استعرضت سهام بن سدرين في الجزء الأول من مقالها هذا مسؤولية «الترويكا» في الوضع المتأزم الذي تعرفه البلاد وهي تستعرض في هذا الجزء الثاني مسؤوليات المعارضة وتقترح حلول الخروج منها المعارضة غير ناضجة سيطر على المعارضة تدريجيا هاجس أعمى لإسقاط الحكومة ولم تلتزم بالمسار الثوري الانتقالي وبقيت سجينة الاستقطاب الثنائي بدعم صريح من مؤيدي النظام السابق التباينات التي فصلت مؤيدي ومعارضي المجلس الوطني التأسيسي ما قبل انتخابات 2011، تحولت الى تحالفات مع رموز النظام السابق وانتهجت استراتيجية الأرض المحروقة فساندت الاضرابات العشوائية والمطالب المفرطة التي أثقلت كاهل الاقتصاد وساهمت في هشاشته في أوائل جويلية، وقبل اغتيال الشهيد البراهمي، نادت قيادات "الجبهة الشعبية" التونسيين باستنساخ التجربة المصرية في الانقلاب العسكري على السلطة التي افرزتها صناديق الاقتراع، وبحل المجلس الوطني التأسيسي وتعويضه ب"هيئات شعبية" مشبوهة، وبذلك كشفت الجبهة عن استخفافها بسيادة الشعب وضعف إيمانها بدولة القانون ما انفك حزب "نداء تونس" من جهته ومنذ شهر فيفري يدفع البلاد نحو المواجهة والفراغ المؤسساتي في عملية توظيف غير لائق لاغتيال الشهيد شكري بلعيد وهو ما يهدد بالانزلاق نحو الاستبداد، فقد شجّع على أضعاف الدولة وبالتالي انتشار الشبكات الموازية والمافيا التي خربت الاقتصاد وهكذا ينكر هؤلاء على الشعب حقه في ممارسة سيادته من خلال صناديق الاقتراع، ويستبدلونه بمنطق وصاية "نخبة مستنيرة" تدرك مصلحة الشعب أكثر منه وتحل محله في اخذ القرار فإنهم بهذا المنطق يخونون أهداف الديمقراطية ويغلبون شبح الدكتاتورية فهل أن تفكيك مؤسسات الدولة وإحداث الفوضى يساعدان على كشف الحقيقة في جريمة قتل محمد براهمي وشكري بلعيد؟ أملنا كبير في التونسيين الذين سوف يتحركون لرفض مخططات أولئك الذين يدفعون بتونس إلى الحرب الأهلية، تونس بحاجة إلى أن تتيقّظ لحماية الوطن من مخططات أعداء الديمقراطية ومواصلة بناء المؤسسات الديمقراطية ولذلك يجب: 1 على الحكومة أن تتحلى بالشجاعة لاتخاذ مبادرة تعيد الثقة وتنقذ البلاد من تصاعد العنف كما يجب عليها استخلاص نتائج فشلها والاستقالة لإنقاذ الدولة وتشكيل حكومة توافقية جديدة قادرة على ضمان استمرار عملية بناء الديمقراطية حتى الانتخابات. 2 على المعارضين البحث عن وسيلة للخروج من الأزمة من خلال الحوار وحماية مؤسسات الجمهورية يجب علينا جميعا المحافظة على تونس أكثر من أي وقت مضى والاتعاظ من التجربة المصرية التي شهدت "ديمقراطيين" يلعبون دور مساعدين للجيش وهو ينفذ مجزرة في حق المتظاهرين ويغلق وسائل الإعلام الناقدة لهم نحن في أمس الحاجة الى تجاوز تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين لاستئناف عملية الانتقال الديمقراطي وإنقاذ بلادنا