات التكفير والتكفير المضاد في دولة ديمقراطية من حق أي كان أن يكون ليبراليا أو إسلاميا أو سلفيا طالما أنه لا يستخدم العنف وإذا دخلنا في توصيف الليبرالي بالكفر والإسلامي بالإرهاب فإننا نضع لبنات جديدة في صرح الفرقة والفوضى ونبتعد خطوات عريضة عن تحقيق الديمقراطية. لذا يظهر تيار يطلق على نفسه الميدان الثالث في مصر يرفض حكم الإخوان ويرفض حكم العسكر فهل سيترك العسكر القصر بسهولة؟ هل سيكون في العنف أو "الإرهاب" أو بريق السلطة؟ ما يكفي لهم من الاسباب حتى يبقوا في الحكم؟ الرقم الصعب من الصعب جدا أن تغادر المؤسسة العسكرية السلطة في مصر فهي ستبقى دائما رقما في اللعبة ولن يعود الجيش إلى ثكناته حتى وإن تخلى عن الكرسي يعيش الجيش المصري حالة من التأييد والشعبية التامة وهي الاهم في تاريخه وليس من المنطقي أن يترك كل ذلك ويمضي ولكن الأهم من كل ذلك أن التحديات التي تفرضها المرحلة الحالية خاصة على المستوى الأمني وتزايد الانفلات في سيناء قد تزيد مبررات بقاء الجيش ستحدد الاسابيع القادمة الكثير في مستقبل الحياة السياسية المصرية لكنّ أي رئيس قادم لن ينسى أبدا ما حدث في 30 جوان 2013.. أي رئيس قادم سيدرك جيدا أن محاولة تقزيم الجيش لن تنجح.. وأن المعادلة الوحيدة التي يمكن أن تنجح في مصر هي أن يقبل العسكر في اللعبة ان رضي بذلك المدنيون أو لم يرضوا