قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحدة الوطنية أول دواء لتداعيات مالي.. وتكرار السيناريو الجزائري في تونس صعب
الجامعي والخبير الأمني نور الدين النيفر ل"الصباح":
نشر في الصباح يوم 29 - 01 - 2013

أجرت الحوار:منال حرزي - استبعد نورالدين النيفر الخبير في الدراسات الاستراتيجية والأمن الشامل تكرر سيناريو الجزائر في تونس. كما استبعد أن تكون تونس منطقة جهاد باعتبار أن الأمن والجيش الوطنيين يقومان بدورهما، غير انه لاحظ أن الخطورة تكمن في تراخي المجتمع المدني عن ملإ الفضاء العمومي والمشهد السياسي.
وأكد في حديث ل"الصباح" أن القضاء على ظاهرة تصدير الشباب التونسي للجهاد يبقى رهين طرح بدائل لمشاريع اجتماعية واقتصادية وتنموية..
أما فيما يتعلق بتداعيات أزمة مالي على تونس اعتبر أن أول دواء لها هو الوحدة الوطنية حول اهداف الثورة والمتمثلة في برنامج وطني للنهوض بالتشغيل والاستثمار.
وقال إن اصلاح المنظومة الامنية رهين اعتماد مواصفات دولية فضلا عن تحسين منظومة الأجور.
والنيفر دكتور دولة مبرز متحصل على التاهيل الجامعي واستاذ بجامعة تونس المنار.
وفيما يلي نص الحديث:
* وصفتم الجيل الرابع من تنظيمات القاعدة والذي برز بعد ثورات الربيع العربي بالجيل الرابع الذي يعد أكثر خطورة: هلا فسرتم ذلك؟
- أولا الجيل الأول لتنظيم القاعدة كان جيلا يواجه السوفيات والايدولوجيا الشيوعية أما الجيل الثاني فقد واجه الولايات المتحدة الأمريكية وضرب اكبر بنايتين فيها نظرا للعدوان الذي حصل على أفغانستان والبلدان الإسلامية، ثالث جيل هو الجيل الذي تكون في أوروبا بالتعاون مع باكستان وقام بعمليات المواجهة أولا باسبانيا ثم تفجير المترو في لندن الخ وكل هؤلاء يواجهون الغرب.
الجيل الرابع نشأ اثر ثورات الربيع العربي..هذا الجيل قد يواجه الدولة باعتبار أننا نلاحظ الآن في سوريا بداية حرب أهلية يخوضها الجهاديون أي أن السلاح الذي كان موجها ضد الشيوعية أوضد الرأسمالية أو ضد الغرب أصبح يوجه ضد المسلمين من قبل أناس يدعون أنفسهم مسلمون وهنا الخطورة، باسم التكفير يريدون فرض نموذج متحجر، وهو نموذج تضييقي على القناعات وعلى الحريات.
فالجيل الرابع أصبح يتحرك وسط مجتمعات الربيع العربي نفسها بينما كان قبل ذلك يتحرك بعيدا عن هذه المجتمعات.
من ناحية ثانية هنالك ظاهرتين خطيرتين الأولى هي تكفير المسلمين من قبل جزء من مكونات المجتمع المسلم لان هؤلاء المتشددين دينيا لم يأتوا من كوكب المريخ هم أبناؤنا وكونتهم المنظومة التعليمية والفضائيات المتحجرة والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبطالة وهشاشة التنمية والأحياء الهامشية وكذلك الفقر وانعدام تسليح هذه الأجيال بالعلم وبالمهارات المهنية.
ومن ناحية ثانية هنالك تهديد حقيقي للدول فهذه الجماعات تسعى إلى تفكيك الدول القائمة وتفكيك جيشها وشرطتها وقضائها وإدارتها المركزية فهي ضد الدولة وتحطم الدولة.
تونس... والارهاب
* لنتحدث عن الوضع في تونس فيما تتمثل بالضبط خطورة هذا الجيل؟
- خطورته تكمن في أنه يرفع السلاح ضد الدولة نفسها فإدخال السلاح إلى تونس من أجل مواجهة الدولة التونسية خطير جدا لأن هذا السلاح يستعمل ضد العمود الفقري لكيان المجتمع وهي الدولة.
