القاتل يعترف بانتقامه من شريكة حياته لرفعها قضيّة نفقة ضدّه أي مصير لأربعة أطفال بلا أم ولا أب؟ الاسبوعي- القسم القضائي: أم في القبر.. أب خلف القضبان وأربعة أطفال لا يدركون أي مصير تخفيه لهم الأيام.. هذا ما خلفته الجريمة العائلية التي شهدتها منطقة فندق الجديد الواقعة على الطريق الوطنية رقم واحد في جزئها الرابط بين برج السدرية وقرمبالية. فماذا حدث؟ وما هي ملابسات هذه الجريمة؟ وماذا جاء في اعترافات القاتل؟ «الأسبوعي» تحولت على عين المكان حيث مسرح الجريمة كما اتصلت بمصادر أخرى وتحصلت على المعطيات التالية: كلمة أولى عند وصولنا مساء يوم الخميس الى الحي الذي شهد الجريمة شعرنا بالمأساة التي خلفتها وبفظاعة ما أرتكبته يدا الزوج في حق شريكة حياته التي أكد الجميع على رفعة أخلاقها وطيبة معشرها. أربعة أبناء بلا أم ولا أب.. شقيقتا الضحية تارة تبكيان وتارة أخرى تحتضنان أحد أطفال شقيقتهما علهما تشعرانه بعطف الأمومة.. ودفء الامومة وحنان الأمومة الذي غاب عنها الى الأبد.. البكاء الصامت «عائشة سليمان الزوجة القتيلة التي طالما ضاقت ذرعا من تصرفات بعلها.. كانت تتحمل الاهانة المتواصلة والضرب والشتم من أجل أطفالها.. كانت تبكي في صمت ظلمه لها حتى لا تشتت عائلتها وتحافظ على الشمل» هكذا بادرنا أحد أفراد العائلة قبل أن يضيف: «لكن رغم هذه التضحيات تمادى الزوج في إساءته لها وإهماله لعياله قبل أن يهجر البيت ثم يحاول قتلها ثم يجهز عليها». المصروف سبب البلية وعن وضعية العائلة حدثتنا الابنة الكبرى لطرفي الجريمة فقالت:« لقد تزوج والداي منذ أكثر من 23 سنة واستقرا بالكاف حيث أنجبا أربعة أبناء ومنذ نحو سبعة أعوام جئنا الى هنا حيث شيّد لنا خالي المقيم بالمهجر منزلا وكان يرسل باستمرار الحوالات لوالدتي وهو ما شجع والدي على الركون للبطالة والدخول في مناوشات مع والدتي بسبب المصروف إذ كان دائما يفتك منها المال لينفقه على ملذاته الخاصة». واضافت محدثتنا:« منذ سنة تقريبا تحصل والدي على عمل وقتي ببلدية حمام الشط فغادر منزلنا وعلمت أنه يقطن بمنزل بحمام الشط وكان لا يزورنا الا مرة واحدة في الاسبوع لاجل أن يخاصم والدتي أو يفتك منها المزيد من النقود الى أن طفح الكيل وقررت رفع قضية في النفقة ضده إذ لا يعقل أن يتركنا للخصاصة والحرمان والتخبط في الديون». محاولة قتل فاشلة وهنا يتدخل الابن الاوسط ليقول:«قبل نحو نصف شهر من هذه الحادثة كنت داخل غرفتي عندما فوجئت بصدى صراخ والدتي فهرعت نحوها لاستجلاء الامر ففوجئت بوالدي جاثم فوقها ويحاول كتم أنفاسها بفولارتها فتدخلت ومنعته من قتل أمي.. حينها نظر اليّ بحقد وغادر البيت فيما قدمنا لوالدتي الاسعافات اللازمة وأنقذناها من مصير مجهول قبل أن تعلمني بأن أبي غاضب بسبب رفعها قضية النفقة لذلك عنفها ثم حاول خنقها.. لقد صرنا نعيش بعد هذه الحادثة في دوامة من الخوف والرعب.. ولكن والدتنا التي تعتبر المستهدف الأساسي لوالدنا كانت تشجعنا على الدراسة حتى «نكون رجالا نرفع من شأنها بين الاجوار». أطوار الجريمة وتعود هنا الابنة