هناك اكثر من 100 مخبر تحليل في القطاع العمومي يعمل بلا طبيب أو صيدلي بيولوجي تونس الاسبوعي: نستضيف في مصافحة اليوم السيد البحري الشريف الكاتب العام للنقابة الوطنية للبيولوجيين للممارسة الحرة وقد اردنا ان ينحصر الحوار في موضوع الساعة.. الا وهو المنظومة الجديدة للتأمين على المرض وذلك لانارة القراء الافاضل حول جانب هام من الخدمات العلاجية وهو المتعلق بالتحاليل الطبية والبيولوجية.. من هذا المنطلق عملنا على استيضاح كيفية مساهمة القطاع الطبي الخاص في الضغط على كلفة العلاج.. وحياد الادارة في توجيه المرضى نحو مسديي الخدمات.. وتحفيز هذه المنظومة للباعثين الجدد بالقطاع الخاص على الانتصاب بالمناطق التي تشكو نقصا بهذا الخصوص.. ومسائل اخرى مهمة تطالعونها في ما يلي: «الكنام» لن تنجح بدون تركيز منظومة الكترونية حديثة لتسهيل المعاملات بين مختلف الأطراف ندعو ادارة «الكنام» لعقد اجتماعات دورية مع مختلف الاطراف لمعالجة كل المشاكل كلّما وجدت نرجو تفعيل ما وقع الاتفاق حوله لتأهيل المخابر في القطاعين العمومي والخاص * سي الشريف.. حسب علمنا ليست لدى البيولوجيين مؤاخذات حول منظومة التأمين على المرض بشكل عام وانما هناك تشكيات من بعض الممارسات الادارية فحسب؟ نعم ذلك صحيح الى حد ما.. ولكن هناك تنصيصات صلب هذه المنظومة ستفرغها من محتواها وستذهب بها الى عكس الغاية المنتظرة منها * هل من امثلة على ذلك؟ مثلا، المضمون الاجتماعي عندما يختار المنظومة العلاجية الخاصة بامكانه الولوج للمنظومة العمومية.. والعكس غير ممكن.. فمن يختار المنظومة العمومية لا يسمح له بالذهاب للقطاع الطبي الخاص.. ثانيا المعلوم التعديلي في القطاع العمومي اقل من مثيله في القطاع الطبي الخاص واعتقد انها طريقة ذكية لتحويل وجهة الحريف نحو القطاع العمومي.. ينبغي ان نوجد تكاملا بين القطاع الصحي الخاص والقطاع العام ومن غير المعقول ان نؤسس لقطيعة بينهما.. والحال ان المنظومة جاءت لتحسين الخدمات الطبية وتشجيع الانفتاح على القطاع الطبي الخاص والتخفيف قدر الامكان من العبء عن القطاع العمومي.. لاتاحة الفرصة له قصد تطوير خدماته.. واتساءل هنا هل سنصل بعد كل ما ورد لتحقيق مثل هذا الهدف؟ * قبل عدة اسابيع نشرت صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية مقالا اشارت فيه الى ان حوالي 60% من العمليات الجراحية التي كانت تجرى في السابق في المؤسسات الصحية العمومية اصبحت تجري بعد ارساء منظومة التأمين على المرض في مؤسسات القطاع الخاص.. فهل ترى ان القطاع العمومي في تونس سيقبل التخلي عن مكتسبات تحققت على امتداد سنوات طويلة؟ اصلاح التأمين على المرض مسؤولية جماعية ولا تحمل على عاتق طرف دون سواه.. وعندما نعالج مريضا في وقت وجيز فان ذلك يدخل بلا شك في اطار جودة الخدمات الطبية ببلادنا وفي اطار التحكم في كلفة العلاج بصرف النظر اين تم ذلك في القطاع العام ام الخاص؟ وبمرور الايام سنغنم اقتصاديا وستأتي المرابيح تباعا.. اذا سلكنا منهج السرعة في المعالجة.. * هل يمكنك مدنا بامثلة حياتية وواقعية حول ما تقوله؟ لنأخذ مريضا يقطن بحي الزهور.. يذهب للمستشفى للقيام بتحليل ما.. ورغم تكبده لقدر من المصاريف يقال له عد غدا باكرا لاجراء التحاليل.. ومن الغد يعود ويقوم بالتحاليل ثم يقال له مرة اخرى: عد غدا لاخذ النتائج.. تصور كم تكبد هذا المريض من مصاريف للحصول على هذه الخدمة في نهاية الامر.. كل هذا وفي حيه توجد مخابر للتحاليل.. لابد من ايجاد الحلول لتيسير المرور بين القطاعين الخاص والعام.. وهكذا يتحصل المريض على الخدمة المطلوبة باسرع وقت واقل كلفة وبطريقة اقتصادية فالمريض عندما يتنقل للمستشفى سيتغيب عن عمله عدة ايام في حين بامكانه القيام بنفس الخدمة خارج توقيت العمل الفعلي في القطاع الطبي الخاص.. لابد ان تكون نظرتنا الاقتصادية اكثر شمولية. * هل تفسر النقطة الاخيرة اكثر وما المقصود بشمولية النظرة الاقتصادية؟ المخبري والبيولوجي المتخرج حديثا.. عندما يعلم ان مرضى القطاع العمومي بامكانهم اجراء التحاليل بمخبره.. سنحفزه بذلك على فتح مخابر تحاليل بالمناطق التي تعاني نقصا او حرمانا في هذا الخصوص.. وبشكل غير مباشر قمنا بالتخفيف او الحد من اقتصار احداث المخابر على المدن الكبرى فقط.. في حين ان عدة مناطق من البلاد لا تتوفر بها مخابر.. ومرضاها يأتون للمدن الكبرى لاجراء التحاليل اللازمة وبالتالي تكبد مصاريف اضافية.. واعتقد ان هذا الحال لا يندرج ضمن التوجه الرامي الى مزيد الجودة في الخدمات العلاجية والتحكم في كلفة التداوي والعكس هو ما سيحصل. * وهل تتوفر بعض المخابر الخاصة على معظم التجهيزات والتقنيات التي تضمن القيام بتحليل في مستوى طبي وبيولوجي راق ومتميز؟ بالتأكيد نعم.. ثم هل ان مخابر التحاليل بالمستشفيات العمومية على مستوى عال من التنظيم.. لعلمك فان اكثر من 100 مخبر تحاليل عمومية تعمل الآن بلا صيدلي وبلا طبيب بيولوجي.. * ومن يسيرها اذن؟ يتم تسييرها من قبل تقنيي مخابر او ممرضين قدامى.. نعم فالتقني السامي هو الذي يقوم باجراء التحاليل في المخابر العمومية * بصراحة هل ترى ان الامكانيات اللازمة للانخراط في كل هذه المطالب متوفرة حاليا؟ بكل وضوح هناك صعوبة الان امام كل هذه الامور ونحن غير غافلين عن ذلك.. ولكن بهذه الطريقة فقط يتم التخفيف من الطوابير عن المستشفيات العمومية.. نحن ندرك انها منظومة صعبة جدا والتونسي غير متعود على هذه المسائل.. فهو تعود على الذهاب للعلاج حيثما اراد.. ونحن مطالبون بتوضيح الغامض له حتى تكون اختياراته في مستوى انتظاراته.. مع المحافظة على المكاسب المحققة في القطاع الصحي العمومي ومزيد تدعيمها.. كما لا يمكن ان ننسى باي حال من الاحوال بان المبدأ الاول والرئيسي هو حرية اختيار المنخرط الاجتماعي لمصدر الخدمات الصحية.. مثلما ينبغي الاشارة الى انه في انتظارنا عمل كبير لتحسين الخدمات الصحية والتحكم في كلفة العلاج مع الحرص في نفس الوقت على تشريك كل الاطراف المهنية بما فيها نقابة اطباء الاختصاص التي اعتبرها صمام الامان لانجاح هذه المنظومة * نقابة اطباء الاختصاص تذهب الى ان هذه المنظومة لن تنجح في صورة عدم اقبالهم على التعاقد مع «الكنام».. فهل تنظرون للمسألة من نفس الزاوية؟ بالنسبة لاطباء الاختصاص موقفنا واضح ولا لبس فيه.. نحن مع انضمامهم للمنظومة الجديدة..