قبل أيام من بداية مناقشة قانون المالية لسنة 2014 وباعتبار ان القانون ما يزال في طوره الاول كمشروع، وباعتبار ما رافق قانون المالية لسنتي 2013 و2012 من هنات، لا بد للحكومة ولوزارة المالية من الاعتماد على راي الخبراء والمختصين في المشروع وفي "الاصلاحات" التي تعتزم القيام بها خاصة في مجال الجباية.. فالتسريبات الاولية حول مشروع الميزانية أظهرت ارتكاز هذه الاخيرة على "اصلاحات" جبائية وتعديلات في الرسوم والضرائب والآداءات وكالعادة لم تتم استشارة أهل الاختصاص من خبراء محاسبين ومحاسبين ومستشارين جبائيين وغيرهم من أهل الاختصاص الذين بمقدورهم إبداء الرأي والمساهمة في ترشيد بعض القرارات وتقديم الاقتراحات بفضل مقدرتهم العلمية والعملية... وهذا ما يمكن أن يجرّنا مجددا الى عدة مشاكل واجهت الحكومة في تطبيق ما تمت المصادقة عليه في قانون المالية لسنة 2013 والذي نتج عنه التراجع في تطبيق بعض ما جاء في ذلك القانون على غرار الضريبة على الاقامة في الفنادق لمن بلغ سنهم ال12 سنة والذي كان محددا تطبيقه ليوم غرة اكتوبر القادم والترفيع في المعلوم الموظف على مستغلي المؤسسات السياحية و المطاعم المصنفة والترفيع في مبلغ المعلوم الموظف عن كل مقعد بوسائل النقل السياحي وغيرها ... كذلك من الضروري استشارة أهل الاختصاص في مجال المحاسبة بخصوص اصلاح النظام الجبائي الذي ظل متشعبا وبعيدا عن العدالة. والمطلوب اليوم اصلاح شامل للمنظومة الجبائية عبرإرساء نظام جبائي موحّد ومبسط وعادل يخفف من حدة الضغط الجبائي ويحقق مردودية أفضل ويضمن حق المطالب بالأداء في التظلم لدى إدارة ديمقراطية وقضاء مستقل وعادل. ومن بين الاجراءات التي تبدومؤكدة اليوم والتي طالما طالب بها اهل الاختصاص، مراجعة النظام التقديري الذي أثبت فشله وبعده عن العدالة الجبائية المرجوة والذي يحرم الدولة من موارد إضافية هامة. وكذلك طالب بذلك اهل الاختصاص في مجال المحاسبة ايضا، وجب مراجعة جدول احتساب الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيّين بالتخفيض خاصة أن هذا الجدول لم يخضع للمراجعة منذ سنة 1989 وكذلك وجبت مراجعة نسبة الآداء على ضريبة الشركات التي تعتبر مرتفعة مقارنة بعديد الدول، ويبدوان توجه مشروع قانون المالية الى التخفيض فيها الى 25 % من 30% حاليا لا يكفي باعتبار أن النسبة المثلى اليوم هي في حدود 20% مما يحفز الشركات على القيام بواجبها الجبائي في كنف الشفافية المنشودة والمحافظة على قدرتها التنافسية وتحفيزها على خلق مواطن شغل والمساهمة في التنمية. ومن البديهي مراجعة بعض النسب نحو التخفيض أوعلى الاقل الحد من الترفيع فيها باعتبار أن التوجه نحو الترفيع لن يضيف شيئا في تعبئة المداخيل الجبائية باعتبار أن المتعارف عليه أنه كلما ارتفع الضغط الجبائي كلما ارتفعت وتنوعت طرق التهرّب الجبائي. من الضروري أيضا العمل على تعميم قاعدة الاداء على القيمة المضافة والحد من ظاهرة التجارة الموازية والتحيّل والفساد. وكذلك من الضروري اليوم مراجعة مجلة الاستثمار لكن وجب ان يسبق ذلك اصلاح المنظومة الجبائية وتشخيص واقع الاستثمار وتقييم الحوافز الجبائية التي منحت للمؤسسات والوقوف على مدى نجاعتها في تشجيع الاستثمار. ◗ سفيان رجب