حادثة ثكنة العوينة الغريبة والعجيبة يجب أن تكون بمثابة لحظة حسم قطعي وصارم هذه المرة مع ظاهرة التطاول الوقح واللامسؤول على الرموز السيادية لدولة الثورة من قبل بعض الأطراف والفئات التي غرها على ما يبدو تجاوز نظام الحكم في تونس ما بعد الثورة عن عديد "الملفات" ذات العلاقة بقضايا الفساد ورموزه في عهد دولة المجرم بن علي.. نقول حادثة العوينة العجيبة والغريبة لا فقط لأن الذين صاحوا "ديقاج" في وجه الرؤساء الثلاثة هذه المرة هم من الأمنيين وبعضهم كان مرتديا للزي النظامي !! ولكن أيضا لأنهم من منظوري ما يسمى ب "النقابات الأمنية".. ما يعني أن الإساءة بل قل الجريمة مزدوجة هنا... فهي من جهة جريمة في حق سمعة السلك الذي ينتمون إليه وينطقون باسمه وهي من جهة أخرى إساءة بالغة للعمل النقابي ذاته الذي أصبح على ما يبدو لدى البعض رديفا للعربدة والابتزاز والتهديد بالفوضى وبتعطيل مصالح المواطنين !! لا نريد أن نكون كمن يخوض في مواضيع مختلفة في موضع واحد لذلك سنركز حديثنا على حجم الإساءة التي تسبب بها فعلا هؤلاء "النقابيين" لعموم زملائهم من الأمنيين وللسلك الذي ينتمون إليه من خلال حركة التطاول الوقحة التي أتوها في حق الرؤساء الثلاثة.. فعندما يتحول أعوان سلك نظامي عريق ووطني مثل سلك الأمن إلى دعاة فوضى وخروج عن الآداب والنواميس التي تحكم "منطق" المواكب الرسمية احتفالية كانت أو تأبينية أو غيرها فهذا يعني أنهم قد أخلوا بواحد من أهم العناصر التي انبنت عليها فلسفيا العقيدة الأمنية ونعني به عنصر الانضباط.. وهذا مستوجب في حد ذاته للعقوبة والمساءلة.. ربما يكون السيد آمر الحرس الوطني يشير إلى هذا المعنى تحديدا عندما قال بأن الأعوان الذين رفعوا شعار "ديقاج" في وجه الرؤساء الثلاثة في ثكنة العوينة ستقع مساءلتهم إداريا وتتبعهم قضائيا.. على أن ما هو أخطر في الحادثة هو هذا التوظيف المتعمد لمشاعر الحزن المفهومة والمبررة على فقدان الشهيدين وجعله مدخلا للترويج لمقولات الفوضى والتطاول على رموز الدولة من خلال رفع الشعارات وخلط النقابي بالسياسي لن نقول أن السيل قد بلغ الزبى هذه المرة ولكن نريد أن ننبه الى ضرورة التعاطي بصرامة إداريا وقضائيا مع كل دعوات التطاول على مؤسسات الدولة ورموزها السيادية مهما كان الغطاء وإلا فإنها ستكون بالتأكيد فوضى وفساد في الأرض بما تعنيه كلمة فساد من انخرام للأمن وانتشار للخوف وسقوط في المجهول.. أجل،،، فإما الدولة.. أو الفوضى !