لانه حتى من الجانب العلاجي الصرف هناك امراض هي اختصاص لا ينازعهم فيه احد مثل الامراض الثقيلة والمزمنة والعمليات الجراحية.. اما بالنسبة لبرنامج «الكنام» ككل فهو لن ينجح الا بشرط تركيز منظومة الكترونية حديثة لتسهيل المعاملات بين مسدي الخدمات العلاجية والصندوق وكذلك بين المواطن والصندوق.. اولا لاحترام اجال الدفع في باب استرجاع المصاريف.. وثانيا لمعرفة أوان بلوغ السقف وموعد نفاده.. ملاحظة اخيرة بشأن اطباء الاختصاص.. عندما يتعود مريض بالقلب على زيارة طبيب له لمدة طويلة ثم تمنعه «الكنام» في ظل هذه المنظومة من زيارته مجددا بحجة عدم تعاقدها معه.. ويضطر لزيارته على نفقته الخاصة ماذا ترانا قدمنا لذلك المريض بعد مجيء هذه المنظومة؟.. لاشيء إمّا العودة حيث كنا فلا يتمتع باي تأمين او استرجاع للمصاريف.. او نحرمه من مزايا كان يتمتع بها في ظل المنظومة السابقة.. نعم التوازن المالي «للكنام» من المسائل الاساسية التي ينبغي دوما التذكير بمدى اهميتها.. ولكن عدة مسائل اخرى في حاجة للمراجعة كذلك. * سألتك في البداية سؤالا تهربت من الاجابة عنه.. الا وهو حصول تذمرات من قبل بعض مخابر التحاليل حول بعض الممارسات الادارية لموظفي «الكنام» فما نصيب ذلك من الصحة؟ التذمرات دائما موجودة ولا يمكن اثباتها.. ولكن هناك عدة نقاط استفهام تدعو فعلا للاستغراب.. هنالك مخابر معروفة جدا حتى لا اقول مشهورة في البلاد.. ولا يأتيها المرضى في اطار المنظومة الجديدة.. ومخابر اخرى حديثة العهد او لنقل انتصبت منذ فترة قصيرة ومع ذلك تعج بالمرضى من هذا الصنف الذين يقصدونها.. وهو سؤال على درجة محترمة من المعقولية والاهمية.. وسأستغل هذه الفرصة لاؤكد على حيادية الادارة وتحديدا ادارة «الكنام» بمختلف فروعها في توجيه المرضى نحو مسديي الخدمات الصحية.. وعدم التأثير عليهم ونطالب بتكريس الشفافية بين مسدي الخدمة والمريض والصندوق. * هل تقصد ان المنظومة هامة جدا.. ولكن المشكلة تكمن في التطبيق وفي العقلية السائدة وبالذات عقلية الادارة التونسية؟ فكرة المنظومة ممتازة ولا احد يمكن ان يرفضها.. ولكن هناك امور تجعلنا متخوفين كثيرا على مصير نظام الاصلاح اولا ومصير مسديي الخدمات ثانيا.. وينتظرنا عمل كبير على مستوى التوعية والتحسيس سواء على مستوى المواطن او حتى الادارة ذاتها.. لانها ورغم المجهود المبذول لا تزال في حاجة لخطوات كبيرة لتحقيق النجاح المنشود.. تصور انك حينما تذهب لاستيضاح امر ما تجد تفسيرا متناقضا بين فرعين قريبين «للكنام»؟ * سي الشريف وبكل صراحة هل تستطيع انارتنا حول ما يروج بشأن اتصال احد مسؤولي «الكنام» بكم لتمكين عمال وموظفي هذه المؤسسة العمومية من تعريفة تفاضلية وخاصة بهم للتحاليل بما يعني خرق القوانين والتعريفات التي جاءت بها «الكنام» نفسها؟ ولماذا لا توجه سؤالك لمسؤولي «الكنام» مباشرة.. * لان المسؤول الاول «للكنام» يرفض محاورتنا.. ولانه يعرف مسبقا اننا سنلقي عليه الكثير من هذه الاسئلة.. وذلك على الرغم من انه اعطى موافقته المبدئية لاجراء الحوار ثم تراجع بعد ذلك على كل حال سأكتفي بالقول ان المريض وعندما يذهب للمخبر قصد القيام بتحاليل... يجب ان يكون الطبيب قد اعطاه التحليل المطلوب فقط، لا اكثر ولا اقل.. اما بالنسبة للتعريفات فهي مدروسة بعناية.. والتخفيض فيها يعني بالضرورة