ثم إن الدولة التونسية عندما نشأت سنة 1956 نشأت على أساس وطني فهي دولة وطنية وأسست الجيش الوطني والحرس الوطني وأسست الإدارة الوطنية فهي دولة قائمة الذات لها قوانين ولها تشريعات ولها سلطة قضائية لها اجتهادات وفقه قضائي. عندما تحطم كل هذا دفعة واحدة فانك تدفع المجتمع إلى مجتمع الدولة الفاشلة إلى مجتمع اللادولة حرب الجميع ضد الجميع وحرب كما يسمي ذلك هوبز ما قبل العقد الاجتماعي أي حرب الإنسان ضد الإنسان.
* بما انك اعتبرت أن هذا الجيل يهدد ويفككك الأمن الداخلي للدولة هل بدأنا في تونس نقترب من هذا السيناريو؟
- كل الدول مهددة بظاهرة الإرهاب الذي أصبح شبكة عالمية، في مالي مثلا نجد نوعا من الفزاعة والتجييش لجهاديين من تونس من مصر من ليبيا من كندا من النيجر كلهم تربطهم إيديولوجيا واحدة هي الايديولوجيا التابعة لتنظيم القاعدة وللجماعات المتشددة. اذن التهديد هو تهديد حقيقي هو تهديد مفصلي أي أن هذه المجموعات قد تضرب مثلا الغاز الماء الكهرباء أو البنك المركزي قد تقوم بفعل انفجاري في احد الفضاءات العمومية أوفي بعض المرافق العامة فهي تخلق نوعا من الفزع والهلع وتشكك في جدوى الدولة وهنا خطورتها.
خطورتها وظيفية وليست كميّة قوات الجيش الوطني وقوات الأمن الداخلي يستطيعون أن يسيطروا عليها هذا مما لا شك فيه، لكن الحدود الليبية ووجود ترسانة هائلة من الأسلحة أصبحت من دون رقيب وفي متناول الجميع هو الذي عقّد الوضعية.
التمويل.. والمصلحة
* من وجهة نظرك من يمول هذا الجيل من تنظيم القاعدة؟
- أكيد أن الذي يأكل الخبز لا شك أن له من أين يدفع الخبز والذي يستطيع أن يقتطع تذاكر الطائرات ويصل إلى تركيا ليلتحق بسوريا لا شك بان هنالك تمويل لتذكرة الطائرة ولمصاحبته وللتكفل به وهنالك تعبئة.
ما هو واضح هو أن هنالك كمية كبيرة من المال تضخ لصالح هؤلاء الناس من جمعيات متنوعة ومن مصادر مشبوهة هذا مما لاشك فيه، أما تحديدها فيمكن للدولة أن تحددها بدقة بالمتابعة.. هو مال سخي أي أن هنالك جهات لها مصلحة في ضخ هذه الكميات من المال فهي أموال طائلة جدا هنالك اناس يتحصلون على المال ويتحركون وينظمون تظاهرات سياسية كبيرة جدا.
إذا أخذنا في اعتبارنا التقارير التي تقدمها الاستعلامات البريطانية فهي تعتبر أن الجمعيات الخيرية لها دور أساسي في هذا العمل. وهي الغطاء السياسي لتمويل هذه الحركات السياسية.
* لمصلحة من كل هذا؟
- هنالك أجندا عالمية، فالولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث11 سبتمبر تريد أن تنقل مشكل المسلمين وتمردهم من الغرب ومن الولايات المتحدة إلى بلدانهم.
كانوا يتحدثون قبل ذلك مثلا عن التفاوت الحضاري وضرورة إلحاق هذه البلدان بالغرب، اليوم لا يهمهم تلحق أو لا تلحق اذ كانت المشكلة أساسية هي مشكلة الحداثة والتحديث الآن لا يتحدثون عن الحداثة.
