تونس - الصباح: في ظل التحولات الاقليمية والدولية,كان لا بد لبعض الدول العربية أن تدخل بدورها في شراكات وتحالفات لضمان تواصل معاملاتها الاقتصادية والتجارية مع بعض الدول والاقاليم الاخرى التي تفرض تحالفاتها التعامل المباشر فيما بينها والتضييق على البقية. ومن بين التحالفات الاقليمية التي كان يرجى منها الكثير اتفاقية برشلونة التي تجمع الدول المتوسطية الاوروبية منها والعربية وكذلك اسرائيل. ومن بين هياكل ومؤسسات هذه الاتفاقية انبثقت اتفاقية أغادير التي جمعت اربع دول عربية بالاتحاد الاوروبي.وقد اسندت الامانة العامة لهذا الهيكل للدبلوماسي التونسي ورجل الاقتصاد السيد فريد التونسي الذي كان لنا معه في بروكسيل هذا الحوار بمناسبة منتدى الاستثمار الاول لبلدان اتفاقية أغادير. * في ظل التحالفات الإقليمية المتعددة نشأت اتفاقية أغادير.فهل بإمكانكم أن تقدوا لنا لمحة عن هذه الاتفاقية,مكوناتها ,أهدافها ,وواقعها؟ - اتفاقية أغادير هي الاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر تضم مصر والأردن والمغرب وتونس والهدف منها هو وضع كل التراتيب لحرية تنقل السلع الصناعية والفلاحية ,وفي مرحلة ثانية تحرير الخدمات بين البلدان الأربعة التي تعتبر متقدمة في تعاملها مع الاتحاد الأوروبي ولها اتفاقيات ثنائية معه. و لهذه الاتفاقية خصوصيات أهمها أنها أول اتفاقية جنوب جنوب للتبادل الحر تمضى بين بلدان جنوب المتوسط وهي مرتبطة بمسار برشلونة ولها ميزة ثانية وهامة جدا هي أنها أخذت كقاعدة التعامل بقواعد المنشإ الاورومتوسطية. وهذه القاعدة لها بعد استراتيجي هام لأنها تمكن حقيقة على المستوى الهيكلي من دفع الاندماج الاقتصادي الحقيقي ودفع الاستثمار ودفع التعاون المشترك بين الدول .لان قواعد المنشإ الاورومتوسطية تمكن أولا من تراكم القيمة المضافة بين هذه البلدان فيما بينها وكذلك بينها وبين بلدان الفضاء الاورو متوسطي وفي آن واحد تمكن من أن تكون شهادة حركة البضائع المصدرة بقواعد المنشإ الاورومتوسطية عبارة عن جواز سفر في كافة منطقة الاورومتوسط .بحيث نأخذ مثلا بضاعة تخرج من تونس إلى مصر أو الأردن أو فرنسا أو ألمانيا,هذه البضاعة إذا تحركت بشهادة حركة منشإ متوسطية تستطيع من البلد الذي صدرت إليه أن تتحرك في الفضاء الاورومتوسطي بكل حرية وبدون معاليم قمرقية. وهو ما يعطي فرص جديدة للتصدير وفرص جديدة لتشخيص مشاريع اقتصادية وصناعية ويدفع إلى تكوين مواطن شغل والى خلق الخبرات وكذلك إلى التعاون المثمر في "منهج رابح- رابح" * لكن دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ تأخر كثيرا بين التأسيس وبداية العمل. فإلى أي شيء يعود هذا التأخير؟ - وقع الإعلان عن نشأة هذه الاتفاقية منذ سنة 2001 وكان إعلان سياسي أكثر منه إعلان عملي .