مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية بقيمة 3 مليون دينار (الديوانة)    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    أغرب عملية سرقة: سارق رقد في عوض يهرب!    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب سيناريو "حرقة" عماد الدين الحكيم: لكثرة الصدق فيه.. المسلسل جعل المشاهدين يشعرون أنهم في رحلة غير نظامية وسط البحر…
نشر في الصباح نيوز يوم 23 - 04 - 2021

كثيرا ما نغفل ونحن نشاهد الحبكة الدرامية لعمل فني درامي أو سينمائي أن من يقف وراء كل ذلك التشويق كاتب أبدع في تجميع كل خيوط القصة من حيث كتابة السيناريو ثم مررها لمخرج ليصوغ منها مشاهد مصورة تسر الناظرين وترحل بهم في عالم من الإبداع الفني الذي يقطر إنسانية.
في هذا العمل الفني تكاملت حبكة السيناريو مع حبكة الإخراج لتصنع مسلسلا أعجب الكثير من التونسيين فكرة وكتابة وإخراجا. مسلسل "حرقة" يتحدث عن ظاهرة أقضت مضاجع آلاف من العائلات التونسية.
وحتى لا ننسى أن السيناريو هو العمود الفقري لهذا العمل الدرامي الرمضاني "الصباح نيوز" حاورت عماد الدين الحكيم، كاتب سيناريو "حرقة"، كاتب برز اسمه بقوة خلال السنوات الأخيرة لما صنعه من جدال بفضل أعماله التي بلغت أربعة أعمال.
سواء كان الحديث عن مسلسل "مايسترو" أو "حرقة" فالثابت دوما أن عماد الدين الحكيم كاتب لسيناريوهات تلتصق التصاقا كبيرا بالواقع تحاكيه أحيانا وتحلق في عالم الخيال أحيانا أخرى لتكتمل الصورة معكوسة على واقع السواد الأعظم من التونسيين. والثابت أيضا أن ما يطالعنا به السيناريست عماد الدين الحكيم حلق بنا بعيدا عن الدراما التونسية التي بقيت إلى حد قريب تعالج قضايا جانبية لا خوض فيها بما يهم عموم التونسيين من قضايا بكل أصنافها، اجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو اقتصادية وغيرها.
عن مسلسل "حرق" وعن أعماله الثلاثة السابقة سيحدثنا الحكيم، عن حكمة الفن في خدمة المجتمع سنغوص مع عماد الدين الحكيم في عالم السيناريو وكتاب السيناريو الذين بدؤوا يضعون في المشهد الدرامي والسينمائي بصمة واضحة المعالم.
*عماد الدين الحكيم، أنت كاتب سيناريو حرقة الذي آلم الكثير من المشاهدين، ما الحكمة في تناول موضوع الهجرة غير النظامية بشتى خيوطها؟
موضوع الحرقة أو الهجرة غير النظاميّة هو بالنسبة لي لصديقي المخرج الأسعد الوسلاتي هاجس قديم. نحن ننحو دائما الى ان نغوص في القضايا الحقيقية التي تشغل الرأي العام وتمس الناس والمواطن العادي البسيط. خاصة بعد تجربة مسلسل "المايسترو" الذي يتناول موضوع الإصلاحية اخترنا بعدها ان نتناول ظاهرة تتفاقم كل يوم وقلنا انه أصبح من الضروري اليوم ان نتعمّق في موضوع الحرقة ونطرحه بطريقة فنيّة.