كانوا قبل ذلك يدافعون عن العقلانية وعن حقوق الإنسان اليوم لا يهمهم ذلك ما يهمهم هو ضمان مصادر الطاقة واليورانيوم كما هو في مالي ومصادر المعادن وضمان سوق متسعة لبضاعتهم وضمان ضخ الأموال الخليجية في البنوك العالمية من اجل إعادة الاستثمار وتمويلها، أمّا مسألة الهوية والثقافة والعقلانية وتأسيس قاعدة علمية وتكنولوجية في هذه البلدان لا يهمها.
* هل يمكن أن تصبح تونس منطقة للجهاد؟
- من وجهة نظري لحد الآن الدولة تقوم بدورها والجيش الوطني يقوم بدوره، الخطورة كل الخطورة هو أن يتراخى المجتمع المدني ولا يملأ الفضاء العمومي والمشهد السياسي ومجالات الثقافة والعلم والإعلام.
هناك فضائيات تحرض وتجيّش يجب مواجهتها بإعلام صلب إعلام مثقف إعلام يطرح الإشكاليات الدينية من وجهة نظر إنسانية اجتهادية متقدمة. نؤوّل الدين وفق عقيدتنا وفق الإسلام السني المعتدل الذي تعودنا عليه نطرح بديلا لمشروع اجتماعي اقتصادي تنموي، الأخذ بيد الفقراء بعملية تنمية التوزيع العادل للثروة بين الجهات العناية بالأحزمة الحمراء للمدن والتأهيل المهني للشباب المنقطع عن العمل تشغيل الشباب حتى تكون له أفق هذا هو دورنا..عندما نوفر هذه العناصر فان الشباب سوف لن يصيبه اليأس ولن ينخرط في عمليات جهادية أصلها وسببها اليأس والإحباط.
"تصدير الجهاديين"
* ولكن اليوم باتت تونس الوجهة الرئيسة لتصدير الجهاديين سواء الى سوريا أو العراق كيف تفسر ذلك؟
- لان هناك منظمات تستقطبهم هي المنظمات الجهادية بعنوان انه يجب آن نجاهد ونقوم بنصرة المسلمين، لذلك نلاحظ أن هذه المنظمات تسمى نفسها نصرة المجاهدين وهي تقوم بالتجييش. في الحقيقة الجهاد الحقيقي هو الجهاد الذي يبدأ ضد الجهل، فالقرآن الكريم يبدأ بأول كلمة عظيمة هي كلمة «اقرأ» فنحن مدعوون إلى أمر القراءة والله سبحانه وتعالى جعل الذين لا يعلمون لا يستوون مع الذين يعلمون. يعني أول جهاد هو جهاد بالعقل وبالعلم وثاني جهاد هو في مواجهة الفقر والجهاد هو جهاد في التنمية في اكتساب التكنولوجيا في تنمية الجهات في العدالة الاجتماعية والجهاد الثالث هو الجهاد في نصرة المسلمين بمساعدتهم بواسطة العلم في المحافل الديبلوماسية في حقوق الانسان عبر تحسين وضعيتنا وحضورنا الاستراتيجي في العالم .
اما هذه المجموعات التي تقوم بالتجييش إنما هي مجموعات ممولة بالمال، ولها أجندات لبلدان بعيدة تريد أن تحطم الدول المركزية وان توجد خريطة شرق أوسط جديد. وهو عمل يمتد إلى 30 سنة إلى الأمام للأسف نحن لا نخطط استراتيجيا إلى الأمام، وأعداؤنا يخططون، نحن ننظر أمام أنوفنا هم ينظرون الى تغيير الثقافة والقيم ومشهد الإعلام ويخططون له ويجيشون ويجندون ويستثمرون المليارات.. نحن للأسف لسنا واعين بمصالحنا وبالأجندات التي تلعب بنا.
الحلول
* ما الحل اذن؟
- الحل الأساسي هو ثلاثي الأبعاد أولا أن الدولة يجب ان تخصص برنامجا للتنمية وللتشغيل وتنمية الجهات والاستثمار سميّته برنامج مارشال لتونس مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية.