وكان وراء هذا الإعلان رغبة من الاتحاد الأوروبي لإمضاء هذه الاتفاقية لان الاتحاد له مصلحتان من وراءها, مصلحة أولى أمنية تتعلق بالهجرة غير الشرعية والحد منها ومصلحة ثانية تتمثل في كون الاتحاد الأوروبي هو الشريك الأول لبلدان اتفاقية أغادير وله مصلحة أن تبقى شريكه الأول التجاري. لكن بالنسبة لإعلان 2001 لم يتجسم إلا سنة 2004 في شهر فيفري من خلال التوقيع عليه من قبل البلدان الأربعة .ورغم ذلك لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي إلا في شهر جويلية 2006 ولم نبدأ تطبيقها إلا في آخر مارس 2007 حينما وجدت البلدان الأربعة سبل تطبيقها على مستوى القمارق. * من خلال هذه المراحل الطويلة نلاحظ وجود صعوبات كثيرة اعترضت الدخول الفعلي لاتفاقية أغادير حيز التطبيق.فما هي هذه الصعوبات؟ وهل تم تجاوزها اليوم؟ - إذا ما قمنا بتحليل الماضي ,نجد فكرتين أولها وجود إرادة سياسة للانضمام إلى الفضاء الاورومتوسطي بدفع وتشجيع من الاتحاد الأوروبي. لكن على المدى القصير فكر البعض من الدول الأربع في بعض المصالح القطاعية الضيقة وهو ما اوجد ترددا بسيطا في صفوفها تم تجاوزه بسرعة .والفكرة الثانية كانت تغليب القطاع الخاص وتمكينه من السيطرة على هذه الاتفاقية ودفعها واخذ كل المزايا التفاضلية التي تمنحها الاتفاقية سواء على مستوى التبادل بين الدول الأربع كنواة أولية أو مع الاتحاد الأوروبي على المستوى التجاري أو الاستثماري. * منذ النشأة ولحد اليوم هل هناك تطورات في الاتفاقية ؟وهل أوجدت اتفاقية أغادير الإضافة للبلدان المنضوية تحت لوائها؟ - علميا سنة بعد البدء في تنفيذ الاتفاقية من الصعب أن نحكم حقيقة على النتائج التي يجب أن نترقبها على الأقل سنتين أو ثلاث. لكن هناك بوادر ايجابية هامة للتقدم أولا على مستوى الإدارات العمومية في البلدان الأربعة التي تتفاعل مع الوحدة الفنية لاتفاقية أغادير كأمانة عامة لهذه الاتفاقية والقطاع الخاص الذي بدا يهتم اهتماما حقيقيا بهذه الاتفاقية. وهناك بعض النجاحات بدأت بين الدول الأربع فيما بينها . وعلى المستوى الإحصائي, سجلنا تقدما واضحا في التعامل والتبادل بين هذه البلدان ومن المؤكد أن يكون هذا التقدم أفضل في السنة القادمة. * بعد الإعلان عن قرب نشأة الاتحاد الأوروبي المتوسطي في جويلية القادم, وإمكانية احتواء اهتمامات اتفاقية اغادير من قبل هذا المولود الجديد الاكثر تركيزا وتمثيلا وعمقا. أي مصير ينتظر منظمتكم؟ وهل من الممكن تعايش الجهازين؟ - نتمنى أن يؤثر المولود الجديد المنتظر ايجابيا على أنشطة ودور وأهداف منظمتنا. لأنه في نطاق مسار برشلونة كان لاتفاقية أغادير ميزة بوصفها أول اتفاقية جنوب - جنوب أمضيت بين دول جنوب المتوسط والتي هي مرتبطة بمسار برشلونة ونتمنى أن تكون كذلك آلية من الآليات التي يتم تشجيعها من قبل الاتحاد الاورومتوسطي لتكوين نواة سوق في جنوب المتوسط مثلما كان حال الاوروبين سنة 1992 عندما أنشأوا سوقا موحدة. ونأمل ان تكون مرحلة أغادير والاتحاد المتوسطي من مراحل التعايش والتعاون الهامة. ونحن مقتنعون بأن هذه العملية هي فرصة ثمينة لتسليط الأضواء على هذه الاتفاقية ومزاياها وأبعادها على المنطقة.