تسارعت الأحداث المؤسفة في بلادنا، خلال الفترة الأخيرة..فبعد اغتيال منسق التيار الشعبي محمد البراهمي، تلاه الإعتداء الإرهابي الشنيع الذي أودى بحياة 8 من جنود جيشنا الوطني يوم الإثنين بجبل الشعانبي.. ومع ارتفاع نسق الأحداث، تتواتر الأخبار وتتسابق وسائل الإعلام في سبيل الحصول على المعلومة..وهو ما جعل بعض الإعلاميين يسقطون في فخ الإشاعات والإخلالات المهنية التي يرقى بعضها إلى الخطير.. ويطرح خبر تبادل إطلاق النار مع 4 إرهابيين والقبض عليهم في جبل الشعانبي والذي تداولته مختلف وسائل الإعلام نقلا عن إذاعة خاصة..نفت لاحقا أن تكون قد نشرت هذا الخبر..تساؤلات عن الهدف من ترويج مثل هذه الأخبار في هذا الظرف الدقيق.. وللوقوف على جسامة الإخلالات الإعلامية الحاصلة خلال الأزمة الأمنية والسياسية الأخيرة، ومدى تأثيرها على المسار العام للبلاد، حملنا هذه الأسئلة إلى مختصين في المجال الإعلامي. وفي هذا الإطار قالت راضية السعيدي عضو العيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن الهيئة سجلت تجاوزات إعلامية خطيرة في ظرف أسبوع، وقد تم توجيه رسائل توبيخ لعدد من وسائل الإعلام التي لم تحترم أخلاقيات المهنة و تورطت بأشكال مختلفة في نشر أخبار كاذبة، وساهمت في بث الفتنة وزعزعة الأمن العام للبلاد.. ودعت الهيئة الصحفيين إلى الرجوع إلى المصادر الموثوقة لاستقاء المعلومة والإبتعاد عن الإنحياز لطرف سياسي على حساب آخر.. وأقرت السعيدي باستغلال بعض الجهات السياسية للوضع الحالي لنشر الفوضى عبر توظيف وسائل الإعلام العمومية والخاصة..خدمة لأهداف سياسية. تجاوزات خطيرة أقر محمود الذوادي رئيس مركز تونس لحرية الصحافة بوجود العديد من التجاوزات التي رافقت اغتيال محمد البراهمي وحادثة اغتيال عناصر من الجيش الوطني..وعمدت بعض المواقع والصحف الإلكترونية إلى نشر معلومات وصور غير دقيقة ضعيفة السند والمصدر ساهمت في نشر الإشاعات والأخبار الزائفة.. معتبرا أن نشر صور الجنود في جبل الشعانبي هو اعتداء صارخ على الذات البشرية، لا يمت للمهنة الصحفية بعلاقة. وأشار الذوادي إلى رصد تجاوزات في وسائل الإعلام المرئية..مؤكدا على خطورة هذه الإخلالات المتمثلة خاصة في التحريض المباشر على العنف وبث الفتنة بين المواطنين وهي تجاوزات ترقى إلى الفعل الإجرامي، كونها تمس بالأمن العام والسلم الأهلية.. وذكر رئيس المركز في هذا السياق، بخطورة ما تمارسه إحدى القنوات التلفزية المعروفة والتي ليست لها صبغة تجارية من تحريض واستعداء ونشر للفتنة بين المواطنين..مستغلة تعاطف الصحفيين معها في فترة سابقة.. وطالب الذوادي أصحاب المؤسسات الإعلامية بعدم التورط في الصراعات السياسية والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطياف الحزبية.. تنديد بنشر صور جثث الجنود من جهتها دعت النقابة الوطنية للصحفيين، الإعلاميين إلى الإبتعاد عن نشر الأخبار الزائفة والصور المفبركة، ونقل المعلومة بكل موضوعية وحياد.. وفي هذا السياق أكد عضو النقابة عادل البرينصي وجود تجاوزات خلال تغطية الصحفيين لأحداث الشعانبي واغتيال محمد البراهمي.. وقال:" نشطت المواقع الإلكترونية في بث الأخبار سمينها وغثها، غير آبهة بأخلاقيات العمل الصحفي..وتبعتها في ذلك بعض وسائل الإعلام الرسمية ونخص بالذكر القناة الوطنية الأولى التي بثت صورا لجنودنا الذين استشهدوا في الشعانبي..وهو عمل غير مهني وخرق واضح لحقوق الإنسان..كما سجلنا تجاوازات من قبل إذعات وتلفزات خاصة، والتي استضافت ابنة الشهيد محمد البراهمي وهو ما يتنافى مع أخلاقيات الصحافة." كما أكد البرينصي حرص النقابة على ضبط التجاوزات حيث دعت الصحفيين في البرامج التلفزية والإذاعية إلى عدم السماح لضيوفهم بالتحريض على العنف والكراهية وقطع تدخلاتهم في هذا الإطار مع الدفع في اتجاه النقد البناء والعمل على الارتقاء بالخطاب الإعلامي..في هذا الوضع السياسي والأمني المضطرب.