للاسف الشديد البلدان العربية الثرية بإمكانها ان تمول البلدان العربية التي ليست لها مصادر بترولية وللأسف أنهم مستعدون لدفع المليارات من اجل الكلاشنكوف وغير مستعدون لدفع المليارات من اجل مدارس التكوين المهني وإقامة الصناعات الصغرى والمتوسطة والوحدات الفلاحية للانتاج والتعليم والتربية والصحة والثقافة ثانيا.
لابد للدولة أن تتحمل مسؤولياتها في مواجهة هذه الجماعات بتطوير البرامج التعليمية والبرامج التثقيفية يجب ان توجد في المعاهد حصصا للتربية الفنية وللأدب والمواد الدينية التي تعلم الأجيال دينها الحقيقي دين الاجتهاد دين التفتح دين الاحترام الدين المعادي للعنف هذا الدين الذي لم يأت إلا رحمة للعالمين.
* من وجهة نظر أمنية بحتة هل أن الجيش الوطني قادر على اختراق هذه الجماعات ؟
- نعم بكل صدق تكوين الجيش الوطني وضباط الأمن الداخلي تكوين متكامل، ما حدث هو ذلك التراخي الذي حدث طيلة 5 او 6 اشهر حتى بعد انتخابات 23 أكتوبر ووقع نوع من ضعف لهيبة الدولة وسلطتها.
لكن الدولة تتعافى يوما فيوم وتجهز نفسها وتقوم باختراق هذه المجموعات وأمننا سواء قوات الآمن الداخلي او القوات المسلحة قادرة على مواجهة هاته الجماعات بطبيعة الحال. بمساعدة المواطن الذي يجب عندما يجد أن امن بلاده مهدد يعلم السلطات المختصة وهذا لا يعتبر بلغتنا العامية «قوادة»..
إن اي انفجار قد يحدث لا قدر الله سوف ياتي على أبنائنا وعلى أخواتنا. ثانيا يجب على منظمات المجتمع المدني أن تطور ثقافة السلم والتعايش وأخلاقيات الحوار. وثالثا لا بد للأحزاب السياسية في تونس أن تكون قواسم وطنية مشتركة وجدية دفاعا عن حوزة الوطن ونبذ العنف وتكريس الديمقراطية فضلا عن عدم تسييس التعليم والمساجد وإفساح المجال للفضاء العمومي لكل التيارات سواء كانت سلفية أو وسطية أو يسارية أو نهضوية لتعبر عن نفسها وان تتوقف عن العنف وان تؤمن بان حريتها مشتركة، كما يجب إبعاد النص القرآني المقدس عن التجاذبات السياسية والتأويلات.
فالتجاذبات السياسية ستتغير كالحرباء وفق المصالح ووفق الظرفيات لنترك ما هو مطلق ومشترك بين التونسيين خارج ما هو نسبي ومجال للتجاذبات.
* وما مدى صحة تورط بعض العناصر الأمنية في جمع الأسلحة؟
- ليست هنالك اختراقات في مستوى الأمن أو الجيش فالاختراق بمعنى عناصر قيادية نظمت نفسها وأصبحت لها عقلية انقلاب. هذه الظاهرة لا توجد ما لم يوجد أحيانا انفلات عون وقع رفته من قوات الأمن الداخلي ووقع إرجاعه عندما وقع إرجاع الأعوان المفصولين وهم أعوان ليست لهم مسؤوليات كبيرة جدا.
قاموا ببعض التصرفات التي تدخل تحت طائلة القانون وهذا يقع في كل مكان. ولكن اختراقات في مؤسسة الجيش أو الأمن فهذا لا وجود له فهاتين المؤسستين بقيتا مؤسستين نظاميتين تعملان وفق القانون ووفق المصلحة الوطنية العليا.
