حادثة اغتيال شكري بلعيد وقبلها حوادث العنف السياسي العديدة تدفع إلى التساؤل عن كيفية توفير الحماية الشخصية لبعض الوجوه السياسية والحزبية والثقافية والاعلامية التي قد تكون مستهدفة بالعنف السياسي وبغيره من أشكال العنف . تونس (الشروق) لا أحد ينكر اليوم في تونس أن الفترة المنقضية تميزت بتكرار التهديدات بالقتل لبعض الوجوه السياسية وبتصاعد وتيرة العنف السياسي والاعتداءات المتكرّرة على بعض الوجوه السياسية والاعلامية والحقوقية والنقابية، وايضا في الوقت الذي كثر الحديث فيه عن انتشار للأسلحة داخل البلاد ووجود مخططات اغتيال تستهدف كثيرين . فهل يمكن للسلطات أن توفر هذه الحماية ؟ وهل يمكن ان توفرها للجميع ؟ أم ان كل مستهدف مطالب بان يوفر الحماية لنفسه عبر شركات أو أشخاص مختصين في المجال ولماذا لا يتوفر ذلك في تونس على غرار ما هو موجود في بعض الدول الغربية ؟ قتل واعتداء يطالب كثيرون بتوفير الحماية اللازمة لهم خلال تنقلاتهم بالأماكن العمومية وحتى اثناء تواجدهم بمنازلهم أو بأماكن خاصة ..حماية تضمن لهم عدم التعرض لأي اعتداء جسدي مثل التعنيف أو الجرح باستعمال الايدي أو غيره من الاسلحة البيضاء ( آلات حادة عصي حجارة أشياء صلبة غاز مشل ..) . كما يطالبونها أيضا بأن تضمن لهم عدم التعرض للقتل أو لمحاولة القتل إما باستعمال سلاح ناري أو سلاح أبيض، على غرار ما تعرض له المرحوم شكري بلعيد . تنبيه ..لكن مباشرة اثر حادثة شكري بلعيد طالبت سامية عبو النائبة بالمجلس التأسيسي عن كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية بتوفير الحماية لمختلف الشخصيات الوطنية على غرار الباجي قائد السبسي وحمة الهمامي ومية الجريبي وغيرهم مبينة أن التصفية تستهدف أصحاب الأفكار والرؤى الأخرى. وحملت عبو المسؤولية لوزارة الداخلية ولرئاسة الحكومة الذين تعاملوا بلين وسلبية مع مسالة انتشار السلاح في تونس . و من جهته قال محمد جمور، القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أنه في نوفمبر الماضي « تم التنبيه على وزارة الداخلية لخطورة التهديدات القائمة حول شكري بلعيد وعدد من الوجوه السياسية المعروفة وتحميل السلطة السياسية ووزارة الداخلية المسؤولية في ما قد يحصل ومطالبتها بتوفير الحماية لهم لكن لم يسمعنا أحد ولم تتخذ أي إجراءات حمائية لبلعيد أو لغيره» . الطلبات عديدة
طيلة السنة المنقضية طالبت عديد الشخصيات والهياكل بتوفير حماية شخصية من الدولة لبعض الوجوه . فمثلا اثر حادثة الاعتداء بالضرب التي استهدفت في الطريق العام رئيس المحكمة العقارية ورئيس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس سابقا ابراهيم الماجرى جدد المكتب التنفيدى لجمعية القضاة التونسيين التاكيد على ضرورة تامين الحماية الشخصية للقضاة هذه الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد.
وفي اوت الماضي، واثر السحب المفاجئ للحراسة الشخصية للباجي قائد السبسي رغم حقّه الثابت في التمتّع بهذه الحراسة على غرار كل الوزراء الأول، طالب حزب نداء تونس باعادتها له وهو ما تم فعلا، وذلك بالنظر إلى تعرضه لأكثر من تهديد بالقتل وإلى الملاحقة التي استهدفته وهو في طريقه إلى جهة سكرة من طرف سيارة مجهولة.
