مازالت الازمة اللبنانية تراوح مكانها على مدى خمسة اشهر فشلت معها جميع الجهود للخروج من هذا النفق من اجل ايجاد مخرج ناجع لازمة الفراغ الدستوري وذلك في انتظار الثاني والعشرين من افريل الجاري الموعد الثامن عشر المحدد لانتخاب رئيس جديد للبنان دون ان يلوح في الافق ما يبشر بانجاز اللبنانيين لهذه المهمة، بل ان المشهد السياسي في لبنان يزداد تباعدا متجليا في الانقسامات بين الاغلبية والمعارضة وتباينا في الطرح بعد ان تحولت ازمة لبنان الى مصدر قلق وتجاذبات محلية وعربية واقليمية. من الواضح ان هناك جهات داخلية وخارجية لا تريد الحل لاعتبارات خاصة بها، فالمشهد اللبناني اذا استمر على ما هو عليه الى مدى غير منظور ينذر بمخاطر حقيقية تهدد كيان لبنان ووحدته خاصة ان الازمة ارتبطت بقضايا ومحاور خارجية اصبحت لها اليد الطولى في حل وتأزيم القضية عبر القوى السياسية اللبنانية (اغلبية ومعارضة) ليبقى دور هذه القوى مجرد وسيلة في خضم التجاذبات الاقليمية والدولية التي تسعى لتحقيق اهدافها انطلاقا من لبنان، وبالتالي فشل الفرقاء اللبنانيون في التوصل الى حل وطني لازمتهم رغم ان الجميع يدركون ان الحل يجب ان يكون لبنانيا قبل كل شيء. في التجربة اللبنانية لم تكن الدولة يوما اقوى من المجتمع ولم يكن الجيش بالتالي الملاذ الاخير لوحدة الدولة والمجتمع كما حصل في التجارب العربية والعالمية الاخرى. فمصدر قوة المجتمع اللبناني ودولته هو ذاته مصدر ضعفهما اي التعددية اللبنانية وذلك مرده البنية الطائفية التقسيمية التي تضرب عميقا في كل القوى السياسية وحركة مصالحها بعد ان فشلت في ايجاد حلول توافقية تنهي حالة التناقضات. فعقائد الاحزاب وافكارها واشكالها التنظيمية الطائفية التي تحركها قوى خارجية ساهمت في اطالة امد الازمة اللبنانية خصوصا ان الخطابات الطائفية تجاوزت الخطابات السياسية، ولعله من اغرب الظواهر ان تستقطب هذه النماذج من الاحزاب جمهورا متعلما نجده متحركا في المدارس والجامعات.. ان البنية التقسيمية والتحالفات الطائفية التي كانت النواة الاولى لحرب اهلية منذ 33 سنة قد تعصف بلبنان من جديد رغم التضحيات التي قدمها اللبنانيون في تلك الحرب الاهلية المتقاطعة مع حروب اقليمية، واذا ما استمر الفراغ الدستوري والتجاذبات السياسية من تحت عباءة الطائفية والمذهبية والحزبية الضيقة والرهان على الخارج، أيا كان هذا الخارج دون البحث عن خيارات توافقية تنبع من مشروع وطني حر، لغته سياسية منفتحة على فهم الاخر والمشاركة معه قد تؤدي الى اعادة لبنان الى الفوضى باعتبار ان الحل يجب ان يكون لبنانيا خالصا دون املاءات خارجية لان الجميع يدرك ان لا احد من هذه القوى يملك مشروعا يحضن اللبنانيين بمختلف اطيافهم ولا بديلا الا بتوافق الاغلبية والمعارضة لمواجهة هذا التحدي.