* وهل يمكن القول أن جهاز الاستخبارات أو الاستعلامات قد ضعف أداؤه نوعا ما بعد الثورة؟
- لقد قالت شرائح كبيرة يجب ايقاف التنصت حتى على الأعداء. اعتقد ان التنصت واجب على اعداء الوطن بشرط إعلام النيابة العمومية ومن الضروري تقنين هذه المسألة ويجب ان يكون للدولة جهاز استعلامات قوي يمكن من المال ومن الإطار القانوني، اعتقد أن كل دولة لا بد أن تتمتع بجهاز للاستعلامات يحفظ الأمن القومي واعتقد أن بن علي حاد بهذا الجهاز ليجعله في خدمة شخص وليس في خدمة وطن.
علينا الآن ان نجعل كل الاجهزة الاستعلاماتية في خدمة تونس ومصلحة الدولة والمصلحة العامة والإرادة الشعبية العامة وليست لمصلحة شخص أو حزب.
مشروع طوباوي
* ماهي أهداف هذا الجيل الرابع في منطقة المغرب العربي على المدى البعيد؟ وما هو مخططهم.؟
- إقامة إمارة إسلامية وخلافية تمتد لكل البلدان الإسلامية من المغرب حتى إلى باكستان وأفغانستان والعودة بالتاريخ إلى مرحلته كما يقولون هم الصافية الأولى من اجل نشر العدل وإرجاع القيم الأولى ومعاداة الغرب ومعاداة كل القيم الحداثية التي افسدت صفاء المسلمين الاولين، وهو مشروع طوباوي خيالي لانه يرجع بنا وينسينا ان الاسلام استوعب كل القيم الانسانية الرفيعة وطورها. الاسلام منح للغرب ابن سينا وابن خلدون وابن رشد فضلا عن التاريخ الإسلامي في الديبلوماسية واحترام الاقليات والرحمة والرأفة بالمسلمين وتطوير عقلية التعايش بين مختلف القوميات والأوطان.
السيناريو الجزائري
* مع بروز هذا الجيل من تنظيم القاعدة ومع التراخي الأمني في التعامل معه فضلا عن ما نلمسه من تضييق للخناق على الإعلاميين اليوم.. هل يمكن أن يتكرر السيناريو الجزائري في تونس؟
- السيناريو الجزائري صعب تكرره في تونس لأن الدولة التونسية لها عمود فقري صلب هو الجيش الوطني وقوات الأمن الداخلي ولها جسم دولة صلب فيه مكتسبات قوية جدا، أولا مكتسبات بناها محمد علي الحامي والطاهر حدادا وفاضل بن عاشور، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل هذه مؤسسة عظيمة كرسها فرحات حشاد وكانت طرفا قويا في بناء الاستقلال وفي بناء الدولة الوطنية.
ثانيا هنالك مكاسب أساسية للتونسيين هي مؤسسات التعليم والصحة والمرافق العمومية هنالك دولة وبيروقراطية وجهاز بيروقراطي للدولة.
ثالثا الإعلام بعد الثورة هنالك فيه أشخاص إذا ما وقع قمعهم فذلك يعني أننا عدنا إلى دولة الاستبداد.
فالتضيبيق على الاعلام كما هو حاصل الآن يعكس ضعف وغياب البرامج السياسية التنموية وهي صفة بن علي، اعتقد انه لا يمكن الرجوع إلى ما قبل 14 جانفي مع كل احترامي لابن خلدون: التاريخ لا يعيد نفسه لقد تقدمنا العالم كله يتجه إلى إعطاء السلطة الرابعة مكانتها. إن التضييق على الإعلاميين هو انعكاس لأزمة وليس انعكاسا لاستراتيجية تنموية للعدالة الاجتماعية وللتشغيل والاخذ بيد الشباب والحوار الوطني الذي يوجد الاستقرار السياسي.
* هل أن التعامل الامني وحده كفيل للسيطرة على هذا الجيل من تنظيمات القاعدة؟
- التعامل الأمني وحده يكون دوما فاشلا والحلول الأمنية دوما فاشلة يجب أن تكون الحلول الأمنية في نطاق القانون ويبدأ القانون من اللحظة التي تخالف فيها هذه التنظيمات وعناصرها الفاعلة والمنتمون إليها القانون أي يمارسون العنف او الجريمة..
