تونس - الصباح: في ظل التحولات الكبرى التي شهدها العالم ولا يزال، كان لا بد من اقامة تكتلات اقتصادية اقليمية تضمن للدول الاعضاء استقرارا ونموا اقتصاديا وتضمن انسيابا أكبر للسلع فكان الاتحاد الاوروبي وكانت اتفاقية برشلونة وكانت اتفاقيات دول أمريكا اللاتينية والترابط الأمريكي- الكندي وغير ذلك.. وكان لا بد للدول العربية من اتفاقية تضمن لهم التواجد في خضم هذه التكتلات وتضمن تفعيل الاتفاقية الأورومتوسطية..وتم الاتفاق بين تونس والمغرب والاردن ومصر على ايجاد اتفاقية أغادير وتشكيل هيكل تسييري يهتم بها.. لتنشأ وحدة اتفاقية اغادير وعلى رأسها رجل الاقتصاد والخبير التجاري التونسي السيد فريد التونسي الذي كان لنا معه هذا الحوار حول واقع وآفاق الاتفاقية ودور الوحدة في المساهمة في ضمان استقرار اقتصاديات الدول الأربع المنضوية تحت لوائها في ظل الازمة المالية والاقتصادية الراهنة. * بعد ما يزيد عن السنتين من دخولها حيز التطبيق الفعلي ،هل يمكن القول أن اتفاقية اغادير بدأت تعطي ثمارها على مستوى الشراكة والتبادل التجاري بين الدول المنضوية تحت لوائها وبين هذه الدول والاتحاد الاوروبي ؟ - "اتفاقية أغادير" هي اتفاقية عربية متوسطية للتبادل الحر أبرمت في ماي 2001 ودخلت حيز التنفيذ منذ جويلية 2006 .وهي تضم كلا من تونس ومصر والأردن والمغرب . وأبرمت هذه الاتفاقية بهدف اعطاء حرية أكبر لتنقل السلع الصناعية والفلاحية، وفي مرحلة ثانية تحرير الخدمات بن البلدان الأربعة التي تعتبر متقدمة في تعاملها مع الاتحاد الأوروبي ولها اتفاقيات ثنائية معه. و لهذه الإتفاقية خصوصيات أهمها أنها أول اتفاقية جنوب - جنوب للتبادل الحّر تمضى بين بلدان جنوب المتوسط وهي مرتبطة بمسار برشلونة ولها ميزة ثانية وهامة جدا أنها أخذت كقاعدة التعامل بقواعد المنشإ الاورومتوسطية. وهذه القاعدة لها بعد إستراتيجي هام لأنها تمّكن على المستوى الهيكلي من دفع الاندماج الاقتصادي الحقيقي ودفع الاستثمار والتعاون المشترك بين الدول باعتبار أن قواعد المنشأ الأورومتوسطية تمكّن أولّا من تراكم القيمة المضافة بين هذه البلدان فيما بينها وكذلك بينها وبين بلدان الفضاء الاورو- متوسطي وفي آن واحد تمّكن من أن تكون شهادة حركة البضائع المصدرة بقواعد المنشإ الاورومتوسطية عبارة على جواز سفر في كافة منطقة الاورو-متوسط .بحيث نأخذ مثلا بضاعة تخرج من تونس إلى مصر أو الأردن أو فرنسا أو ألمانيا،هذه البضاعة إذا تحركت بشهادة منشإ متوسطية تستطيع من البلد الذي صدرت إليه أن تتحرك في الفضاء الاورو- متوسطي بكل حرية وبدون معاليم قمرقية. وهو ما يعطي فرصا جديدة للتصدير وتشخيص مشاريع اقتصادية وصناعية ويدفع إلى تكوين مواطن شغل وخلق الخبرات. وباختصار فان اتفاقية أغادير مكنّت الدول الأربع المنضوية تحت لوائها من تسويق سلعهم في 31 دولة دون معاليم قمرقية. * لكن دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ تأخر كثيرا بين التأسيس وبداية العمل، فإلى أي شيء يعود هذا التأخير؟ - وقع الإعلان عن نشأة هذه الاتفاقية منذ سنة 2001 وكان الإعلان سياسيا أكثر منه اعمليا. وكانت وراء هذا الإعلان رغبة من الإتحاد الأوروبي لإمضاء هذه الاتفاقية لأن الاتحاد له مصلحتان من ورائها، مصلحة أولى أمنية تتعلق بالهجرة غير الشرعية والحدّ منها ومصلحة ثانية تتمثل في ان الاتحاد الأوروبي هو الشريك الأول لبلدان اتفاقية أغادير وله مصلحة في أن تبقى شريكه الأول التجاري. لكن بالنسبة لإعلان 2001 لم يتجسم إلا سنة 2004 في شهر فيفري من خلال التوقيع عليه من قبل البلدان الأربعة. ورغم ذلك لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي إلا في شهر جويلية 2006 ولم نبدأ تطبيقها إلّا في آخر مارس 2007 حينما وجدت البلدان الأربعة سبل تطبيقها على مستوى