عدم التقيد بتقنيات مهنية معينة.. وندعو بهذه المناسبة «الكنام» الى الالتزام بعقد اجتماعات دورية مع المهنيين لمعالجة المشاكل كلما وجدت حتى لا تتركها تتراكم وتتفاقم ويستعصى حلها.. كما ندعو بنفس المناسبة الجميع الى تفعيل ما وقع التفاهم حوله في الاتفاقية القطاعية من دعم لمخابر التحاليل الطبية في القطاع العمومي والخاص.. وذلك لتأهيل المخابر حسب نظم ومقاييس دليل حسن الاستعمال (Guide de bon pratique de laboratoires).. ولقد قطعنا خطوة هامة على مستوى نقابتنا في هذا الاتجاه.. كما نذكر باهمية التكوين المستمر الذي ورد في الاتفاقية الخصوصية ويا حبذا لو مررنا للتطبيق. * كيف تنظرون في نقابتكم لطبيعة العلاقة بين القطاع الطبي الخاص والعام وكيف ترون مستقبل علاقتهما بالمريض بوجه عام؟ في فرنسا القطاع العام دوما في الصدارة ويُسَبّق على القطاع الخاص والمريض هو من يختار وجهته.. وما نطالب به ان يكون الجميع متساوون امام المريض واعتقد ان ذلك جوهر المنظومة الجديدة.. ويجب ان ندرك المرحلة التي تكون فيها الخدمة العلاجية هي ذاتها سواء في القطاع العمومي او الخاص تقول لي كيف ذلك.. نعم يكون ذلك اولا بالتكوين المستمر وثانيا بالاقبال على المشاركة في هذه المنظومة من قبل كل الهياكل الطبية والعلاجية وثالثا بالتصرف حسب امكانياتنا. * هذا يعني ان النجاح ممكن في ظل المؤشرات الحالية؟ لا يمكن اقامة مستوى طبي متطور بنسبة اقتطاع لفائدة هذه المنظومة لا تتعدى 6.75%.. ولكننا نبقى في وضع افضل من غيرنا من الدول الاخرى وخاصة القريبة جدا فهناك بلدان عندما تقدم ادارة المستشفى طلبية ادوية.. تحصل عليها بعد مرور عامين.. والحمد لله فنحن لم نبلغ هذا الحال في يوم من الايام * ذكرت منذ قليل مسألتي الشفافية والتكوين.. فهل انتم مطلعون على حجم الاعتمادات في «الكنام» لكل مسار علاجي وهل قمتم بجهد ما بخصوص التكوين على مستوى النقابة؟ بالنسبة لعلاقتنا بالصندوق لا توجد لدينا ارقام واضحة ودقيقة حول عدد الاشخاص الذين اختاروا لحد الان كل منظومة علاجية.. وكذلك حول الاعتمادات المرصودة لكل نشاط طبي مثل اعمال البيولوجيين.. قصد التعرف في الابان هل هناك تجاوز او نقص في الاعتمادات بغية تعديل الكفة في الوقت المناسب.. اما بالنسبة للتكوين فنحن مهتمون كثيرا بمسألة الجودة.. ولهذا الغرض قمنا بتكوين خاص في الجودة بالتعاون مع جامعة باريس 1 للعلوم الصيدلانية والبيولوجية.. وقد جرى التكوين بتونس والامتحانات بفرنسا.. ومكننا التكوين من الحصول على 27 ديبلوما جامعيا في تأمين جودة التحاليل البيولوجية والطبية في نوفمبر ..2007 هذا بالاضافة لابرام اتفاقية مع نقابة البيولوجيين بفرنسا لاقتباس تقنية ونظام Bio-Qualité في دليل حسن الاستخدام المعتمد بتونس. * تم التنصيص صلب الاتفاقية القطاعية بين «الكنام» والبيولوجيين على المراجعة السنوية للاتعاب ومن المعلوم ان هذه الاتفاقية تجاوزت مدة العام فهل تمت هذه المراجعة؟ لقد تم امضاء الاتفاقية في 19 ديسمبر 2006 .. وتم فعلا التنصيص على المراجعة السنوية للاتعاب فيما يخص التحاليل.. ولحد الان لم تتم هذه المراجعة.. فنحن لم نطلب ذلك و«الكنام» لم تبادر هي الاخرى. للتعليق على هذا الموضوع: