صنفت منظمة الشفافية الدولية تونس، ضمن مؤشرها لسنة 2014 المتعلق بالنظرة الى الفساد، في مستوى المرتبة 77 مع اسداء عدد 40 من 100 وترى المنظمة ان تعقد تدخل الدولة في الاقتصاد شجع على ظهور «فساد ومحاباة مكلفة وبشكل معمم مما عمل على تعميق عدم التساوي في الحظوظ». «الفساد اداة للضغط والمساومة» اصبح الفساد في عدد من القطاعات وفي حالات كثيرة منه اداة للضغط والمساومة، ووفق ما تقدم به شاب صاحب تاكسي ل(وات) فان عددا من افراد شرطة المرور استنبطوا اسما جديدا للرشوة اصبحت جد معروفة «خطي روحك» (قم بتحديد حجم الرشوة بنفسك). وقال ان اغلب سواق التاكسي يجدون انفسهم مجبرين على دفع عمولات من 15 دينارا ما فوق لتفادي خطايا لمخالفات وهمية». وبالنسبة للاخصائي الاجتماعي السحباني «فان ما يدفع التونسي اكثر للانخراط في الفساد هو عدم تطبيق الادارة لمبدا المساواة (تمركز السلطة والبيروقراطية)... انهم مجبرون على اتباع طرق موازية من شانها فتح الباب امام الفساد التلقائي ومن ثمة امام الفساد المنظم فالمهيكل فالممنهج». «غياب رغبة الدولة في مقاومة الفساد» وذهب السحباني الى حد القول ان الفساد يهاجم الدولة ويضعف مقوماتها «لان الموظفين السامين لديها والاعوان الاداريين غير قادرين على تمتيعنا بالخيرات العمومية بشكل عادل ولذلك يدفعوننا الى اختراع ومضاعفة اشكال الفساد لتحقيق اهدافنا». واعتبر ان الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة لم تكن لديها الرغبة الحقيقية لمقاومة الفساد مما يفسر غياب استراتيجية وطنية لمقاومة الفساد. وفي هذا السياق فان 82 بالمائة من التونسيين، الذين تم استجوابهم في اطار دراسة الجمعية التونسية للمراقبين العموميين يعتبرون ان السبب الاول للفساد الاصغر هو عدم تطبيق الدولة للقانون. «مشروع استراتيجية مقاومة الفساد جاهز لكن...» ووفق رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد فان حكومة مهدي جمعة «رفضت تفعيل استراتيجية وطنية لمقاومة الفساد جاهزة منذ افريل 2014 تم اعدادها بالتعاون بين وزارة الحوكمة والمجتمع المدني وبدعم من برنامج الاممالمتحدة للتنمية». وقد تم مد نفس الحكومة بمشروع الاستراتيجية لكن هذه الاخيرة لم تعط اي جواب. وبحسب العنابي فان «الهيئة الجديدة للحوكمة ومقاومة الفساد ستعلن عن هذه الاستراتيجية الجديدة خلال الاشهر القادمة اي بعد استكمال التمشيات الخاصة بارساء الهيئات الدستورية». وتوصي دراسات اعدتها هيئات دولية «انجاز تشخيص مفصل عن انواع الفساد وتحديد الاجراءات الملائمة مع الاطراف المتدخلة». كما تقترح هذه الدراسات ايضا ان يكون الانتداب والتصرف في الخدمات العمومية من قبل السلطات التونسية «مبني على الكفاءة والتاجير الملائم ولما لا تنفيل الاعوان في المواقع التي تشكل مجالا لاستغلال النفوذ» داعيا الى ارساء ميثاق اخلاقي للوظيفة العمومية. ورغم خيبة الامل، التي تسود البلاد، فان عددا كبيرا من التونسيين لا يزالون ياملون ان يروا المسؤولين في البلاد يقدمون على ارساء اجراءات جريئة وقوانين حازمة للقطع مع الفساد.