اعتبرت هيئة الحقيقة والكرامة فى بيان لها اليوم الاثنين أن مشروع القانون الاساسي المتعلق باجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي موضوع المبادرة التشريعية الصادرة عن رئاسة الجمهورية يفرغ منظومة العدالة الانتقالية من محتواها ويؤدي الى التخلي عن أهم آلياتها في كشف الحقيقة والمساءلة والتحكيم والمصالحة وإصلاح المؤسسات. وقالت الهيئة في بيانها الصادر اثر اجتماع مجلسها أن مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الوزراء بتاريخ 14 جويلية الجاري يضمن الافلات من العقاب لمرتكبي أفعال تتعلق بالفساد المالي وبالاعتداء على المال العام. ورأت أن مشروع قانون المصالحة المذكور أعد دون استشارة أي من المؤسسات والهياكل القائمة ذات العلاقة بموضوعه وخاصة منها هيئة الحقيقة والكرامة لا سيما وأنه تم التنصيص به على مشاركة أعضاء الهيئة في تركيبة لجنة التحكيم المقترحة في حدود الثلث. وجاء في البيان أن هذا الخيار علاوة على عدم وجاهته من الناحية القانونية فهو يتناقض مع صفة أعضاء الهيئة باعتبارهم منتخبين ضمن جهاز مستقل كما يشكل ازدواجا في المهام والوظائف مع لجنة التحكيم والمصالحة المحدثة صلب هيئة الحقيقة والكرامة بموجب نص قانوني سابق الوضع. وأكدت الهيئة تعارض مشروع القانون مع الدستور وإهماله لقواعد النظام العام الدستوري مضيفة بحسب نص البيان القول بأنه لا ينسجم مع التزامات الدولة التونسية في مجال مكافحة الفساد وإنفاذ القوانين الواقية منه على غرار الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها تونس. وذكر بيان هيئة الحقيقة والكرامة أن مشروع القانون يتضمن أحكاما لا تضمن حيادية واستقلالية لجنة التحكيم المقترحة باعتبارها لجنة إدارية بحتة تخضع لتبعية ثنائية للجهاز التنفيذي من حيث التركيبة والاشراف. كما اعتبر أن آلية التحكيم والمصالحة فى قضايا الفساد المالي والجرائم الاقتصادية من مهام لجنة التحكيم والمصالحة التابعة لهيئة الحقيقة والكرامة مشيرا إلى أن الهيئة شرعت بعد في انجازها طبقا لأحكام الفصول من 45 إلى 50 من القانون الاساسي للعدالة الانتقالية. وقالت الهيئة في بيانها ان تهيئة مناخ ملائم للاعمال والاستثمار في البلاد يتطلب اطلاق استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والتوقي منه ولا يمكن البتة اختزاله في معالجة ملفات مخصوصة للافراد المتورطين في الانتهاكات المالية والاعتداء على المال العام. ولاحظت أن التنمية الاقتصادية الحقيقية تتطلب اصلاح التشاريع والمؤسسات التي ساهمت في تكريس منظومة الفساد وفى تخريب الاقتصاد الوطني طيلة كامل الفترة المشمولة بقانون العدالة الانتقالية. ورجحت هيئة الحقيقة والكرامة أن ما ورد بمشروع المصالحة يمثل رسالة سلبية للمستثمرين الوطنيين والأجانب ولكل الدول والمؤسسات المالية العالمية التي تشترط توفر مناخ ملائم خال من الفساد المالي والاداري يقوم على علوية القانون واستقلال القضاء.(وات)