تونس الصباح الاسبوعي عادة ما يكون مشروع ميزانية الدولة لكل سنة جاهزا في شهر سبتمبر بعد الانتهاء من إعداده بداية من جويلية، لكن وخلافا لما هو مالوف فان ميزانية 2014 لم ترى النور بعد ولئن تطرق منذ اسبوع مجلس وزاري الى النظر في ملف الإعداد للميزانية المذكورة فان الوضع الحالي الذي يمر به الاقتصاد يطرح اكثر من سؤال، فاية ميزانية بالامكان إعدادها في ظل تضخم مالي وعجز ستخلفه ميزانية السنة الحالية ومساع في طلب قرض من الاتحاد الاوروبي لصرفه على الاجور خاصة؟ واية معطيات وارقام يمكن من خلالها وضع ميزانية ذات اهداف يمكن تحقيقها؟ وهل حققت ميزانية 2012 ناهيك عن الميزانية التكميلية وميزانية 2013 ما رسم لها من اهداف؟ عن اية ميزانية سنتحدث اذن؟ أزمة سياسية وبعد.. القت الازمة السياسية في البلاد بظلالها على الاقتصاد الذي تجرع الأمرين فدخل بذلك في مرحلة الخطر والاحتضار كما اكدته منظمة الاعراف على لسان رئيستها وداد بوشماوي في اكثر من لقاء اعلامي مؤكدة على ان الحل سياسي بامتياز وهو نفس الراي الذي ذهب اليه محافظ البنك المركزي الشادلي العياري الذي اعتبر مؤخرا « أن الوضع الاقتصادي غير قابل للتحسن إلا بإيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة في أسرع وقت ممكن» على حد تعبيره وقبل الحديث عن حل سياسي سيكون نتيجة لتوافق حزبي في حوار لا نعرف الى الان مصيره ونوايا كل طرف، فقد كشفت أرقام الحالة التي يعيشها الاقتصاد حيث ارتفع العجز التجاري بنسبة 2.7% ليصل إلى 7.6مليار دينار (4.59 مليار دولار) في الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. فيما يؤكد الخبير الاقتصادي ورئيس جمعية الحوكمة معز الجودي في حديثه ل»الصباح الاسبوعي» ان هذا العجز قد يصل آخر السنة الى 15 مليار دينار وهو ما أدى الى التضخم المالي الذي أثر في ارتفاع الاسعار وبالتالي تراجع قيمة الدينار مقارنة بالعملات الاخرى، دون نسيان نسبة الاقتراض التي وصلت الى 50 بالمائة ولعل هذا الوضع دفع وزير المالية الياس الفخفاخ الى الحديث عن كون الحكومة قد تضطر للقيام إلى إدخال تعديلات على ميزانية 2013 وتقديم قانون ميزانية تكميلي و ذلك بعد دراسة الوضع الاقتصادي للسداسي الأول من هذه السنة مؤسسات الترقيم السيادي لم تدخر بدورها جهدا في خفض الترقيم الائتماني لبلادنا على غرار وكالة الترقيم الأمريكية «ستاندار أند بورز» التي خفضت بدرجتين في الترقيم السيادي لتونس إلى «ب»مقابل «ب ب سلبي» مع آفاق سلبية نتيجة الأزمة السياسية القائمة وعدم وضوح الرؤية تاخير.. لا يختلف عاقلان في ان هذه المؤشرات والمعطيات حول واقع الاقتصاد التونسي في 2013 سيؤخر بالضرورة الحديث عن الاعداد لميزانية أخرى اوعن اي مشروع واضح مكتمل الاهداف والاولويات، لكن ما نراه الآن من قبل الحكومة ليس الا بعض الافكار والقرارات التي تؤكد صعوبة تامين موارد ونفقات الميزانية القادمة يقول معز الجودي :» اثبتت التجربة ان الحكومات المتعاقبة بعد الثورة غير قادرة على بناء ميزانية واقعية ووضع قانون مالية صحيح، فمن غير المقبول ان يقع التغاضي عن العجز الحاصل في ميزانية السنة الجارية والذي قد يصل الى 10 بالمائة لاول مرة في تاريخ تونس وهو عجز سيؤثر سلبا على ميزانية 2014 واي سبيل لتامين اجور 700 الف موظف تصل الى 10 مليار دينار فهل الحل في الاقتراض من اجل تغطية الاجور وتغافل الاستمثار؟» اين التصرف في الاملاك المصادرة؟ امام العجز الحاصل في ميزانية السنة الجارية وقلة الموارد وكثرة النفقات كان من الاجدر التسريع في اجراءات بيع الاملاك المصادرة التي قد تغطي قيمتها ما اقدمت بلادنا على اقتراضه ولا تزال ، ففي جرد اخير للجنة المصاردة قدم القاضي نجيب هنانة امام لجنة مكافحة الفساد والاصلاح الاداري بالمجلس التاسيسي منذ ايام ما تمت مصادرته من 514 عقارا مسجلا وغير مسجل و600 شركة منها 250 في طور الدراسة للمصادرة ومنقولات واموال وسيارات ويخوت الم يكن من الاجدر ان يحظى هذا الملف باهمية اكبر للحيلولة دون اتخاذ اي خطوات من شانها ان تزيد وضعية اقتصادنا تعقيدا فهل في هذا التوجه خيار ام غياب للخبرة والارادة السياسية في التعاطي معه؟