نحن، أي أنا وصديقي المخرج الاسعد الوسلاتي، نؤمن كثيرا ان الطرح الفني سيكون مغايرا للتقارير الإخبارية والأرقام الرسميّة التي تتعلق بملف الهجرة غير النظامية. فالطرح الفني قادر ان يكشف عن جوانب لهذا الموضوع الناس لا تعرفها أو لا تهتم بها كثيرا …
*ما ورد في المسلسل من قضايا مترابطة بشان الهجرة غير النظامية ينم على إلمام شاسع بهذه القضية: هل هو عمق البحث ومعايشة القصص قبل كتابة السيناريو؟
طبعا سبقت كتابة السيناريو عمليّة بحث طويل لكي لا نغفل عن كل التفاصيل الواقعيّة لهذا الموضوع ونتمكّن منها ومن القوانين التي تنظّم هذا الملف. كما اتصلنا بالأشخاص الذين عاشوا هذه التجربة وبالأهالي الذين فقدوا أبناءهم بعد عمليّة هجرة غير نظاميّة.
ولكن ما كان الأهم بالنسبة لنا أيضا أن نكسب التحدي بان نقدّم كل هذه التفاصيل بطريقة فنيّة راقية وعميقة لكي لا يكون العمل مشابها لفيلم وثائقي. وحتى لا نغوص في المباشراتية لكي لا يقلق المشاهد. حاولنا تقديم الأرقام والمعطيات بطريقة فنيّة لكي يشاهد المتفرج قصة وحبكة دراميّة وفي نفس الوقت نعالج ملفا حارقا وهو الهجرة غير النظامية.
"*حرقة" دارت أحداث الحبكة الدراميّة فيه بين رحلتين: رحلة البحث عن مفقود في هجرة غير نظاميّة وآخر يبحث عن إمكانيات للقيام بهده الرحلة غير النظاميّة: رحلة موت تختلف نهايتها ما يبرز اثر الوطن الطارد لأبنائه، هذا الوطن النازف: ما هي رسالتكم من خلال هذا العمل؟
نحن أردنا إيصال صوت عدد من التونسيين الذين لا يسمعهم احد. وحتى في البرامج الإعلامية كان حضورهم كلاسيكيا بالمحتوى نفسه وذات التناول الإخباري الجاف الذي يقدم المعلومة مجردة. حاولنا ان نتعمّق في حياة هؤلاء الأشخاص ونفهم الأسباب والدوافع التي تدفعهم نحو رحلات الموت. حاولنا أن يكون لهذه الفئة المهمشة مكان في الشاشة.
لاحظنا أن السنوات العشر الأخيرة وقع التركيز في الأعمال الدراميّة على فئات ليست موجودة كثيرا في المجتمع. كنا نشاهد أحيانا أعمالا ونتساءل: هل حقا هذه الشخصيات تمثلنا؟ هل هي تحاكي الواقع التونسي عامّة؟؟
لذلك حاولنا أن ننجز مسلسلا يحاكي التونسيين ويكون قريبا منهم وهو ما لاحظناه. إلى حدود اللحظة، هذا العمل كان قريبا جدا من التونسيين. عدد كبير رأى نفسه في هذا المسلسل. حتى في تفاعل الشباب معنا، يقولون أنهم يسكنون في تلك الأحياء ويعيشون الظروف نفسها ويركبون النقل العمومي ويعانون نفس المعاناة اليوميّة. حاولنا أن تكون المشاهد من الواقع المعيش وواقعيّة إلى حدّ كبير كل من يشاهد هذا العمل إن لم يجد نفسه فيه فسيجد فيه احد أقاربه أو المحيطين به …
*من بين من تحدث عنهم مسلسل"حرقة" السلطات الرسمية: نقابة السلك الديبلوماسي عبّرت عن استنكارها من توجيه أصابع الاتهام للسلك الديبلوماسي وتقصيره في البحث عن المفقودين في الهجرة غير النظاميّة؟ كيف تردون على هذا الاستنكار؟
طبيعي انه عندما تقوم بأي عمل فني يتناول مواضيع حارقة سيحدث ضجّة أو بعض الامتعاض من بعض الأطراف وهذا نتفهمه ومن الطبيعي أن تدافع كل الأطراف عن موقفها أو موقف المؤسسة التي يمثلونها. ولكن أحداث المسلسل لازالت متواصلة وهناك تفاصيل أخرى وأطراف أخرى سيكشف عن علاقتها بهذا الملف ملف الهجرة . لكن أنا أتمنى أن يرافق التحامل والموقف من كلام الموظّف الذي كشف عدم تحمّل السلطة لمسؤوليتها تجاه المفقودين من التونسيين اجتهاد من اجل كشف حقيقة اختفاء هؤلاء المفقودين وإيجاد الحلول من اجل عائلات عدد كبير من التونسيين لان العمل التلفزي في النهاية سينتهي ولن يترك غير الأثر. أملنا الآن أن تراجع وزارة الخارجيّة هذا الملف وهي فرصة من اجل حلحلته وتغيير التعامل مع هذه القضيّة. لا يوجد قطاع مقدّس وكل القطاعات بها اخلالات وتحتاج إصلاحات كبرى وبالتالي نحاول الإصلاح. نحن هدفنا الإصلاح ولا نبحث عن الإثارة أو الضجّة هذه بلدنا جميعا ويهمنا أن تحسّن الدولة معاملاتها مع مواطنيها.
