تتميز مسلسلات رمضان 2012 بعودة عدد كبير من الفنانين للشاشة الصغيرة وبجدل حول تلاؤم الدراما مع روح رمضان أم لا وبإنتاج متفاوت حسب المناخ السياسي للدول العربية، وهذا ما يزيد سباق مسلسلات رمضان 2012 حماسا ويملؤه مفاجآت. ورغم الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها سوريا، فلن تغيب الدراما عن الشاشات إذ تشارك سلمى المصري وخالد القيش في مسلسل "المفتاح". وتقول فيكي حبيب المسؤولة عن قسم "تلفزيون" في صحيفة "الحياة"، إن الإنتاج السوري الذي كان من المنتظر أن ينخفض بسبب الظروف التي تمر بها البلاد خلق المفاجأة وسيكون في الموعد "مع أكثر من 15 مسلسلا، لكن يقابل هذا العدد انحسار عدد النجوم السوريين الذين فضل أغلبهم الاتجاه إلى الدراما المصرية". ويبقى الإنتاج العربي المعتاد من مسلسلات مغاربية وخليجية ولبنانية وأردنية ... متواصلا على النسق المعهود. ولفتت فيكي حبيب انتباهنا إلى خصوصية هذه السنة وهي "الإنتاج المصري الذي يسجل رقما قياسيا مع 60 مسلسلا مقابل موسم مأساوي في 2011 بسبب الأحداث السياسية. فكل المسلسلات التي لم يتمكن المخرجون من إكمال تصويرها حتى تكون جاهزة في العام الماضي، التحقت بركب مسلسلات "2012 وهو ما يفسر هذا الكم الهائل. وعلى خلاف التوقعات لا تعالج هذه المسلسلات بصفة خاصة قضايا على علاقة بالثورة. ولم تخدمها الثورة في نهاية الأمر إلا بالكم بسبب الاضطراب السياسي الذي أثر على برمجتها الزمنية". وتعتبر فيكي حبيب أن الحصاد المصري لهذه السنة "بمثابة رد على الدراما السورية التي كانت أول منافسيها". ولم تركب المسلسلات شعارات الثورة، فالمشاهدون العرب في أغلب الأوقات في رمضان يترقبون مسلسلات تسليهم وتبعدهم عن المسائل المعقدة. أما بالنسبة إلى إشكالية مسلسل "عمر الفاروق"، فلا علاقة لها حسب فيكي حبيب بتغير المشهد السياسي في بعض البلدان العربية التي يهيمن عليها الإسلاميون اليوم. فتقول "هذه الإشكالية تطرح دائما في مجتمعاتنا كلما تعلق الأمر بالسيرة النبوية وبتصويرها. واستثمرت "أم. بي. سي" إمكانات كبيرة في هذا المسلسل وتطمح إلى نوع من التغيير في صورة الإسلام في العالم فبيعت حقوق البث لأندونيسيا مثلا وبلدان أخرى. وهي أول مرة يترجم فيها مسلسل عربي إلى لغات أجنبية ويباع بهذا الشكل". وتأتي النسخة الأندونيسية ثانيا بعد أن وقعت شبكة تركية حقوق البث الحصري لمسلسل "عمر الفاروق" مدبلجا باللغة التركية لتستهدف سوقا يبلغ حجمها 70 مليون مسلم، لينضموا إلى 300 مليون مسلم في العالم العربي، و190 مليون إندونيسي، في الوقت الذي تفاوض فيه مجموعة "أم. بي. سي" على توقيع عقود بث بلغات أخرى مع شبكات إعلامية أبدت اهتمامها في المسلسل الذي يواجه حملات غضب في البلدان العربية على وجه التحديد لأنه يجسد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. وكثف العديد من رواد الإنترنت حملاتهم المناهضة لبث المسلسل، مطلقين عرائض على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل جمع مليون توقيع في هذا الغرض، على غرار مفتاح# أوقفوا مسلسل الفاروق على تويتر. وبصرف النظر عن