كشف ملتقى جهوي تحت عنوان "طفل التوحّد: الواقع والآفاق" نظمته جمعية أطفال تونس لذوي الحاجات الخصوصية والتوحدّ بصفاقس اليوم الجمعة إحياء لليوم العالمي للتوعية بمرض التوحّد الذي أقرته الأممالمتحدة يوم 2 أفريل سنة 2007، عن مقترح مبادرة تشريعية لإحداث قانون للنهوض بالمصابين بطيف التوحّد. وبيّنت المحامية سناء بالحاج لطيف التي كانت أحد أعضاء فريق المختصين القانونيين ونشطاء المجتمع المدني وأولياء الأطفال المصابين بطيف التوحّد الذين أعدّوا المقترح أن القانون المراد إصداره والمصادقة عليه من السلطة التشريعية هو سدّ الفراغ الحاصل في المجال وإيجاد إطار قانوني يضمن حقوق المصابين من مختلف الأعمار ويشمل كل جوانب وأبعاد الإصابة وتداعياتها سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية أو التربوية أو المادية. واعتبرت أن القانون المذكور انطلق من "دراسة معمقة للحالات المأسوية التي يعرفها عالم الإصابة بالتوحد" من ذلك الانعكاسات السلبية على الطفل المصاب وعلى العائلة مشيرة إلى ارتفاع كلفة الإحاطة به والتي تتراوح بين 800 وألف دينار شهريا. وقال والي صفاقس أنيس الوسلاتي في تصريح ل(وات) على هامش التظاهرة التي تولى الإشراف عليها إن الولاية تلقت في الفترة الأخيرة هذه المبادرة باهتمام كبير ووجهتها إلى مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية ورئاسة الحكومة وهي تتابع مسارها. ولفت الوالي إلى أهمية تضافر جهود عديد الأطراف لتحسين وضع الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التوحد ولا سيما المختصون من الأطباء والمربون والقائمون على الهياكل الرسمية ذات العلاقة ووسائل الإعلام ورجال القانون معتبرا أن التغيير المنشود يشمل مجالات الوعي والتحسيس بالظاهرة والإحاطة بالمصابين والمنظومة التشريعية والقانونية المنظمة للمجال وغيرها. رئيسة جمعية أطفال تونس لذوي الحاجات الخصوصية والتوحّد سنية الكراي بن عياد عبّرت من ناحيتها في افتتاح هذا الملتقى الذي تميز بمشاركة ثلة من الخبراء المختصين وممثلي عديد المصالح الجهوية والجمعيات ذات الصلة والأولياء عن "الأمل في الحصول على قرارات من هياكل الدولة المختصة والسلط العمومية تدفع باتجاه مجابهة ظاهرة التوحد والتقليص من انتشارها ومن مضاعفاتها على الطفولة والمجتمع ككل". وأشارت رئيسة الجمعية في هذا السياق إلى ما يعانيه أطفال التوحّد من تصنيفهم في البطاقات المسندة لهم كمعوقين ذهنيين دون التحديد بدقة معتبرة أن هذا "التعميم والتصنيف غير الدقيق والخاطئ يزيد من معاناتهم ويقلل من حظوظ إدماجهم في الوسط المدرسي وفي مرحلة لاحقة في الوسط المهني" وفق تقديرها. من زاوية نفسية طبية، شددت الدكتورة ريم القبايلي المختصة في طب نفس الأطفال بالمركز الجهوي للطب المدرسي والجامعي بصفاقس على ضرورة القيام بالتقصي المبكّر لظاهرة التوحّد المتزايد انتشارها باعتبار أن ذلك يعد عاملا ميسرا لعملية الإدماج التربوي والاجتماعي المنشود. واستعرضت القبايلي أعراض الإصابة بالتوحّد التي تظهر عادة بعد سنة ونصف السنة من الولادة وتتعلق هذه الأعراض بمؤشرات تتصل بما يحصل للطفل في مرحلة لاحقة من اضطراب في التواصل اللفظي وغير اللفظي وفي السلوكيات من أبرز تجلياتها ضعف في التواصل مع الأم والعائلة والأطفال بحسب توصيفها. ونبّهت من بعض الظواهر السائدة من بينها الخلط بين التوحّد والنقص في الإحاطة العاطفية بالطفل التي تعطي علامات مشابهة للتوحّد واعتبار الإدمان على مشاهدة جهاز التلفاز السبب الوحيد أو صعوبات التعلم في حين تتدخل عديد العوامل الأخرى يمكن الاستعانة بمختصين في تشخيصها وفق قولها. ودعا المدير الجهوي للشؤون الاجتماعية بصفاقس أحمد عمار إلى ضرورة تكثيف إحداث مراكز التربية المختصة صلب الجمعيات التي ترعى الأطفال المصابين سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. يذكر أن ولاية صفاقس تعد 9 جمعيات تهتم بهذه الفئة من الأطفال ينتمي جميعها للقطاع الخاص وجمعية وحيدة تربطها اتفاقية شراكة مع مؤسسات الدولة هي جمعية ابن سينا للمساعدة الطبية النفسانية التي ترعى 100 طفل مصاب بطيف التوحد. وأجمع عديد المتدخلين في هذا اللقاء الجهوي على أن من أبرز مشاكل وصعوبات مجال معالجة المصابين بطيف التوحّد في تونس فضلا عن غياب إطار تشريعي هو غياب إحصائيات تعطي فكرة عن الظاهرة بدقة وهو ما يجعل مسالة التقصي من أوكد الأولويات.