يرى الباحث في علم الإجتماع معاذ بن نصير أن هنالك عادات وتقاليد رمضانية قد اندثرت بمرور الزمان كعادة الإحتفال بالصوم الأول لأبنائهم ذكورا أو إناثا، حيث تقام لهم بالمناسبة احتفالات تسبق حلول شهر رمضان بأسبوع يدعى إليها الأقارب والأصحاب إلى درجة أنها تضاهي في بعض الأحيان حفلات الزفاف إذ تقام فيها الذبائح ومآدب العشاء ويتم وضع الحنة للصائم، إضافة إلى إعداد أكلات تقليدية مثل "البسيسة" لتوزع على الحضور.. وغالبا ما يعلن هذا الإحتفال عن صيام ذلك الفتى أو الفتاة ليقضي أغلب ليالي شهر رمضان في ضيافة الأقارب بدعوة من أحدهم في كل ليلة ليتناول العشاء وتقدم له عند المغادرة هدية تكون أساسا مالية للفتى وملابس للفتاة تحتفظ بها لتنطلق منها في جمع مستلزمات الجهاز لزواجها، ولعل الاحتفال بصيام الفتاة يحمل أبعادا رمزية وثقافية في المخيال الشعبي بالمنطقة أكثر من صيام الولد لأنه بمثابة الإعلان عن بلوغها سن الزواج. ويعترب بن نصير أن بعض العادات والسلوكيات الرمضانية التي تمت وراثتها عبر عدة أجيال قد اندثرت نوعا ما وذلك لتغير تركيبة المجتمع ككل ولارتفاع منسوب التحضر في بعض ربوع البلاد التونسية ورغم ما لهذه الأبعاد الرمزية والثقافية الكثيفة للعادات الرمضانية خصوصا منها المتعلقة بتعليم الأبناء الصيام وتدريبهم عليه وفي الآن نفسه توطيد علاقاتهم بموروثهم الثقافي الذي تناقلته الأجيال من اهمية إلا أن أغلب هذه التقاليد اندثرت أو في طريقها للاندثار في المجتمع التونسي ، فأعداد قليلة فقط من الأسر التونسية مازالت تحرص على تطبيق هذه العادات وعلى ممارستها،و يعود ذلك لغياب الجانب التربوي من قبل الآباء والموجه لأبنائهم، فنسق الحياة السريع جعل من بعض الأولياء يهملون هاته الجوانب التربوية الدينية. كما يعود تراجع الإقبال على عادات وتقاليد رمضان خاصة منها التي تقوم على الإحتفال في وسط عائلي يجمع أفراد الأسرة الموسعة ويرتكز على تقديم أطباق تقليدية إلى تغير نمط المعيشة لدى الأسرة التونسية عموما وعلى انتشار وباء كورونا على وجه التحديد والذي جعلنا منذ سنة نتبنى مفهوم التباعد الجسدي والاجتماعي. ويضيف بن نصير قائلا مثال "حلقات الذكر وتلاوة وختم القرآن الكريم والأدعية الدينية في ليالي شهر رمضان كانت العديد من العائلات التونسية تنشط في إحيائها.. ولا يكاد أي منزل من المنازل يخلو من جانب من جوانب تلك الحلقات الإسلامية.. حيث ّ يتناول الزوار والأصدقاء تلاوة القرآن الكريم والأدعية الدينية وختم القرآن، أما حاليا فهذه التقاليد قد اختفت نوعا ما داخل المجتمع التونسي ". ويؤكد المختص في علم الاجتماع على "ضرورة إعادة إحياء العديد من العادات والتقاليد التي نشأت معنا منذ القدم، ففي ذلك تكريس لعدة قيم إنسانية واجتماعية وتربوية، لكن لا يمكن الحديث عن اهمية الزيارات اليومية الرمضانية العائلية إلا بعد تجاوز محنة الوباء العالمية".