قد يبدو العنوان غريبا أو مثيرا على اعتبار أنه يفترض ضمنيا وجود حلول أخرى «غير سياسية» يمكن أن تكون هي البديل للحل السياسي للأزمة القائمة في حال تعذر الوصول الى وفاق وطني يساعد على تفعيل مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل الوفاقية وتجاوز حالة العطالة التي انتهت إليها المشاورات السياسية التي يقودها الرباعي «الوسيط» ولكن،،، مع ذلك دعونا نطرح السؤال: هل يمكن أن تكون هناك حلول أخرى «غير سياسية» للأزمة التي تعيشها تونس؟ ! ما من شك أن أي حديث اليوم عن حلول أخرى تصعيدية أو لنقل «غير سياسية» للأزمة القائمة كما تلوح بذلك بعض الأطراف سيعد بمثابة الاستهتار الخطير لا فقط بتضحيات الشعب التونسي ودماء ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 التاريخية وإنما أيضا بمشروع الدولة الوطنية الديمقراطية الوليدة التي نؤسس لها اليوم والتي ظلت تاريخيا بمثابة الحلم الذي راود أجيالا وأجيالا من التونسيين.. لذلك على كل من يسوّق لهذا الوهم الخطير (وهم الحلول غير السياسية) أن يتحمل مسؤوليته كاملة في ذلك أمام الله والوطن والشعب والتاريخ.. نقول هذا على الرغم من يقيننا بأن مثل هذه الترهات ستظل حبيسة عقول أصحابها وأنها لن تجد لها سندا أو أصلا في الواقع لا فقط لأنها «تبشر» بالخراب وبالفوضى بل وأيضا لأن القوى الوطنية العاقلة والفاعلة والمؤثرة قد عقدت العزم وعلى الرغم من كل المصاعب على المضي قدما على نهج الحوار وخيار الحل السياسي التوافقي الوطني الذي يساعد على الدفع بمسار الانتقال الديمقراطي حتى يحقق أهدافه وليس نسف بنيانه من القواعد والإطاحة به بالكامل من خلال الدعوة إلى حل المجلس الوطني التأسيسي و»كل الهيئات المنبثقة عنه» كما يطالب البعض ! فها هي مثلا المركزية النقابية وعلى الرغم من خطابات التحريض الإعلامي ! التي تستهدف إثارة «حمّيتها» على مبادرتها.. ها هي تتمسك بخيار الحل السياسي وتقرر من منطلق وطني المواصلة على نهج تجميع الفرقاء السياسيين لإطلاق حوار وطني جدي ومسؤول يساعد على الخروج بتونس من حالة عدم الاستقرار السياسي والحد من تبعاتها المدمرة على العباد والبلاد.. أيضا،،، ها هو السيد مصطفى بن جعفر وبعد قرار تعليق أعمال المجلس الوطني التأسيسي بتاريخ 6 أوت الماضي ها هو يعلن بعد أكثر من شهر عن عودة أعمال هذا المجلس. إنها مؤشرات مطمئنة ولا شك تحيل على أن صوت العقل هو الذي سيعلو في النهاية وأن الوطنية والشعور بالمسؤولية قاسم مشترك بين كل التونسيين مهما كان موقعهم وانتماؤهم السياسي.. وانه لا حلول أخرى من خارج دائرة التوافق الوطني وإعلاء مصلحة الوطن العليا.. أما من يراهن على غير هذا فسيكتشف لاحقا أنه لا فقط قد عزل نفسه وطنيا بل وأيضا أساء إلى معتقداته الثورية التي يقول أنه يتبناها ويصدر عنها.