*عماد الدين الحكيم سيناريوهاتك دائما قريبة من الواقع وتحاكيه هل أن هذا توجّهك الذي ستعتمده دوما وحتى في المستقبل؟
منذ البداية كان هذا توجّهي. منذ أول عمل جمعني بصديقي الأسعد الوسلاتي توجهت نحو الاستفادة من الواقع المعيش. وهناك من يتساءل لماذا نعمل معا أنا والأسعد: هناك في الحقيقة نقاط مشتركة بيننا من بينها الالتصاق بالواقع: ان يتحدث عن الناس ويطرح مشاغلهم ويتحدث عن قضايا البشر. الفن الذي لا يحاكي الواقع اليومي للمواطنين أنا اعتبره توجّها آخر غير الفن، لأنني أحب أن يرى كل متفرج نفسه في المسلسل. وأنا افرح كثيرا عندما يكلمني احد ويقول لي أن هذا المشهد أو ذاك مسّني وتحدث عني وعشته بتفاصيله .
فعلى سبيل المثال هناك متفرجة تأثرت بدور وعد المتطوّعة لإنقاذ المهاجرين وقالت إنها تحدثّت إلى عائلتها وستتطوّع هي أيضا لإنقاذ المهاجرين السريين. في الأخير أنا أرى أن العمل الفني هذا هو دوره: دوره هو تغيير عقليّة الناس وإيصال رسائل إليهم لنستمتع بالمشهد ولكن نتأمله ونفكر فيه في الوقت نفسه.
*هل يمكن أن نقول إن عماد الدين الحكيم صنع توجّها جديدا في كتابة السيناريو في تونس بالنظر إلى التصاق كل أعماله بالواقع المعيش؟
هناك العديد من الكتاب في تونس من المتميزين الذين اخذوا فرصتهم أو أولئك الذين لم يعرفوا من كتاب السيناريو. ولكن الجديد الذي اعتبر أني قدمته هو ربما اللغة السينمائيّة التي أصبحت طاغية على الأعمال الدرامية. لأنني احرص دائما مع المخرج ان نعمل على لغة السينما ان نخرج بالدراما التونسية من الكلاسيكي لكي تسوّق خارج تونس.
هناك معايير يجب احترامها والالتزام بها مثل جودة الصورة و التصوير الكاستينغ… اللغة السينمائيّة لم يعد المتفرج يهتم فيها بالكتابة الكلاسكيّة، أصبح يهتم بالنسق والحبكة الدرامية والصورة المعبّرة… المتفرّج التونسي أصبح يفهم كل هذه التفاصيل ويلاحظها .
أنا أقول إن الشيء الذي أضفته ككاتب للسيناريو هو العمل على اللغة السينمائيّة التي نشاهدها نحن نعمل أكثر على الصورة لان هدفنا هو أن نسوق الدراما خارج تونس.
