لم تثن الظروف والمعطيات التي جدّت على الساحة السياسية النواب المنسحبين عن مطالبهم بل زادتهم إصرارا للمضي قدما والتمسك بمطالبهم دون التراجع عن أيّ سقف ما لم توضح حركة النهضة ولم تفصح بشكل جديّ عن موقفها من حل الحكومة ففي ندوة صحفية نظمها النواب المنسحبون ظهر أمس تمّ الإعلان النهائي عن موقفهم الذي لم يتغير منذ قرار تنفيذ اعتصام الرحيل وذلك بمواصلة الاعتصام وبتقديم برنامج أسبوع الرحيل كرسالة صمود من أجل تحقيق مطالبهم وأساسها حل الحكومة الحالية والمجلس الوطني التأسيسي. فقد شدّد النائب خميس قسيلة على أن النواب المنسحبين واعون كل الوعي بمسؤوليتهم الوطنية أمام الوضع الذي تشهده البلاد خاصة وإصرارهم المتواصل على إنقاذها والخروج بها من الأزمة الحالية، فلقاؤهم بوداد بوشماوي رئيسة منظمة الأعراف إلى جانب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي أول أمس زادهم تشبثا بموقفهم وأمام إصرار النواب غير المنسحبين على مواصلة أشغال اللجان كان الردّ بضرورة حل التأسيسي حيث أكد قسيلة "أن للنواب المنسحبين من المسؤولية والقدرة على تقديم المقترحات يبقى الحل الجذري في توفر الإرادة من كل الأطراف خاصة ممن بيده مفتاح الباب المقفل وهي حركة النهضة" ولذلك لا تراجع ولا تفريط في أيّ مطلب من المطالب خاصة في ظل المواقف المتواترة عن حركة النهضة وقيادتها والتي اعتبرها النواب المنسحبون لا تصبّ إلا في خانة المناورات الجديدة للحركة "التي تسعى من خلالها إلى ربح الوقت الذي يخدم مصالحها لا مصالح البلاد المهددة".. فقد أقرت رئيسة منظمة الأعراف في لقائها بعدد من النواب المنسحبين نقلت صداه النائبة ريم محجوب بأن "الوضع اليوم خطير جدا وأن تونس على مشارف الإفلاس" فهذه الحكومة على حدّ قولها، "لم تهتمّ بمشاكل الاقتصاد وبهموم المواطنين ومشاغلهم بل كان لوزرائها هاجس وحيد هو تأمين مصالحهم الحزبية".. في ذات السياق استعرض النائب منجي الرحوي الرصيد الحاصل على خلفية كل هذه الخطوات وهذا القرار الأخير من قبل حركة النهضة وقياداتها وهو توسيع رقعة اعتصام الرحيل مضيفا أن الوضع السياسي الحالي برهن على العزلة السياسية التي أضحى عليها الحزب الحاكم أما في ما يخص دواليب الدولة ومؤسساتها فقد أصبحت معطلة ومشلولة فالسلطة لم تعد قادرة على إصدار أيّة قرارات بما فيها المجالس الوزارية؛ وجل البرامج الإصلاحية التي تحصلت من أجلها تونس على قروض متوقفة فلهذه الأسباب وردا على "مناورات حركة النهضة بربح الوقت وتقسيم المعارضة" ستطلق اليوم حملة "ارحل" بتنظيم مسيرة شعبية تنطلق على الساعة السادسة مساء من ساحة باب سعدون في اتجاه اعتصام الرحيل باردو ستليها برمجة ثقافية على عين المكان.. وفي سياق آخر وتحت قبة المجلس الوطني التأسيسي اعتبر النائب مهدي بن غربية عن التحالف الديمقراطي في تصريح أدلى به بعد لقاء جمعه صحبة نواب آخرين برئيس المجلس مصطفى بن جعفر بأن بيان حركة النهضة ومبادرتها "يقدّرها التحالف على أنها خطوة في الطريق الصحيح ولا بدّ في هذا الإطار من نزع كل الغموض الذي اكتنف بعض تصريحات قيادات النهضة مع أن البيان كان واضحا".. وأضاف بن غربية أن "التحالف ليس لديه أيّ مواقف إيديولوجية تجاه أيّة قضية وقد قلنا سابقا نحن ضدّ حل المجلس الوطني التأسيسي باعتبار أن هذه الخطوة هي خطوة نحو الفراغ لكن أعلنا انسحابنا إلى حين تحقيق جملة من المطالب".. مؤكدا أنه "اليوم نقدر أن هناك تقدما نسبيا نحو هذه المطالب وبالتالي لا بدّ من أن تفضي الحوارات الحاصلة بين المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف والفرقاء السياسيين إلى إزاحة الغموض الذي رافق بيان حركة النهضة وقبول مبدإ استقالة الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية وهذا ما سيفتح باب الحوار فقد آن الأوان اليوم لإنهاء الأزمة السياسية في تونس وهذا لا يكون إلا بتعقل كل الأطراف كما نتمنى أن تكون خطى حركة النهضة ثابتة ولا تكون مجرّد مناورة ونحن دائما نسبق حسن النية بالرغم من أزمة الثقة الحالية" ولهذا "سنسعى إلى إقناع زملائنا في المعارضة للقيام بخطوات في هذا الاتجاه وبمجرد تحقيق هذه المطالب أو التقدم جليا في تحقيقها قد يكون بالإمكان لنواب التحالف الديمقراطي من العودة إلى التأسيسي"