رغم أنها تعتبر من الدول العظمى إلا أن هنالك جانب أسود في تلك القارّة الكبيرة ألا وهي القارة الأمريكية فقد سجّلت في احدى مدنها (نيويورك) ارتفاع نسبة المترشدين حيث بلغ عددهم نحو 75 الفا في وضع غير مسبوق منذ 80 عاما بحسب بعض الخبراء ما يمثل مصدر حرج متعاظم لرئيس بلدية المدينة الديموقراطي بيل دي بلازيو المتهم بالاستخفاف في التعاطي مع هذه الأزمة. وقد أعلن بيل دي بلازيو الثلاثاء الفارط تنحي مستشاره المكلف شؤون المشردين غيلبرت تايلور واجراء درس معمق لوضع وكالتين متخصصتين في البلدية بهدف دمجهما. وكانت مساعدة رئيس البلدية المكلفة شؤون الخدمات الاجتماعية ليليام باريوسباولي تنحت بدورها في سبتمبر الفائت. وفي ظل التساؤلات المتزايدة الموجهة اليه بشأن مسألة المشردين في المدينة، يشدد رئيس بلدية نيويورك على أهمية الجهود التي تبذلها ادارته بينها خطة لبناء مساكن للمشردين وتقديم مساعدات للعائلات بهدف تجنيبها التشرد والالتزام بتقديم مليار دولار اضافي خلال السنوات الاربع المقبلة لتمويل برامج خاصة بدعم الأشخاص المشردين. لكنه أشار الى انه ورث مشكلة مستمرة منذ ثلاثة الى اربعة عقود. وقال "ستكون معركة طويلة لن ننتصر فيها بسهولة" على رغم الجهود المبذولة. وتستحوذ نيويورك بسكانها البالغ عددهم 8,4 ملايين نسمة، على 14% من المشردين في الولاياتالمتحدة (75 الفا و323 شخصا) بحسب دراسة حديثة صادرة عن وزارة الاسكان والتنمية الحضرية. كما أن هذا الاتجاه يعاكس ذلك السائد في البلاد اذ شهد عدد المشردين تراجعا مستمرا بين 2007 و2015 ليتدنى من 647 الفا و258 شخصا الى 546 الفا و708 اشخاص وفق هذه الدراسة. غير أن الأرقام الرسمية المقدمة في نيويورك مختلفة إذ ان المدينة احصت في نهاية اكتوبر وجود 59 الف مشرد يتم ايواؤهم خلال الليل في مساكن او فنادق او مقار خاصة إذ ان المدينة مرغمة قانونا على توفير سقف للمنامة لمشرديها. ويضاف الى هؤلاء ما بين ثلاثة الى اربعة الاف شخص ينامون بحسب رئيس البلدية في الشارع او في المتنزهات ومحطات القطارات والارصفة ما يشكل مصدر تذمر متزايد لدى سكان نيويورك. وتؤكد منظمة "كواليشن فور ذي هوملس" (الائتلاف من اجل المشردين) أن "عدد المشردين بلغ خلال السنوات الاخيرة اعلى المستويات منذ فترة الكساد الكبير". ومن بين المشردين الحاصلين على مأوى من سلطات المدينة في نهاية اكتوبر ثمة 23 ألفا و858 طفلا و21 الفا و967 بالغا من المقيمين لدى عائلات و3687 امرأة وحيدة و10 آلاف و56 رجلا وحيدا بحسب أرقام الائتلاف. وخلال عشر سنوات، سجل عدد هؤلاء ارتفاعا بنسبة 86%. ويؤكد رئيس البلدية أن "ثمة الكثير من هؤلاء لا ترونهم خلال النهار لأنهم يقصدون العمل. ثمة الكثير من الاطفال الذين يرتادون المدارس"، مقرا بأن الكثير غيرهم يهيمون في الشوارع نظرا الى عدم السماح لهم بالبقاء في مراكز استقبال خلال النهار. ويلفت دي بلازيو الى ان "عددا متزايدا من المشردين يصبحون كذلك لأسباب اقتصادية" بفعل عجزهم عن الاستمرار في دفع قيمة الايجارات في مدينة تسجل فيها معدلات كبيرة من التفاوت في المداخيل. وبات السعر الوسط للشقق في مانهاتن يتخطى مليون دولار في حين يبلغ الحد الأدنى للأجور 8,75 دولارات لكل ساعة عمل. وينبه "الائتلاف من اجل المشردين" الى ان عدد الأشخاص الذين يبيتون في العراء "اكبر بكثير من التقديرات" المتداولة في شأنهم إذ يتم احتسابه مرة واحدة سنويا خلال ساعات الليل في نهاية شهر جانفي. وتضاف الى هؤلاء إعداد المتسولين الذين يكونون غالبا من الشباب وليسوا بالضرورة من المشردين. ويعمد هؤلاء عادة الى التسول من المارة خصوصا في محطات القطارات. وقال دي بلازيو خلال اعلانه تنحي مستشاره تايلور "المعركة ستكون طويلة. انه تحد كبير في سائر انحاء البلاد. لم تتمكن أي مدينة من حل المشكلة"، لافتا الى ان سان فرانسيسكو ولوس انجليس ومدن اخرى "تواجه مشكلة مشردين اكبر نسبيا".(ميديل ايست أون لاين)