قررت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في جلسة استماع عقدتها أول أمس مع عمادة المهندسين التونسيين حول مشاغل القطاع، تقديم مطلب لمكتب المجلس لمساءلة رئاسة الحكومة خلال جلسة عامة خصوصية حول ملف المهندسين وتكليف وفد عن اللجنة للقاء مع رئيس الحكومة. واتفق أعضاء اللجنة على رفع متقرح لمكتب البرلمان لعقد جلسة عامة مع الحكومة بخصوص أزمة المهندسين في القطاع العام الذين ينفذون إضرابا مفتوحا عن العمل منذ قرابة الشهر. علما أن مكتب البرلمان قرر في اجتماعه أول أمس برمجة جلسة عامة يوم الاثنين المقبل للحوار مع عمادة المهندسين، ويوم 30 من نفس الشهر موعدا مبدئيا لعقد جلسة حوار مع الحكومة. وكان عميد المهندسين كمال سحنون قد حذّر إثر جلسة استماع أمام لجنة تنظيم الإدارة من أن تونس مهددة بانقطاع التيار الكهربائي والماء الصالح للشراب بسبب تواصل إضراب المهندسين وغياب الصيانة الضرورية بكافة المرافق العمومية. وأشار إلى أن تداعيات إضراب المهندسين بدأت تظهر في بعض الوديان والبحيرات نظرا لانعدام الصيانة على مستوى شبكات التطهير مبينا أن مياه البحر والمياه الموجهة لري المنتوجات الفلاحية غير مراقبة مصرحا بأن هذه المعطيات جد خطيرة وتتحمل المسؤولية في ذلك الحكومة. وأكد أن منشآت تشتغل بالغاز والبترول والمواد الكيميائية وتستعمل تقنيات خطرة تشهد تقديرا هندسيا دون المستوى إضافة إلى تكليف أشخاص دون المستوى المعرفي بمواقع المهندسين، مشددا في الوقت نفسه على أن هذه المؤسسات دون حماية الأمر الذي يهدد بكوارث حقيقية بسبب خطأ بشري بسيط. وكان مجلس عمادة المهندسين التونسيين قد قرر مواصلة إضراب مهندسي المؤسسات والمنشاَت العمومية، داعيا مهندسي الوظيفة العمومية إلى الاستعداد للدخول في إضراب احتجاجا على مواصلة الطرف الحكومي اعتماد سياسة اللامبالاة، وتنصله من تنفيذ اتفاق 16 فيفري 2021، وفق ما جاء في بيان أصدرته العمادة. وجاء بيان العمادة الذي صدر مؤخرا إثر انعقاد مجلس الجهات يوم 18 افريل الجاري، ووجه إلى الرئاسات الثلاث، ليؤكد تمسك المهندسين بحقهم في حصولهم على زيادة في منح الخصوصية أقرتها الحكومة قبل أكثر من سنة في اتفاق تاريخي وقع تحديدا يوم 5 سبتمبر 2019 مع الاتحاد العام التونسي للشغل لفائدة المهندسين اضافة إلى الأطباء والجامعيين، لكنها لم تشمل المهندسين المنتمين إلى قطاع المنشآت والمؤسسات العمومية. وتقدّر الزيادة في المنحة الخصوصية لفائدة المهندسين بين 450 و750 دينارا شهريا شرع في تطبيقها على سنتي 2020 و2021، لكنها شملت فقط مهندسي الوظيفة العمومية المقدر عددهم بحوالي 4 آلاف مهندس، ما كان سببا مباشرا في اندلاع سلسلة من التحركات الاحتجاجية للمهندسين انطلقت منذ أواخر العام الماضي تنوعت بين وقفات احتجاجية، وإضرابات بين يوم أو يومين، دون ان تسفر عن نتائج ايجابية.. اللافت في الأمر، أن اليوم يمرّ قرابة شهر عن تاريخ انطلاق تنفيذ الإضراب المفتوح للمهندسين، وهو ثالث إضراب قطاعي مفتوح تشهده البلاد خلال الفترة الأخيرة وحطم الأرقام القياسية في عدد أيام الإضراب بين سنتي 2020 و2021 بعد إضراب القضاة الذي شلّ تماما المرفق القضائي ودام شهرين (نوفمبر وديسمبر 2020)، وإضراب القيمين الذي دام أكثر من 80 يوما (انطلاق من أواسط نوفمبر واستمر حتى الأسبوع الأول من شهر فيفري 2020). يشار إلى أن مجلس العمادة دعا مكاتب الدراسات والمهندسين المستشارين إلى مقاطعة جميع المشاريع الحكومية وحمّل الطرف الحكومي مسؤولية تداعيات إضراب مهندسي المؤسسات والمنشاَت العمومية المتواصل منذ 29 مارس الماضي وما سينجر عنه من اضطرابات أو إيقاف للمرفق العام. وكان مهندسو المؤسسات والمنشآت العمومية قد قرروا في وقت سابق استئناف