*ما هي نقطة الالتقاء بينك وبين الأسعد الوسلاتي أنت الذي برزت كثيرا بأعمال فنية جمعتكما في أكثر من عمل درامي؟
علاقتي بالأسعد الوسلاتي علاقة صداقة قديمة قبل ان تكون علاقة مهنيّة. هناك نقاط مشتركة بيننا وهناك هاجس واحد: الأسعد الوسلاتي يشاركني اليوم في هدف مهم هو القناعة بان دورنا الحقيقي هو أن ننجز أعمالا تتحدث عن واقع الناس. ليس هدفنا أن ننجز عملا ناجحا وان كان النجاح الجماهيري مهما، لكن هدفنا أن نقوم بأعمال تظل في الذاكرة ولا تنسى. أعمال يمكن أن تشاهدها الأجيال القادمة لأنه لدينا قناعة أن أهم الأعمال هي الأعمال الخالدة .
ولعله يجدر الإشارة أيضا:هناك نقطة مهمة في المخرج الأسعد الوسلاتي، هو مخرج يضمن نجاح العمل وهذه نقطة مهمّة كثيرا. أنا عندما اعمل معه اعتبر أنني امشي في الطريق الصحيح وأكون مطمئنا على النص وعلى نجاح العمل لأنه يهتم بأدق التفاصيل و يشرف على العمل في كل مستوياته وهو ميزته انه مخرج لا يكتفي بدوره بل يهتم بكل التفاصيل خلال التصوير وخلال العمليّة الإنتاجية عامة وهو ما صنع الفرق ربما سواء في هذا العمل أو في مسلسل "المايسترو" أيضا .
*هل هناك فكرة جديدة لعمل جديد بدأتما التفكير فيه؟
أكيد، إنشاء الله، هناك فكرة بدأنا العمل عليها وسننجزها مستقبلا. لكن نحن أي أنا والمخرج الأسعد الوسلاتي تعودنا أولا تقييم أعمالنا لأننا لا نرضى عادة على أعمالنا بنسبة 100 بالمائة. نحن نحس دائما انه بإمكاننا العمل أكثر وهذا نابع عن رغبتنا في الإبداع دوما. ومن خلال التقييم ننطلق في فكرة جديدة وهو ما حصل بعد مسلسل "المايسترو".
ورغم ان الطريق كان ممهدا في مسلسل "مايسترو" لان ننتج جزءا ثانيا إلا أننا خيرنا الذهاب في انجاز عمل جديد وموضوع جديد وقضية أخرى لان هدفنا ليس إنتاج مسلسل كل سنة، بل هدفنا ان نرتقي بالدراما التونسيّة وان ننجز أعمالا في قيمة القناة الوطنيّة.
*لماذا هذا التوجه للتعاون دوما مع التلفزة الوطنية؟ هل تضمن لكم التلفزة الوطنيّة هامشا من الحريّة مقارنة بالقنوات الخاصة التي ربما تفرض على المخرج و كاتب السيناريو توجّهات معيّنة؟
صحيح نحن عندما نلاحظ الأعمال في السنوات الأخيرة نزداد اقتناعا أن القناة الوطنيّة هي الوحيدة القادرة على إنتاج أعمال فنيّة في مستوى جيّد لان القناة الوطنيّة لا يهمها الجانب الربحي فقط، و ان كان مهما جدا، لكنها ايضا تهتم كثيرا للمضمون وتسهر على إنجاح العمل.
نحن في "حرقة" وجدنا تعاونا كبيرا من القناة الوطنيّة لان هناك جرأة ونقدا عميقا والناس بدؤوا يقتنعون أن القناة الوطنيّة اليوم أصبحت ملك التونسيين.
عبر القناة الوطنية أصبح هناك مجال لنقد مؤسسات الدولة بأسلوب فني وفيه تدقيق كبير وتفاصيل عديدة، لذلك أنا أقول إن التعامل مع القناة الوطنيّة كان عامل تعاون كبير لان القنوات الخاصة ومع احترامي لها، توجهها غير توجهنا، نحن نهدف لفتح قضايا والتعبير عليها… الهامش الربحي نعمل عليه جميعا لأنه مهم لان العمل يجب ان يكون مربحا والدليل انه يعرض على منصة رقميّة وهذا دليل نجاح .
