تزايدت في الفترة الأخيرة التهديدات باستهداف السياسيين والإعلاميين بالإغتيال، وتصاعدت وتيرة هذه الظاهرة خاصة بعد اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وهو ما دفع بوزارة الداخلية ومؤسسة الرئاسة بإتخاذ تدابير وقائية، تتمثل في توفير حراسة فردية لبعض الشخصيات السياسية والإعلامية.. ومع ازدياد عدد المهددين بخطر الإغتيال والاستهداف لعل آخرها النائبة كريمة سويد التي ضربت عليها حراسة امنية، او الحقوقية والإعلامية المعروفة نزيهة رجيبة (ام زياد) والطيب البكوش امين عام نداء تونس وغيرهم.. أعلنت رئاسة الجمهورية أنه لم يعد بإمكانها توفير الحماية الشخصية اللازمة للسياسيين المستهدفين.. وكان الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش قد توجه نهاية شهر أوت الفارط بطلب إلى رئاسة الجمهورية لتوفير حماية شخصية له، لكن مطلبه قوبل بالرفض وذلك لعدم توفر الإمكانيات اللازمة لذلك خاصة وأن عددا هاما من أعوان الأمن الرئاسي يقومون بتأمين عدد كبير من الشخصيات السياسية المستهدفة.. ويطرح هذا الوضع تساؤلات عن مدى مسؤولية السلط الأمنية في تأمين الشخصيات ومدى قدرتها على توفير حماية فردية لهم.. في ظل الوضع الأمني المتردي.. في هذا السياق يؤكد الخبير في الدراسات الاستراتيجية وسياسات الأمن الشامل نصر بن سلطانة أن الوضع الأمني المتردي منذ اغتيال بلعيد والبراهمي واستهداف عناصر من الجيش الوطني جعل عملية إلمام الأجهزة الأمنية بمختلف الجوانب التي تخص أمن الشخصيات من السياسيين والإعلاميين صعبة و شبه مستحيلة في بعض الأحيان، وذلك نتيجة تزايد عدد المستهدفين وتوزعهم في مناطق جغرافية متباعدة، ورغم ذلك فقد استطاعت الجهات الأمنية توفير حماية محكمة لبعضهم.. كما أن رفض بعض المستهدفين لحماية لصيقة، جعل وزارة الداخلية تقوم بتأمنيهم عن بعد وهو أمر صعب من الناحية الفنية نظرا لما يتطلبه من مجهودات ومتابعة مستمرة.. أما بخصوص توفير رئاسة الجمهورية لحماية لعدد من المهددين بالإغتيال، فقد اعتبر بن سلطانة أن ذلك لا يدخل ضمن أولويات هذه المؤسسة المطالبة أساسا بحماية الرؤساء بدرجة أولى..وبعض رؤساء الأحزاب والمنظمات الكبرى وذلك وفق ما تسمح به إمكانياتها البشرية و اللوجيسيتة.. ويتنزل رفض هذه المؤسسة لتوفير حماية لبعض الشخصيات التي طالبت بها، في هذا السياق حيث لم يعد بمقدورها استيعاب مطالب التأمين نتيجة محدودية الإمكانيات مقارنة بعدد المستهدفين.. وأمام عدم قدرة الأمن الرئاسي على تأمين جميع المهددين تبقى وزارة الداخلية مسؤولة عن حماية كل فرد يتعرض لتهديدات بالقتل.. وفي هذا الإطار أقرّ محدثنا بعدم قدرة وزارة الداخلية على الإضطلاع بتخصيص حماية شخصية لكل فرد مهدد بالإغتيال أو القتل.. حيث تكتسي هذه العملية صعوبة كبرى خاصة من الناحية التقنية.. إضافة إلى تفاقم هشاشة الوضع الأمني الذي زاد في صعوبة حماية المستهدفين في ظل تزايد وتيرة التهديدات وازدياد عدد المهددين.. وعن مدى مسؤولية الجهات الأمنية عن توفير الحماية للمهددين، أكد بن سلطانة أنّ وزارة الداخلية تقوم بوضع حراسة مشددة على الأشخاص الذين توفرت بشأنهم معلومات حقيقية بالإستهداف ولا تتعامل إلا مع التهديدات الجدية وفق ما تتحصل عليه من معلومات استخباراتية مؤكّدة. جدير بالذكر ان كل شخصية يتم حمايتها تكلف طاقما بشريا لا يقل عن 9 أفراد من فرق حماية الشخصيات وذلك على مدار الساعة مما يكلف الدولة والجهات المعنية تسخير وسائل عمل وموارد بشرية مؤهلة مع ما يتطلبه ذلك من ميزانية خاصة..