أدانت منظمة الشفافية الدولية اليوم بشدة مشروع قانون معروض على مجلس نواب الشعب التونسي يقضي بالعفو عن الجرائم السابقة للأشخاص المورطين في اختلاس المال العمومي وغير ذلك من الأموال المشبوهة. وأشارت المنطمة في بيان، تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه، أنه ينبغي على المجلس أن يرفض هذا المشروع بصيغته الحالية، مشيرة أن "من شأن هذا المشروع أن يوقف الملاحقات القضائية ومحاكمات المسؤولين السابقين المورطين في الفساد ورجال الأعمال المتحيلين وأتباعهم بمجرد كشفهم عن ما نهبوه من ثروات أمام اللجنة الجديدة المعنية بالتحكيم والمصالحة". وقالت المنطمة أن "القانون لا ينص بوضوح على كيفية التصريح بالمبالغ المنهوبة كاملة ولا يحدد طرق مكافحة التحيل ويترك بذلك الفرصة سانحة أمام الفاسدين للتستر على ثرواتهم. ولا يتضمن هذا القانون أي فصل يجبر المورطين في الفساد على الإفصاح عن أتباعهم أو المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى الذين ساعدوهم على اختلاس الأموال وبذلك، سيمكن الفاسدين من الإفلات من العدالة" . وأضافت الشفافية الدولية في بيانها أن "سنة 2013 شهدت إنشاء هيئة الحقيقة والكرامة عقب فرار الدكتاتور الفاسد بن علي وأسرته وحلفائه إلى خارج البلاد. وتعمل هذه الهيئة على تحقيق المصالحة مع الماضي، ولكنها لا تعمل بذلك على السماح للمورطين في الفساد بالإفلات من العقاب." ونقلت عن رئيس منظمة الشفافية الدولية خوزيه أوغاز تصريحه بأن "مشروع القانون الجديد سيُميّع المفهوم النبيل للحقيقة والكرامة. فهو سيخول لكبار المتحيلين الذين كدسوا الثروات تحت لواء الدكتاتور السابق بن علي التهرب من العدالة مقابل ضخ بعض ما حققوه بطرق غير مشروعة في عجلة اقتصاد البلاد، ولن يزيد ذلك الفاسدين إلا سطوة ونفوذا." وأضاف أن "هذا القانون يؤدي إلى تعليق كافة الملاحقات القضائية في هذا الصدد ضد الأشخاص الذين تنظر هيئة الحقيقة والكرامة في قضاياهم، ويعد قرار اللجنة الجديدة المعنية بالتحكيم والمصالحة قرارا نهائيا لا رجعة فيه وغير قابل للطعن". وأشارت المنظمة أن هذا المقترح يشكل هذا القانون تدخلا صارخا في عمل السلطة القضائية وانتهاكا جسيما لقيم المساءلة والشفافية المكرسة في الدستور التونسي إذ سيشجع كل من تسول له نفسه باختلاس المال العمومي في المستقبل". من جهته قال رئيس منظمة "أنا يقظ" أشرف العوادي"أن المصالحة، إذا قامت على أساس العدالة والمساءلة، من شأنها أن تضمن نجاح الانتقال الديمقراطي وتعزز بذلك الثقة في صفوف المستثمرين الأجانب. ولكن، إذا وقعت المصادقة على مشروع هذا القانون، فلن يؤدي ذلك إلا إلى تأجيج الاستياء الشعبي وتفاقم حالة الإحباط." ودعت منظمة الشفافية الدولية ومنظمة "أنا يقظ"، التي تعتبر نقطة الاتصال الوطنية لمنظمة الشفافية الدولية في تونس، مجلس نواب الشعب التونسي إلى عدم المصادقة على مشروع هذا القانون في صيغته الحالية والمبادرة بحوار وطني مفتوح يشمل الأطراف الحكومية وغير الحكومية بشأن آليات المصالحة والتسوية التي تكرس مبدأ العدالة والمساءلة والسلم الاجتماعي.