القمارق. صعوبات... * يبدو أن صعوبات عديدة اعترضت الدخول الفعلي لاتفاقية أغادير حيز التطبيق، وساهمت في عرقلة عمل الوحدة الفنية وتأخير أهدافها وبرامجها ومخطّطاتها. - إذا ما قمنا بتحليل الماضي، نجد فكرتين أولها وجود إرادة سياسية للإنضمام إلى الفضاء الاورومتوسطي بدفع وتشجيع من الإتحاد الأوروبي. لكن على المدى القصير فكّر البعض من الدول الأربع في بعض المصالح القطاعية الضيقة وهو ما اوجد تردّدا بسيطا في صفوفها تمّ تجاوزه بسرعة . والفكرة الثانية كانت تغليب القطاع الخاص وتمكينه من السيطرة على هذه الإتفاقية ودفعها وأخذ كل المزايا التفاضلية التي تمنحها الإتفاقية سواء على مستوى التبادل بين الدول الأربع كنواة أوّلية أو مع الإتحاد الأوروبي على المستوى التجاري أو الإستثماري. × من أبرز المشاريع المنتظرة والهامة جدا في مسيرة منظمتكم،تنظيم ملتقى لصناعة الملابس خلال معرض "أنترسيلكشن" في باريس خلال شهر أكتوبر القادم يجمع 56 شركة من بين دول اغادير الأربع. - بالفعل وسيكون هذا الملتقى بالغ الأهمية في ظل الوضع الراهن.والهدف منه التخفيف من حدة انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على قطاع النسيج والملابس في بلدان اتفاقية أغادير.وسيشارك في هذا الملتقى 14 شركة من كل دولة من الدول الأربع المشكلة للوحدة بالاضافة الى جناح خاص بالوحدة الفنية لاتفاقية أغادير. وسيجمع ملتقى الشراكة في قطاع الملابس والمنسوجات بين اتفاقية اغادير والاتحاد الأوروبي أكثر من 100 رجل أعمال وصناعي من قطاع الملابس والمنسوجات من دول اتفاقية اغادير بينهم 60 عارضا وأكثر من 200 رجل اعمال أوروبي بين مشترين ومستثمرين. ملتقى باريس... فرصة للاستغلال * وهل الاختيار على مكان وزمان الملتقى مقصود؟ - الاختيار على العاصمة الفرنسية لاحتضان الملتقى وفي هذا الظرف بالذات مقصود،فالملتقى سيتزامن مع تداعيات الازمة الاقتصادية التي مازال يكتنفها الغموض وتطوراتها غير معروفة وغير مضمونة خاصة على قطاع النسيج .هذا الى جانب عقده على هامش معرض "أنترسيلكشن" الذي يعتبر ثالث اكبر المعارض العالمية بالقطاع داخل الاتحاد الأوروبي.فقد أدت تداعيات الأزمة العالمية الى تباطؤ في الطلب العالمي على العديد من السلع ومنها الملابس والمنسوجات التي تحتل مكانة بارزة لدى دول اتفاقية اغادير بفضل حجم صادرات القطاع التي تصل الى 10 مليار دولار في الدول الأربع وتوفر 1,5 مليون فرصة عمل من خلال 10 ألاف مؤسسة اقتصادية معنية بهذا القطاع.وسيتم تنظيم الملتقى بالتعاون مع المفوضية الاوروبية والجمعية الاوروبية للنسيج والجمعيات الفرنسية للنسيج والملابس واللجنة المنظمة لمعرض "أنترسيلكشن" ومراكز النهوض بالصادرات بدول اتفاقية اغادير.وسيمكن الملتقى شركات بلدان اتفاقية أغادير من الالتقاء بشبكات التوزيع والمستثمرين. * على هامش الملتقى ،هل ستتعرضون بالنقاش الى بعض العوائق التي تعرقل التبادل الحر وتوزيع البضائع مع دول الاتحاد الأوروبي؟ - بالتأكيد،فعديد المواضيع الفنية وغير القمرقية المتعلقة خاصة بمعوقات سيولة البضائع ستكون محور نقاش ومن بين المواضيع المؤكدة والتي تعد عائقا كبيرا عبارة"صنع في أوروبا"التي توضع على السلع الاوروبية وتمثل عائقا تجاريا وترويجيا كبيرا لسلع بلدان اتفاقية اغادير.كما يوجد مشكل ثان سيتم التطرق اليه وهو المتعلق بكون بلدان جنوب المتوسط مطلوب منها "تحويلين" للوصول الى شهادة منشإ تخوّل الدخول دون قمارق لكن أوروبا أعطت مزايا لافريقيا بالاكتفاء ب"تحويل" واحد.وسنطالب بهذا الامتياز لبلدان اتفاقية أغادير. كذلك نقوم اليوم بالبحث في سبل تجميع سلع الاتحاد الاوروبي وسلع دول أغادير في ميناء واحد قبل توزيعها وذلك عوض أن تمر سلع كل دولة على أحد المواني الأوروبية وفي هذه العملية خفض للكلفة وتسريع للتوزيع.