يوم فقط يفصلنا عن اللحظات الأخيرة لسنة ثانية من الشرعية بدأت تلملم أوراقها لتطوي صفحتها بأفراحها وأحزانها وصراعاتها ونكساتها وأزماتها وجراحها وأرقامها. سنة ثانية كانت مليئة بالهزات الاقتصادية والاجتماعية والخلافات السياسية والمخاطر الأمنية والاغتيالات والتجاذبات والمنعرجات الخارجية التي ألقت بظلالها على البلاد وعاش على وقعها التونسي. أسدل الستار على العام الثاني من "الشرعية" وسط عديد التساؤلات في وضع طغى عليه التوتر والاحتقان وقد حاولنا من خلال الملف التالي ملامسة تساؤل وحيد وهو من المستفيد من السنة الثانية التي بدأ العد التنازلي للفظ "أنفاسها" الأخيرة ؟.
«أقوى حكومة في تاريخ تونس» على المحك: الرش.. الاغتيالات .. الإرهاب و«جهاد النكاح» أيضا ! تونس-الصّباح الأسبوعي: بعد أيام تنتهي السنة الثانية من الشرعيّة ، شرعيّة المجلس التأسيسي وشرعيّة حكم "الترويكا"، شرعيّة تستميت بعض الأحزاب في التمسّك بها وإضفاء هالة من القداسة عليها إلى درجة أن كلّ نقد سياسيّ يوجّه لأصحاب الشرعيّة يُعتبرانقلابا على الشرعيّة، ولكن هناك أحزابا وقوى سياسية ووطنيّة أخرى ترى أن أوّل المنقلبين على الشرعيّة هم أصحاب الشرعيّة أنفسهم الذين منحوا لأنفسهم سنة إضافية من التنفيذيّة والتشريعيّة دون وجه حقّ ودون التزام بالاتفاقات السابقة... بين مدّ وجزر سياسي عنيف انقضت السنة الثانية من الشرعيّة دون انجازات كبرى لكن بخسائر ستحتفظ بها ذاكرتنا الوطنية كنقاط سوداء في تاريخ تونس. الرشّ ..الإرهاب..الاغتيال..جهاد النكاح ، عناوين مؤلمة وقاسية رافقت هذه السنة التي افتتحت بأحداث الرشّ بسليانة في نوفمبر 2012 ، لمّا احتجّ الأهالي على والي الجهة فتمسّك به رئيس الحكومة وواجههم الأمن ب«الرشّ» الذي أفقد بصر عدد من شباب الجهة فغادرها أهلها في هجرة جماعية ستبقى في الذاكرة احتجاجا على وال موال للحزب الحاكم... بعد «الرشّ» كان لنا موعد مع فاجعة اغتيال شكري بلعيد وبعده البراهمي لتبدأ حقبة سوداء من الاغتيالات السّياسية وتفشّي الإرهاب في بلادنا الذي ضرب بقوة في «الشعانبي» وأوْدى بحياة جنودنا البواسل في مجزرة فظيعة ارتكبت في شهرالإيمان والتقوى ، شهر رمضان، ناهيك أنّ عشرات الأطراف لقوّات الأمن والجيش بُترت بفعل الألغام التي زُرعت هناك. ولم يقتصر النشاط الإرهابي على الجبال بل حاول اختراق المدن ومن ألطاف الله أن الوضع الأمنيّ بالمدن مازال تحت السّيطرة. ومن العناوين الصادمة والمُحزنة في السنة الثانية "شرعيّة" تلك البدعة المسمّاة "جهاد النكاح" التي أساءت بشكل مباشر لمكانة المرأة التونسيّة ولصورتها في العالم ، فتونس التي تعتزّ بنسائها الرّائدات في المجالات المختلفة أصبحت اليوم خزّانا لتصدير المجاهدين و"مجاهدات النكاح" أيضا.
على وقع تغيّر موازين القوى السّياسيّة: أحزاب أفلت وأخرى سطع نجمها تونس-الصّباح الأسبوعي: أبرزما ميّزالمشهد السّياسي في تونس، في السّنة الثانية للشرعيّة ، هو تغيّرموازين القوى السياسية. فهناك أحزاب أفل نجمُها، وهنا أحزاب اختفت تماما من المشهد، وكذلك هناك أحزاب سطع نجمُها وبقوّة ، كذلك شهدت هذه السّنة ولادة تحالفات كبرى وجبهات عمل مشترك لينحصرالصّراع السّاسي في عائلات فكريّة كبرى. فلأوّل مرّة في تاريخها النضالي تتجمّع قوى "اليسار" في "جبهة" عمل مشترك وهي "الجبهة الشعبية" التي أصبحت رقما مهمّا في المعادلة السياسيّة خاصّة بعد اغتيال الشّهيد شكري بلعيد، فالتعاطف الشعبي مع الجبهة بعد فاجعة اغتيال أبرزمؤسّسيها كان كبيرا. "الاتحاد من أجل تونس" بدوره والذي يضمّ أحزابا كبرى اليوم على الساحة ك"نداء تونس" الذي استطاع في ظرف قياسي أن يكون ندّا وخصما قويا ل"النهضة" بفضل حنكة مؤسّسه الباجي قايد السّبسي، وكذلك "الحزب الجمهوري" و"المسار". وهذا التحالف يبقى من أقوى التحالفات الموجودة على السّاحة وذلك للثقل الشعبيّ الذي يُحظى به وكذلك لقوّة التمثيل النيابي الذي يملكه في المجلس التأسيسي فيجعله يتصدّى بقوة للأحزاب الحاكمة..هذا بالإضافة إلى العائلة الدستوريّة التي تحاول أن تتجمّع في جبهة عمل مشتركة . وفي المقابل نجدُ أحزابا كبرى تشتّتت في السنة الثانية "شرعيّة" ك"العريضة الشعبية" التي خسرت نوّابها لصالح قوى أخرى وغيّرت اسمها الى " تيّار المحبّة "وكذلك حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية " الذي تشظّى الى حزيْبات مختلفة وحزب" التكتّل" الذي فقد بريقه و إشعاعه.. السنة الثانية من" الشرعيّة" شهدتْ بدورها تألّق بعض الشخصيّات السّياسية وكذلك سقوطا سياسيا للبعض الأخر.. فكل تقدّم يشيرالى أن موازين القوى في تونس تغيّرت وأننا على أبواب زمن سياسيّ جديد بملامح حزبيّة مختلفة..