الإضراب الغيابي المفتوح، بدعوة من عمادتهم والذي تقرر يوم 18 مارس الماضي، بعد فشل جلسة تفاوضية انعقدت يوم السبت 10 أفريل الجاري بمقر رئاسة الحكومة، وهي الجلسة التفاوضية الوحيدة التي جمعت وفدي الحكومة والعمادة منذ اتفاق فيفري الماضي الذي لم ير النور بعد. وتعددت بيانات الغضب والتنديد التي أصدرتها عمادتا المهندسين والمهندسين المعماريين دون أن تجد لها صدى لدى الحكومة التي اكتفت بعرض يتمثل في الاقتصار على صرف المنحة الخصوصية لذوي الأجور المنخفضة مقارنة بأجور نظرائهم بالوظيفة العمومية فقط وعدم الموافقة على تعميم الزيادة في المنحة على كل المهندسين المعماريين والمهندسين. لكن العرض جوبه بالرفض من قبل عمادتي المهندسين والمهندسين المعماريين. وكانت العمادتان حمّلتا في بيان سابق الحكومة كل تبعات الإضراب المفتوح الذي ينفذ مهنسدو المنشآت والمؤسسات العمومية، وحذرت الحكومة من مسؤولية توقف أو شلل المرافق العمومية، أو أي إخلال قد يطرأ على تنفيذ المشاريع دون مراقبة المهندسين والمهندسين المعماريين. كما حذرت مسؤولي المؤسسات والمنشآت العمومية من تبعات اللجوء إلى تعويض بعض المهندسين المضربين بأشخاص لا تتوفر فيهم الشروط العلمية والمعرفية الكفيلة لتعويض في وظيفة المهندس والمهندس المعماري. ودعت ما أسمتهم ب"عقلاء الدولة والمجتمع المدني وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورؤساء المنظمات الوطنية والأحزاب"، للتدخل سريعا صونا لكرامة المهندس والمهندس المعماري وحفظا للمصلحة العامة خاصة في هذه المرحلة الحرجة والحساسة التي تمر بها البلاد. وكان عميد المهندسين التونسيين قد كشف في لقاء صحفي أن العمادة قامت سنة 2016 بدراسة حول الوضع المادي والمعنوي للمهندس أظهرت تدهورا غير مسبوق للوضعين المادي والمعنوي للمهندس مقارنة بنظرائه في قطاعات أخرى وفي بلدان شقيقة، حيث يبلغ مستوى معدل أجور المهندسين في المغرب 4 أضعاف متوسط أجور المهندسين في تونس، أمّا متوسط أجر المهندس في الأردن فيبلغ ضعفي متوسط أجور المهندس التونسي وقد أدى هذا التدهور إلى هجرة حوالي 2500 مهندس سنويا. ووفق عميد المهندسين يبلغ عدد المهندسين في تونس حوالي 80 ألف مهندس ثلثهم إناث و70% منهم تقلّ أعمارهم عن 40 سنة، يتوزعون بين 4 آلاف في الوظيفة العمومية، و12 ألفا في المؤسسات والمنشآت العمومية، و64 ألفا في القطاع الخاص. المهندسون المعماريون في اضراب بالتوازي مع اضراب المهندسين المفتوح، دعت أمس هيئة المهندسين المعماريين كافة المهندسين المعماريين من القطاعين العام والخاص إلى الدخول في إضراب عام مع التوقف عن ممارسة كل نشاط مهني لمدة شهر قابل للتمديد بداية من يوم 3 ماي المقبل. وأوضحت الهيئة في برقية إضراب أصدرتها أول أمس أن هذا القرار يأتي تبعا لاجتماع مجلس الهيئة الذي دعا المهندسين المعماريين في القطاع الخاص الى مقاطعة المشاريع العمومية بصفة تامة ودخول المهندسين المعماريين بالوظيفة العمومية في إضراب حضوري مفتوح والتوقف التام عن كل نشاط كما دعت الهيئة الى تواصل الإضراب الغيابي المفتوح للمهندسين المعماريين بالمؤسسات والمنشآت العمومية والتوقف التام عن كل نشاط وحمل الشارة الحمراء من طرف المهندسين المعماريين المدرسين في قطاع التعليم العالي. وتتمثل اهم المطالب الواردة باللائحة المهنية للمهندسين المعماريين في دعوة الحكومة للشروع في حوار وطني حول سبل النهوض بالمرفق العمومي وقطاع البناء والتهيئة الترابية والعمرانية والمطالبة بالإشراف المباشر على قطاع التهيئة الترابية والتعمير والمعمار من طرف رئاسة الحكومة بما يضمن نجاعة التخطيط الترابي والعمراني وتحسين إطار عيش المواطن بما يمكن من رد الاعتبار لهذا القطاع وللمهندسين المعماريين.