الكبرى للحديث عن أطوار الجريمة قائلة: منذ ذلك الحادثة عانت والدتي من أوجاع في حلقها بسبب عملية الخنق ولكنها رفضت تقديم قضية ضد والدي وكان كل أملها أن يعود في يوم ما الى الجادة ولكنه منذ تلك العملية اختفى مجددا عن الانظار وانقطعت أخباره الى أن فوجئنا مساء يوم الاحد قبل الفارط بمجيئه وكان في حالة نفسية متدهورة قبل أن يغادرنا». واضافت محدثتنا: في صباح اليوم الموالي غادرنا البيت باتجاه مؤسساتنا التربوية فيما ظلت والدتي بمفردها وفي حدود الساعة العاشرة صباحا تلقيت مكالمة هاتفية تعلمني فيها إحدى جاراتنا بضرورة العودة الى البيت لاسعاف والدتي المغمى عليها فسارعت بالتحول الى المنزل.. تتوقف محدثتي هنا عن سرد الاطوار الأليمة للحادثة وتطلق تنهيدة من الاعماق تنم عن عمق المأساة التي حلت بالعائلة قبل أن تواصل: «عندما وصلت ..عثرت على أمي بلا حراك..لقد ماتت.. أدمعت عيناي.. بكيتها بحرقة فهي سندنا وطريقنا ومسارنا في الحياة وبدونها كيف سيكون الحال؟ لست أدري؟ وجهت شكوكي حينها مباشرة الى والدي وأشعرنا أعوان الحرس الوطني بفندق الجديد.. لست أدري لماذا قتل أمي.. لماذا حرمنا من حضنها الدافئ بعد أن حرمنا طيلة سنوات من عطف أبوته..» الزوج يعترف.. أمنيا علمنا أن أعوان فرقة الابحاث والتفتيش بالمنطقة الجهوية للحرس الوطني بقرمبالية تولوا البحث في القضية بمقتضى انابة عدلية فأوقفوا الزوج المدعو عبد العزيز منصوري (57 سنة) وهو عامل بلدي بحضائر بلدية حمام الشط ولكنه أنكر ما نسب اليه وتمسك ببراءته غير أن شهادة بعض الاجوار الذين لمحوه يغادر المنزل صباح يوم الاثنين الفارط والتأكد من حصوله على رخصة بساعة من العمل في نفس توقيت الجريمة جعلته يتراجع في أقواله ويعترف بمسؤوليته عن مقتل زوجته التي تصغره بنحو تسعة أعوام. وأضاف لدى باحث البداية أن الخلافات بينه وبين زوجته بلغت اقصاها بسبب المصروف ثم برفعها قضية في النفقة ضده وهو ما أغضبه وجعله يشعر بالاهانة رغم اعترافه بتقصيره تجاه عائلته ولذلك قرر الانتقام من أم أطفاله الاربعة فاسترخص في صباح يوم الاثنين ساعة من أعرافه ثم توجه الى المنزل وهناك لام زوجته على رفعها القضية وطلب منها أن تسلمه مبلغا ماليا فرفضت فعنفها ثم نزع لها فولارتها وأحاطها حول رقبتها وظل يضيق الخناق عليها حتى سقطت أرضا ورغم ذلك واصل خنقها حتى لفظت أنفاسها الاخيرة حينها جذب الفولارة واخفاها في جيبه وغادر المنزل باتجاه احدى الحضائر البلدية حيث باشر عمله وكأن شيئا لم يحصل. وعلمنا أنّ القاتل شخّص صباح يوم السبت جريمته وكان في حالة فرح والابتسامة لم تفارقه...! نداء عاجل هذه الجريمة خلفت وضعية اجتماعية صعبة جدا إذ حكم الأب على أطفاله الاربعة وكلهم تلاميذ باليتم وألقى بهم في عالم لم يدركوه بعد.. فلا أم ولا أب ولا أي عائل وأكيد أن السلط الجهوية بنابل التي عودتنا بتدخلاتها العاجلة والناجعة في مثل هذه الوضعيات لن تبخل عن مؤازرة هؤلاء الاطفال الابرياء الذين فقدوا سندهم المادي والمعنوي الوحيد في عمرهم هذا وهم في أمس الحاجة اليه. صابر المكشر