أعاد قرار وزارة التجارة إلى الأذهان هذه الأيام توريد علوش العيد وانطلاقها في الترتيب لإتمام الصفقة قبل أسابيع من عيد الأضحى مناخ الاحتقان والتجاذب وتوتر العلاقة مع المنتجين الذي رافق الإعلان عن برنامج التوريد السنة الماضية وانبرت ردود الأفعال الرافضة للفلاحين تتواتر على الساحة. وقد أجمعت الهياكل المهنية الفلاحية برمتها على عدم جدوى التوريد وعدم الحاجة له في ضوء مؤشرات الإنتاج المتوفرة محذرة من تداعيات الإجراء على قطاع التربية الماشية المرهق بطبعه بكثرة الأزمات التي يعيشها. وشددت القيادات الفلاحية على سوء تقدير الجهات الرسمية عواقب هذا القرار مؤكدة أن الاستنجاد بحبل التوريد لم يخدم سابقا المستهلك ولن ينفعه هذه المرة أيضا على اعتبار أن فارق السعر لن يكون شاسعا بين الخروف الأجنبي والمحلي بفعل انخفاض قيمة الدينار وارتفاع نسبة الصرف ما يحمل ميزانية الدولة عبئا لا طاقة لها بحمله في خضم هذا الرفض الصادر عن النقابة التونسية للفلاحين والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وحزب صوت الفلاحين.. تصرّ وزارة التجارة على التمسك بموقفها ومضيها في إتمام الترتيبات الإجرائية لعملية التوريد وشروعها أمس في قبول الموافقات على كراس الشروط المنظم لصفقة توريد علوش هذا العيد. وقد برر المتحدث الإعلامي للوزارة هذا الموقف بالحرص على حماية المقدرة الشرائية للمواطن في ظل الارتفاع اللافت لأسعار اللحوم منذ أشهر وتصاعد حدته هذه الفترة سواء على مستوى سوق الأغنام أو لدى القصابين كما تستند الوزارة إلى مؤشرات رقمية ثابتة على حد تعبير المتحدث تظهر نقصا ملحوظا في عدد المتوفرات من رؤوس الخرفان لن يمكن من سدّ الحاجيات المقدرة هذا العام بمليون أضحية فيما العدد الجملي المتوفر لا يزيد عن 910 الاف رأس وانطلاقا من هذه المعطيات وتحسبا لحاجيات عشرات ألاف الليبيين المقيمين بتونس توجهت "التجارة" إلى حل التوريد حتى لا يساهم نقص العرض في التهاب أسعار الأضاحي والعمل على تعديل لسوق الخرفان هذا العيد ولو نسبيا استنكار.. تساؤلات.. واتهامات في مقابل هذا الموقف استنفرت الهياكل المهنية الفلاحية رافضة قرار الوزارة. في هذا السياق ندد ليث بن بشر رئيس نقابة الفلاحين بهذا الإجراء واصفا إياه بالخطأ في حق المربين والمربك للسوق في وقت انتظر فيه المنتجون إحاطة بأوضاعهم تخفف عنهم الخسائر التي يتكبدونها. ونبه إلى أن تقديم حل التوريد على أنه يخدم القدرة الشرائية للمواطن إنما هي مغالطة ولا يساهم إلا في استنزاف ميزان الدفعات وضرب عرض الحائط بمصالح المربين. مذكرا بحجم الخسائر الفادحة التي تكبدتها المجموعة الوطنية السنة الماضية بسبب قرار مماثل. وطالب بالتراجع عن تنفيذه التونسي أحق بالدعم من الأجنبي بالتوازي انتقد عبد المجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة بشكل صارم إجراء التوريد واعتبره ضربة موجعة لمنظومة الإنتاج وللفلاحين. نافيا أن يكون له أي تأثير إيجابي على المستهلك أو على الأسعار المتوقع تداولها مع اقتراب عيد الأضحى بحكم انخفاض قيمة الدينار مقارنة بالأورو وبالتالي لن يكون فارق السعر بين الضأن المورد والمحلي هاما وبينا. هذا إلى جانب أن مثل هذا القرار الأحادي الجانب والذي لم تستشر فيه الهياكل المهنية سيزيد حدة أزمة القطاع والمربين ولن يخدم على حد تعبيره سوى بعض التجار والوسطاء والأطراف الموردة إلى جانب المنتج الأجنبي، على حد تعبيره وأضاف مستنكرا "بدل دعم الفلاح الأوروبي كان أولى بأصحاب القرار توجيه الدعم إلى الفلاحين التونسيين من خلال دعم الأعلاف بما يخفف عنهم كلفة الإنتاج الثقيلة.." كما دحض صحة الادعاءات القائلة بأن الخرفان الموردة ستساهم في تعديل أسواق الأضاحي مشيرا إلى أن الأسعار تنخفض بصفة طبيعية مع اقتراب العيد إذ لا مناص للتجار من ترويج رؤوس الأغنام المتوفرة لديهم وحول النقص المسجل في علوش العيد هذا الموسم فند عبد المجيد الزار ذلك وأشار إلى أن الحاجيات من الأضاحي تقدر ب900 ألف رأس فيما المتوفرات تناهز 912 ألف أضحية وبالتالي لا يتوقع مجابهة أي إشكال في العرض ولا مبرر للتوريد وعاب بشدة على الجهات الرسمية عدم استشارتها للفلاحين وعدم تشريك المنظمة في دراسة مثل هذه المقترحات وضرب عرض الحائط بالتقارير التي قدمتها في هذا الشأن يذكر أن نفس المآخذ والانتقادات الموجهة لوزارة التجارة صدرت عن حزب صوت الفلاحين الذي أدان بشدة في بيان له قرار التوريد وحمل فيصل التبيني وزير التجارة مسؤولية قراره داعيا إياه إلى الالتزام بشراء جميع الخرفان الموردة التي ستبقى بعد عيد الأضحى من ماله الخاص لتفادي خسارة السنة الماضية هكذا إذن بدأت أجواء العيد تسخن قبل أسابيع من حلوله، المهم ألا تتحمل ميزانية رب العائلة حرارة تداعياتها على أضحيته