لئن يبدو واضحا من خلال الجلسات الماراطونية للحوار الوطني أن هذا الأخير يسير بخطى ثابتة نحو حلحلة الوضع والخروج من النفق المظلم الذي تعيش على وقعه البلاد منذ أكثر من شهرين (تاريخ اغتيال الشهيد محمد البراهمي) الا ان تدهور الوضع الأمني قد يخلط في أي لحظة الأوراق من جديد..وقد يؤثر سلبا على ما ستثمر عليه توفقات الحوار الوطني، ونعود إلى المربع الأول.. ويجد هذا الطرح صداه بعد ان الغي اجتماع شعبي لحركة نداء تونس الأحد الماضي بعد بلوغهم بان هنالك 5 قيادات من الحزب مهددين بالاغتيال . وتبعا لذلك يروج البعض بان الجماعات الإرهابية بصدد ترتيب رد عنيف سواء قبل او بعد تشكيل الحكومة بالنظر الى ان ذلك لا يتماهى ومخططاتهم.. في تشخيصه للوضع الراهن والى ما ستؤول إليه الأوضاع قال الخبير الأمني نورالدين النيفر في تصريح ل "الصباح": "نعم سيقومون بردة فعل لان ما يقع لن يكون في صالحهم لأنهم يريدون تفكيك ولايات الجمهورية إلى إمارات والقضاء على العمود الفقري للدولة: قوات الأمن الوطني والجيش والجهاز القضائي فضلا عن مرافق الدولة الأساسية: الكهرباء والماء والاتصالات.." لكنه استدرك بقوله:" إذا ما اتحد الشعب التونسي وواجه مشروعهم الذي هو مشروع موت تونس الحديثة ونشأة نموذج آخر شبيه بسوريا وأفغانستان والعراق فستبطل كل مخططاتهم." وفسر النيفر من جانب آخر بأننا في تونس "نعيش وضعية حرجة جدا وهذا الحرج متأت بأنه قد يخيل لهؤلاء المنتمين لهاته الجماعات أن هذا التحول الذي سيقع على مستوى الحكومة سيكون مثلا شبيها بتحول السابع من نوفمبر أو كمصر التي انتقلت من مرسي إلى سيسي." واوضح بأن الجماعات الارهابية تتبع أجندات وتحس بأنها محاصرة نوعا ما وقد حزمت أمرها واختارت الخطاب العنيف وما يتبعه من تجييش لعناصرها ومن عمليات إرهابية على غرار الاغتيالات. وحذر من ان المسالة الآن باتت تمثل تهديدات جدية لان هنالك تخزين لهذه الأسلحة وخرجت الخلايا النائمة وأصبحت ناشطة وهنالك محاولات لدخول مقاتلين تونسيين في سوريا إلى تونس عبر الحدود الجزائرية أو الليبية. وكشف عن وجود سعي إلى التقاء هذه العناصر لتبدأ عملية شبيهة بسوريا أي استهداف أمنيين وتفجير إدارات سيادية للدولة..وكذلك بداية مقاومة حضور الدولة في الأحياء الحزامية للمدن وتشويش تركيز قوات الأمن الداخلي والجيش الوطني لخلق توتر ومواجهة متباعدة . كما أضاف النيفر أنه سيلاحظ وجود حملات تهديد فردي كوضع رسائل تحت أبواب بعض المسؤولين والكتابة ببخاخات على جدران بيوتهم فضلا عن وجود تجييش للكثير من العناصر المنتمية لبعض الجهات المتطرفة ومطالبتها بحلق ذقونهم وتغيير مظهرها استعدادا للتحرك. وأشار النيفر من جهة أخرى إلى ان تعليمات وجهت للارهابيين خلال الأسبوع الفارط وعقب استشهاد أعواننا البواسل من الحرس الوطني بالاعتكاف بالمساجد قصد الاستعداد الجيد للتحرك مشيرا إلى أن هنالك من يعتكف بالمساجد تحسبا من الملاحقات الأمنية والمراقبة الاجتماعية ليلا ويقوم بما يسمى بالتحضير النفسي للاستشهاد.. وهو ما يدفع -على حد قول الخبير الأمني- إلى التوقي من بعض العناصر التي قد تستعمل الأحزمة الناسفة وتفخيخ السيارات عن بعد موضحا في السياق ذاته أن هنالك تهديدات من الضروري التوقي منها على غرار كراء الضيعات ومحلات التخزين إلى جانب الانتباه للحركات والتحركات الليلية. وشدد النيفر على ضرورة تيسير عمل الأمن الوطني سواء بتبليغه المعلومة أو بإرشاده حول الأشخاص مع اليقظة ليلا نهارا. وردا على سؤال يتعلق بإمكانية استفحال العمليات الإرهابية بالتزامن مع تشكيل الحكومة الجديدة ذكر النيفر أن هذه الوضعية ستتأثر حتما بنوعية الحكومة فإذا ما استطاعت هذه الحكومة أن تعيد إلى الدولة هيبتها من خلال قيام قوات الأمن الداخلي بعملها دون إرباك ومع توفر الإرادة السياسية المتمثلة في تجهيزها بالأسلحة علاوة على توسيع دائرة التعاون الأمني بين الجيش وقوات الأمن ومختلف المسؤولين من ولاة وغيرهم..ولاسيما إرسال رسالة واضحة لكل أعداء الوطن بان الدولة لا ترهب بل ترهب ولا تتأخر بل تتقدم كما أنها حازمة إلى ما لا نهاية له للتعاون الاقليمي والدولي والوطني للقضاء على الإرهاب سواء الإرهاب "الوافد" (من سوريا أو ليبيا..) أو الإرهاب الناشئ في تونس. وخلص النيفر إلى القول: " أعداء الوطن كثيرون لكن لا بد لنا آن نصطف وراء قوات الأمن الداخلي وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر في مواجهة الإرهاب.."