وأنا أقول إن هذا مهم هذا العام لكن يبقى الجانب الفني الوحيدة التي يمكن ان توفره في نظري هي القناة الوطنيّة.
*كيف تقيمون بقية الأعمال الدراميّة في القنوات الخاصة ومنها مسلسل أولاد الغول الفوندو ومشاعر؟
أنا أركز أكثر في رمضان على العمل الذي أنجزته بنفسي لكنني أتابع ردود الأفعال من قبل الآخرين تجاه هذه الاعمال وأنا اعتبر أن كل عمل له خصوصيته وموضوعه المعيّن. نحن لسنا في موقع منافسة لأننا ننتج أربعة أو خمسة أعمال سنويا، نحن لسنا مثل مصر مثلا والتي أصبحت فيها الدراما صناعة وهناك منافسة وسوق الإشهار وهناك ربح .
في تونس لكل عمل خصوصيته في الأخير التونسي سيشاهد كل الأعمال الرمضانيّة التونسيّة
*الفوندو أيضا غاص في قضايا اجتماعيّة وتناول موضوع النظرة المجتمعيّة لمن قضى عقوبة سجنيّة: الا ترى أن هناك توجّها نحو قضايا جديدة تهم المجتمع أكثر من أي وقت مضى؟
أنا لم أشاهد بعد هذا المسلسل لكني أتابع الأصداء وأنا متأكد ان سوسن الجمني مبدعة وبإمكانها الذهاب بأعمالها بعيدا. هي مخرجة لديها رؤيتها الفنيّة. لكن انا أحب ان يكون الطرح الفني ذكيا دون ان نطرح القضيّة مباشرة بشكل مفضوح كثيرا. يمكن ان نتحدث في مواضيع مسكوت عنها ولكن ليس بطريقة مباشرة دائما. نحاول أن نقدم المشاهد العنيفة أو التي فيها اغتصاب بطريقة تجعل كل العائلة تشاهد.. لأنني اعتبر أن شهر رمضان لديه خصوصيته وأنا أعارض من يعتبر أن من لم يعجبه المشهد بإمكانه تغيير المحطة: انا لا أؤمن بهذه الحجة، لأنني لا أحب أن أوصل الفكرة الى المشاهد فاجرح حياءه… لأنه من السهل اليوم إيصال ما أريد التعبير عنه مباشرة لكن هذا ليس توجهي وأنا احترم من يعمل بهذا الأسلوب. ولكن التوجه نحو المشاهد العنيفة أو الحميمية أو المباشرة ، أنا أحسه لغرض تجاري أكثر منه لهدف معالجة قضايا مجتمعيّة …
*نهاية "حرقة" هل ستكون مفتوحة مثل نهايات سيناريوهات عماد الدين الحكيم لاسيما حين نتذكر نهاية مسلسل "المايسترو" منذ عامين؟
الحرقة هو موضوع متفرّع لان 20 حلقة غير كافية للحديث في كل القصص… ولكن حتى عندما اشتغلنا على هذا العمل منذ البداية قلنا انه يجب ان يكون في أجزاء لنتناول كل القصص، لكن هذا سيعود لتقييمنا لهذا الجزء الأول وهو ما سيقرر ان كان هناك جزءا آخر ام لا. الحرقة في المسلسل: هناك جانب في تونس وآخر في البحر وآخر في إيطاليا.. هو موضوع يمس العالم بأسره في الحلقات العشر الآتية سيتغير مسار الأحداث وهناك العديد من المفاجاءات. وهي مفاجآت ستكشف توجها جديدا حتى على مستوى الكتابة والشخصيات… سيدخل المسلسل في نسق آخر وشخصيات أخرى ستظهر وأخرى ستختفي لكن المسلسل سيدخل في منعرج آخر…
للأسف الموضوع موجع في حد ذاته لكن نحاول إيجاد تنفيسات داخل كل هذه الوجيعة، نحن نتحدث عن ظاهرة كل تفاصيلها موجعة مهما حاولنا التخفيف منها هناك من يقول انه مسلسل مأساوي، لكنه واقعنا كما هو… نحن لم نقصد إيلام المشاهد لكننا كنا صادقين في الطرح وهو ما وصل بالمشاهد إلى كل هذا التأثر، ولهذا تفاعل عدد كبير من الناس مع المسلسل.