هذه السلوكيات يجب تطبيق القانون فيها بلا هوادة لكن في ما عدا ذلك يجب على المجتمع المدني أن يقوم بتطوير العقليات يجب على أساتذة الجامعة أن يحيطوا بطلبتهم يجب أن نكثف الحوارات التلفزية يجب أن نعيد زبدة عقولنا: الجامعيين والمثقفين والفنانين الى ساحة المشهد السياسي والثقافي وهذا لن يقوم به الا المجتمع المدني. إن مواجهة هذه الجماعات بما يسمى بالعنف البوليسي سوف يصب الزيت على النار المسألة مسألة تنشئة ثقافية وليس عنفا بوليسيا.
تداعيات أحداث مالي
* مع الوضع المتأزم في مالي كيف يمكن لتونس أن تأخذ حذرها من تداعيات هذه الأزمة؟
- أول دواء لتداعيات مالي هي الوحدة الوطنية حول أهداف الثورة المتمثلة في برنامج وطني للنهوض بالتشغيل، الاستثمار، العدالة الاجتماعية للجهات، العناية بالأحياء المهمشة ثقافة وطنية متأصلة في القيم الكونية، احترام الاحزاب السياسية للحوار فيما بينها عدم الغلو والتطرف والدخول في العنف تقوية الجبهة الداخلية للدولة.
ثم تقوية الجبهة الديبلوماسية لبيان أن تونس بلد آمن ومستقر وبذلك ننشط الموسم السياحي من جديد الذي يتكلف على الدولة التونسية بخمس الميزانية .
علينا أن نضمن الاستقرار الداخلي بوفاق بين كل الأحزاب من اليمين إلى اليسار ونضمن السلم الأهلية المدنية والنظام العام حتى نضمن استمرار السياحة.
يجب أن نحسن علاقتنا مع الجزائر ونتعاون معها يجب أن تتحمل ليبيا وزر حماية حدودها وتتعامل معنا بالحماية المشتركة بدوريات مشتركة يجب ان نجهز حدودنا بالرادارات والدوريات المشتركة بين الحرس الوطني والجيش.
يجب على كل مواطن يرى ظاهرة غير عادية أن يعلم السلطات المختصة كما يجب علينا في تونس أن نحسب خطواتنا الديبلوماسية، فأحداث مالي ستستمر للأسف الشديد لسنوات ويجب أن نتصدى لموجة ممكنة من هؤلاء الذين سيقع تهجيرهم من مالي وبعض العناصر سيلجؤون إلى تونس.
يجب أن نقنع ابناءنا وشبابنا آن هؤلاء الناس وتجريدهم من أسلحتهم ومن دعايتهم نحو التطرف وهذا الفكر المعادي للقيم والقواعد الديبلوماسية للقانون الدولي.
*الا ترى أن تحقيق ذلك صعب مع الكميات الهائلة من الأسلحة التي تؤمنها الحدود اليبية؟
- إن ليبيا احتياطي من السلاح ولكن تونس هي احتياطي من الذكاء واليقظة، يجب تطوير يقظة المواطنة فضلا عن اليقظة الوطنية لنحافظ على مقومات ترابنا. نحن كنا قوة عالمية عظمى اسمها قرطاج تسيطر على البحر الأبيض المتوسط ويهابها الغير لنحافظ عليها.
الإصلاح
* كيف يمكن اصلاح المنظومة الأمنية؟
- المنظومة الأمنية خضعت إلى ما يسمى بقانون 6 أوت 1982 القانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي هذا القانون له الآن 30 سنة وهو الذي يحدد نمط عمل هذه المؤسسة وكيفية التأديب وخصوصيتها..الخ.
لقد آن الأوان لتغييره ولكن المشكل -وهنا احدثك كقانوني- ان هذا القانون هو اساسي والقوانين الأساسية تصدر عن السلطة التشريعية لا تصدرها السلطة التنفيذية فالسلطة التنفيذية استثناء كما هو الحال عندنا عندما وجد المجلس التأسيسي أصدر هذه القوانين الأساسية.
