ما من شك أن الأزمة التي لانزال نعيش والتي ما فتئت تتعمق وتلقي بظلالها على المشهد الوطني فتربكه اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا هي في جانب منها سياسية بالأساس.. أزمة تداخلت فيها أحيانا الحسابات الحزبية الضيقة لجميع الأطراف دون استثناء (في الحكم والمعارضة) مع طموحات مشروعة في تصدّر «المشهد» وطنيا وفي أحقية الاضطلاع بشرف «قيادة» مسيرة بناء الدولة التونسية البديلة.. دولة ما بعد الثورة.. التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة وما انجر عنها من محاذير اجتماعية واقتصادية وأمنية تكاد تعصف اليوم بأهم مكسب ثوري على الإطلاق متمثلا في عملية الانتقال الديمقراطي غير المسبوقة اقليميا وعربيا التي أطلقها الشعب التونسي بتاريخ 23 أكتوبر 2011.. هي التي باتت تستدعي بل تحتم الأخذ بحلول سياسية وطنية وفاقية وشجاعة تقطع مع كل تفكير «سياسوي» ضيق وبائس بما يعنيه من تعصب ايديولوجي وضيق نظر سياسي.. ربما لن يكون من باب التفاؤل الساذج القول رغم سوداوية «الصورة» بأن هناك بوادر «انفراج» بدأت بالفعل تلوح في فضاء المشهد السياسي الوطني... انفراج قد يبلغ مداه ويؤتي أكله خاصة إذا ما توسعت دائرة الإقبال على «الآخر الوطني» التي أطلقها بكل شجاعة كلّ من رئيس حركة النهضة ورئيس حركة «نداء تونس» لتشمل كل الأطراف تحت «خيمة» التوافق الوطني بعيدا عن أية نزعة تخوين أو تشكيك في النوايا... أو رغبة في الإقصاء. راهنا،،، هناك أولويات أمنية واقتصادية عاجلة وملحة لابد من الوقوف عندها وأن يتم التعاطي معها سياسيا واجتماعيا من منطلق وطني مسؤول نظرا لانعكاساتها الخطيرة والمصيرية لا فقط على سلامة المسار الديمقراطي بل وأيضا على الوطن والأجيال.. السيد علي لعريض وهو يؤكد في ندوته الصحفية أمس على ضرورة الوعي بهذه الأوليات الأمنية والاقتصادية والمالية وعلى ضرورة استكمال المرحلة التأسيسية إلى حين في إطار مؤسسات دولة الثورة وبعيدا عن أي شكل من إشكال الفراغ أو الإرباك إنما يدعو في الواقع الجميع إلى «الاعتصام» بحبل الواقعية السياسية درءا لأية أخطاء وحماقات مقصودة أو غير مقصودة قد ترتكب في حق الثورة والشهداء وبالتالي في حق الوطن والأجيال لا قدر الله