الاتّحاد العام التّونسي للشّغل: من السياسة.. وإلى السياسة تونس-الصّباح الأسبوعي: الاتحاد العام التونسي للشغل الذي وُلد تاريخيّا في سياق سياسي ، ديدنه تحقيق استقلال البلاد ودحْرالمستعمر، لم يتخلّف يوما عن المواعيد الحاسمة في تاريخ تونس الحديث. فاتحاد حشّاد الذي قاوم المستعمر وساهم بزخم نضالي كبير في معركة تحريرالبلاد ، ورغم كل ما قيل عن تدجين الاتحاد زمن النظام البائد فإن التاريخ كان شاهدا على الدور الحاسم الذي لعبه في الثورة التونسيّة وفي الإطاحة بالنظام. اليوم وبعد سنتيْن من الثورة، يجد الاتحاد العام نفسه مجْبرا على لعب الدّور الرئيسي في إنقاذ البلاد وتجميع الفرقاء وتعديل الأوتارالسياسيّة التي اهترأتْ بفعل الأزمات ونقص الحنكة والخبرة السياسية بالنسبة إلى الأحزاب الحاكمة والمعارضة أيضا ، وهوالى جانب المنظمات الرّاعية للحوار يحاول التأقلم مع الشطحات الحزبيّة الغريبة وتقريب وجهات النظر مع مراعاة المصلحة العليا للبلاد والحذرالشديد من أي انزلاق قد يكون له نتائج كارثية ،. إن الاتحاد الذي أصبح دورُهُ السياسيُّ أكثر بروزا من دوره النقابي والاجتماعي التقليدي يخوض مهمّة صعبة وعسيرة في الحفاظ على تماسك الدّولة وتقريب وجهات النظر السياسيّة ..ولكن هل سيضرب الاتحاد موعدا جديدا مع التاريخ ليسجّل له نجاح مهمته في إنقاذ البلاد من المصيرالغامض..وفي اللحظة الأخيرة؟
الحصاد المرّ.. نوفمبر 2012 وزارة الداخلية تستعمل الرشّ لقمع المظاهرات المطالبة بإقالة الوالي في سليانة.. فيفري 2103 اغتيال شكري بلعيد أمام منزله..ورئيس الحكومة حمادي الجبالي يستقيل... مارس 2013 سقوط سياسي لوزيرة المرأة التي فشلت في معالجة ملفّ اغتصاب طفلة بإحدى رياض الأطفال.. -حكومة الترويكا 2 تباشر العمل رسميّا بقيادة علي العريّض أفريل 2013 بداية الحرب ضدّ الإرهاب في تونس مع انفجارأوّل لغم في جبل الشعانبي..جرحى وقتلى وأطراف مبتورة وفاتورة على الحساب لمعركة طويلة المدى مع الجماعات المتشدّدة. جويلية 2013 اغتيال محمد البراهمي أمام منزله بنفس السّلاح الذي اغتال بلعيد في يوم عيد الجمهورية. قتل 8 جنود في الشعانبي في مجزرة وحشيّة تمّ خلالها التنكيل بجثثهم وذبح بعضهم. انسحاب 70 نائبا من المجلس التأسيسي والمطالبة باستقالة الحكومة وحلّ المجلس أوت 2013 بن جعفر قرّر إيقاف أعمال المجلس التأسيسي إلى حين حلّ الأزمة السياسية سبتمبر 2013 وثائق مسرّبة من وزارة الدّاخلية تكشف أن الدّاخلية كانت على علم باغتيال البراهمي وتلقت تحذيرا من المخابرات الأمريكية ولم تتخذ أي إجراء.
تصريحات مثيرة للجدل لطفي بن جدو (المجلس التأسيسي 19 سبتمبر 2013) «يتداول عليهنّ جنسيّا عشرون وثلاثون ومائة مقاتل، ويرجعْن إلينا يحملن ثمرة الاتصالات الجنسية باسم «جهاد النكاح»، ونحن ساكتون مكتوفي الأيدي» الشاذلي العياري (صحيفة الشرق الأوسط 19 سبتمبر 2013) «أقول للسياسيّين: أنتم تُفقون أكثرمن طاقتكم، وحتى الكعكة التي ستقتسمونها لن تكون موجودة، فماذا ستوزّعون: الفقر؟ وإذا كانت الديمقراطيّة هي توزيع الفقرفعلى الدنيا السّلام! أي تحقيق العدالة في الفقر.» علي العريض (ندوة صحفيّة 27 أوت 2013) «تنظيم أنصار الشريعة.. تنظيم إرهابي» الباجي قايد السبسي (الشرق الأوسط 21 سبتمبر 2013) «ليس محرّما عليّ أن أكون رئيسا لتونس» الصحبي عتيق (السبت 13 جويلية 2013) «من يستبيح الشرعيّة في تونس سيُداس تحت الأقدام»