يجب إصلاح المنظومة الأمنية وإصلاحها يجب أن يستجيب لعدة مطالب، أن يصبح الأمن وفقا للمواصفات الدولية أي ان يصبح امنا جمهوريا يخضع لحقوق الإنسان يستعمل أسلحة غير قاتلة، أن يعمل وفقا للضوابط المكتوبة وليست التعليمات الشفوية، أن يكون قابلا للمحاسبة من قبل البرلمان ومن قبل المجتمع المدني، ان يصبح لدينا تكوين امني منذ الانتداب مؤسس على الكفاءة والثقافة العامة ومستوى راق في التكوين.
في ظني يجب الانتداب انطلاقا من مستوى البكالوريا المكتملة لحفاظ الامن وهي الدرجة الأولى ويجب تكوين منظومة التكوين أي التربصات التي يقومون بها ويجب أن يطلع البرلمان والمجتمع والدولة على مضمون تكوين الأمنيين فهذا ليس سر دولة.
يجب ان يقسّم تكوين الامنيين وفق 5 محاور: القانوني والإداري والثقافة العامة والتمارين العملياتية الميدانية وخامسا هو حقوق الإنسان وضوابط الدولة، هذه المحاور يجب أن نجد لها صدى في مختلف برامج التكوين ابتداء من تكوين العون إلى تكوين اكبر الضباط بأعلى درجة.
فاذا ما توفرت هذه العناصر ستضمن لنا امنا جمهوريا كما يجب تحسين منظومة الاجور فهي معضلة.
كمتخصص وخبير في العلوم الأمنية، الامنيون يشتغلون مئات الساعات وآلاف الساعات في السنة دون مقابل وهو امر غير معقول.
من المهم أن يلقى الأمنيون الاحترام من المجتمع من غير المعقول ان ننظر إلى أبنائنا الذين يحموننا بعقلية التحقير والتهميش والحط من الشأن بينما الامنيون هم أناس في أغلبيتهم الساحقة شرفاء جديرون بالاحترام.
* برأيك ماهي ابرز الاخلالات التي تشوب المنظومة الأمنية اليوم؟
- هنالك اخلاليين أساسيين أولا يجب أن يقع تجهيز الأمن تجهيزا متكاملا من حيث الأدوات ومن حيث ميزانية التأهيل بما يتناسب مع حاجيات المجتمع .
ثانيا يجب بشكل مباشر الآن القيام بحوار بين الأمن والمجتمع المدني والمجتمع ككل والاتفاق حول قانون ما يسمى قانون عدد 4 لسنة 1969 وهو القانون ينظم كيفية مواجهة الإضرابات والتظاهرات وكل أشكال الاحتجاجات الاجتماعية، وإعادة النظر فيه وفي الوسائل التي يستعملها. ويجب تأهيل المجتمع ككل أمنيين وحتى المتظاهرين وكيفية التظاهر وتأطير التظاهرات حتى لا نسقط قي ما وقع فيه من شطط في سليانة وإطلاق السلاح بما يعمي الناس وهي بكل صدق وضعيات مأساوية لا تليق بتونس ما بعد الثورة.
* في الختام كيف تنظر إلى الوضع العام تونس؟
- يجب أن يعدل كل منا بوصلته على تونس ما بعد الثورة التي تحتاج لاستثمارات وتشغيل، وحوار سياسي وبرامج سياسية يقوم بها الخبراء في الاقتصاد وفي الاستراتيجيات وفي البنوك المالية..
الطبقة السياسية في تونس لم تفهم أن تقدم الاستراتيجيات في أوروبا نابع من مراكز دراسات الاستراتيجيا ومن علمائهم الذين يدرسون ليلا ونهارا، فمعاهد الدراسات الإستراتيجية التي تدرس البلدان العربية في الولايات المتحدة هي بالآلاف تصرف عليها ميزانيات عشرات المرات بميزانية تونس.
ادعو الطبقة السياسية والاحزاب والوزراء التواضع وطلب التحاليل من الاستراتيجيين والجامعيين والخبراء العلميين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.