هناك من يقول ان شخصياته لا تمثل بل هي واقعيّة إلى حد كبير وهو ما عملنا عليه في هذا العمل وفي "المايسترو" سابقا كسرنا ذلك الحاجز بين الممثل والمشاهد.. الناس أحست نفسها حقيقة في البحر وعاشوا الحكاية وانتظروا نهايتها…
*مسلسل "حرقة" أشعر التونسيين أنهم جميعا في رحلة غير نظامية وسط البحر…
كتاب السيناريو ليسوا موجودين كثيرا في تونس فالمخرج عادة هو من يكتب ويخرج : هل تتفق معي أن هناك جيلا جديدا في تونس من الكتاب السينمائيين بدؤوا يشقون طريقهم في الكتابة السينمائيّة والروائية؟
صحيح إلى حدود السنوات الأخيرة كان هناك نوع من الاحتكار: المخرج يكتب ويخرج ويمثّل وينتج والنتائج قد تكون كارثية في الكثير من الأعمال الهزيلة. أنا لا أتحدث هنا عن الأعمال الدرامية فحسب بل حتى في مجال السينما. لازلنا في السينما نعمل بنفس المنطق…
لقد تفاجأت كثيرا عندما ذهبت للحصول على بطاقة احتراف فاكتشفت أن كاتب السيناريو ليست لديه بطاقة احتراف في تونس رغم انه في المهرجانات تخصص للسيناريو جوائز وكل عامل في هذا القطاع لديه الحق في بطاقة احتراف باستثناء كاتب السيناريو ليست لديه الحق في الحصول على بطاقة احتراف… نقطة استفهام كبيرة تطرح: كيف يمكن أن نرتقي بالصناعة السينمائيّة ونحن نهمّش الكتابة؟ نحن نهتم لقيمة النص و نعترف بأهميته في إنجاح العمل أو إفشاله لكن رغم ذلك لا نعيره أهمية ولا نهتم به من حيث الاعتراف بالجانب المهني.
لكن هناك مخرجون يريدون احتكار العمل ويسعون ليكونوا وحدهم صناعه. أنا لم أجد نفسي في هذا الوضع سواء مع الأسعد الوسلاتي أو نجوى سلامة رحمة الله عليها، أنا أخذت مساحتي منذ البداية لأنني أؤمن أن للمخرج مساحته كما للمؤلف أيضا مساحته العلاقة بين المخرج والمؤلف علاقة تكامل وهو ما يصنع نجاح العمل وهذا ما نشاهده الآن في مسلسل "حرقة" وفي مسلسل "المايسترو" وفي أعمال قادمة إنشاء الله .
أتمنى أن تتحرك السلط الرسمية في هذا الملف كما تفاعلت إدارة السجون سابقا مع مسلسل "المايستر"و وأقامت حفلا في الإصلاحية وهذا هو هدفنا لفت نظر السلط لإيجاد حلول والذهاب نحو التغيير. حان الوقت لتغير الأعمال الفنيّة من الواقع الذي نعيشه وتدفع نحو الإصلاح وهناك أعمال فنيّة غيّرت قوانين في العالم أتمنى أن نوفّق في أن يحرك مسلسل "حرقة" السلط الرسمية في هذا الملف .
أجرت الحوار مبروكة خذير

للاطلاع على المقابلة مصورة الرجاء الضغط على رابط الفيديو:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.