الجدل الذي يثيره "عمر الفاروق" وعن تغير المشهد السياسي في بعض الدول العربية، فقد سبق في السنوات الماضية أن دعت عشرات المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة دراما رمضان نظرا لعددها الكبير الذي يحول حسب البعض دون تأدية الصلاة. ويستمر تخصيص صفحات الكترونية تدعو إلى مقاطعة الشاشة على غرار صفحة "رمضان بلا تلفاز... صيام بامتياز". وعلق فيها أحدهم متحدثا عن المسلسلات والفوازير "هذا ما أعده لنا إبليس وبعض معاونيه من البشر قبل بداية الشهر الكريم العظيم... فماذا نحن فاعلون ؟ هل سنقع فى نفس الخطأ و نجعل أنفسنا من الذين لا ينالون من صيامهم إلا الجوع والعطش ؟ أم سنكون ممن سيناله الله برحمته يوم القيامة ؟ القرار فى أيدينا نحن فقط فأي الطريقين سنسلك ؟ طريق الله و طريق الرسول عليه الصلاة و السلام أم الطريق الآخر ؟". في المقابل، توجد مجموعات أخرى عبر فيس بوك تدعو إلى مشاهدة المسلسلات ومنها "مسلسلات رمضان 2012" و"مسلسلات رمضان". وتنشر هذه الصفحات مواعيد بث المسلسلات على القنوات العربية وتفتح نقاشات حول مسألة انتقاء المسلسلات المفيدة التي تتناسب وروح رمضان وأخرى حول كثافة الإعلانات. ويؤكد العديد أن الإعلانات هي التي تمكن من تغطية تكاليف الإنتاج فلا مسلسلات بدونها. وأمام المتذمرين من كم المسلسلات والإعلانات ومن تناسب الدراما مع المشاعر الدينية أم لا، يقف صف المدافعين عن الكم كفرصة لترك حرية الاختيار للمشاهد. وعن المسلسلات التي يرجح أن تلاقي نجاحا في رمضان 2012 قالت فيكي حبيب "لا يمكن أن نحكم مسبقا على محتويات لم يتسن لنا أن نشاهدها بعد. لكن من المتوقع أن تحقق مسلسلات "أم. بي. سي" نجاحا فهي عرفت باختيارها مسلسلاتها بعناية، ثم سيحقق بالتأكيد "عمر الفاروق" نسب مشاهدة مرتفعة وهو ما يحصل عادة كلما خلق عمل فني إشكالية قبل عرضه. وبصرف النظر عن هذا المسلسل فيتوقع أن تلاقي المسلسلات التي يمثل فيها نجوم مكرسين نجاحا فالمشاهد العربي ينجذب دائما لكبار النجوم على غرار عادل إمام ". ويعود عادل إمام للدراما المصرية بعمل قوي، فيتوقع الكثيرون نجاح مسلسله " فرقة ناجي عطا الله " نظرا لما يحتويه من عناصر كوميدية وسياسية واجتماعية تعمل على أن يحتل مكانة متميزة بين مسلسلات رمضان 2012. ويشارك عادل إمام في بطولة هذا العمل نخبة من النجوم منها أنوشكا ومحمد إمام وعمرو رمزي وأحمد السعدني وآخرين. وفي تونس ينتظر الكثيرون بفارغ الصبر الموسم الثالث من مسلسل "مكتوب" من إنتاج "كاكتوس برود" ويتميز هذه السنة بمشاركة "بندير مان" وهو أحد المغنيبن الملتزمين في تونس. وكشف توفيق خلادي المدير العام للتلفزيون الجزائري، خلال ندوة صحفية عقدها هذا الأسبوع بمقر التلفزة الوطنية بالجزائر، أن صيانة الذاكرة والمحافظة عليها هو الهدف الرئيسي من وراء البرمجة الرمضانية لهذا العام تحت شعار "الاحتفاء بالإيمان والوطن" ، حيث ستخصص مسابقة رمضان اليومية على حد قوله لتخليد أرواح ثلاثين شهيدا وشهيدة من شهداء الاستقلال. وحصل التلفزيون الجزائري على إجازة من وزارة الشؤون الدينية لبث "عمر الفاروق". (فرانس 24)