وكانت وزارة الداخلية قد وضحت آنذاك أن حماية الباجي قائد السبسي هي من مهام إدارة أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية التابعة لرئاسة الجمهورية وليس لوزارة الداخلية .
وفي سبتمبر الماضي قررت رئاسة الجمهورية توفير حماية شخصية للقيادي في الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي بسبب مخاوف من تعرضه لتهديدات بالعنف أو بالقتل .
وتم الاعلان اوت 2012 عن توفير حماية شخصية لوزير العدل نور الدين البحيري عن طريق إدارة حماية الشخصيات والمنشآت التابعة للإدارة العامة لوحدات التدخل بعد مخاوف من امكانية تعرضه لمكروه اثر اعلانه فتح ملفات فساد من الوزن الثقيل .
استحالة الحماية للجميع
اثر حادثة اغتيال شكري بلعيد صرح وزير الداخلية علي العريض أن السلطات لا تستطيع توفير الحماية الشخصية للجميع مضيفا أنه يوجد اليوم في تونس « طبقة سياسية» واسعة وكبيرة تضم 150 حزبا إضافة إلى السياسيين غير الناشطين في أحزاب والحقوقيين والمنتمين للمجتمع المدني والنقابيين والإعلاميين ورجال الدولة وغيرهم، حيث أن من الصعب توفير حماية لكل شخص تتكون من شخص أو اثنين معه، فضلا عن ان ذلك قد لا يوفر نسبة كبيرة من الضمانات للشخص المعني . وفي تونس يوجد هيكلان رسميان لتوفير الحماية الخاصة للشخصيات الرسمية التي توكل لها مهمة حمايتها، لكن يبدو أن مهامها محدودة من حيث الامكانيات البشرية والمادية ومن حيث التكليف القانوني .( انظر المؤطر )
مؤسسات خاصة
أمام استحالة توفير الحماية الشخصية للجميع فان الحكومة مطالبة اليوم بأن تعمل اولا على توفير أجواء مناسبة للقطع مع كل مظاهر العنف السياسي ومظاهر انتشار السلاح الناري الغريبة عن مجتمعنا وفرض عقوبات قاسية لكل من يمارس هذا النوع من العنف ( اقصاء نهائي من الحياة السياسية مثلا إضافة إلى السجن والخطية ) ولكل من يحمل سلاحا ناريا دون ترخيص (السجن لمدة طويلة ) .
ويرى خبراء ومختصون أنه ما دامت الدولة غير قادرة على توفير الحماية للجميع فانها مدعوة على الأقل إلى أن تسهل نشاط المؤسسات الخاصة للحماية الشخصية على غرار تلك الموجودة في الخارج وأن تضبط لها إطارا قانونيا واضحا وصريحا، وعندئذ يمكن لكل من يشعر بالاستهداف أن يطلب الحماية من هذه المؤسسات المختصة .
سلك أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية سلك أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية هو قوة خاصة مسلحة مسؤولة على أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية وعلى حماية القصور والإقامات الرئاسية وتقوم بالمحافظة على النظام العام بالقصور والإقامات المذكورة وحيث ما وجد رئيس الدولة أو الشخصيات الرسمية المكلفة بحمايتها . ويخضع إطارات وأعوان أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية إلى السلطة المباشرة لرئيس الجمهورية ويباشرون مهامهم تحت إشراف رئيس الإدارة المكلف لهذا الغرض من قبل رئيس الجمهورية.
إدارة حماية الشخصيات والمنشآت توجد صلب الإدارة العامة لوحدات التدخل « إدارة حماية الشخصيات والمنشآت» تقوم بتأمين انعقاد المؤتمرات والندوات وحفلات الاستقبال بالنزل وبالمقرات الدبلوماسية، إضافة إلى تأمين الأعياد الدينية للأجانب بجربة وبتونس العاصمة.ومرافقة الشخصيات الأجنبية في تنقلاتها بمناسبة زيارات عمل لبلادنا. و في 2012 قامت هذه الإدارة بالخصوص بتأمين مرافقة 120 شخصية هامة بينهم وزراء دول مختلفة وكذلك تأمين 170 حفل استقبال .