أثار مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء ولا يزال يثير جدلا كبيرا خاصة بعد قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين والقاضي بعدم دستورية اجراءاته. في هذا الإطار عقدت اليوم الثلاثاء جمعية القضاة التونسيين ندوة صحفية حاولت خلالها تسليط الضوء على جملة من النقاط والإخلالات التي شابت مشروع القانون المذكور. وقد اعتبرت روضة القرافي رئيسة جمعية القضاة خلال افتتاحها الندوة أن التناول العام لقرارات الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين سواء المتعلق بمشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء أو مشروع قانون المالية لسنة 2016 فيه استنقاص وتشكيك لقرارات الهيئة واستضعاف لها وفيه تحريض على عدم احترامها مشيرة أن مثل هذا التوجه لا يتلاءم مع الدستور ومع المرحلة وما تقتضيه من بناء المؤسسات واحترامها لبعضها البعض. وتابعت القرافي أن القضاة يرفضون الإستنقاص من الهيئة واستضعافها وضربها لأن ذلك ضرب لمسار بناء المؤسسات وأيضا لمسار البناء الديمقراطي وبالتالي عدم خدمة مصلحة تونس في الداخل و في الخارج خاصة ونحن نؤسس لبناء دولة القانون والمؤسسات وعادات احترام المؤسسات لبعضها البعض. كما أنه ما حصل لا يطمئن المتابعين للتجربة الديمقراطية التونسية في الخارج لأن الإستثمار في الديمقراطية يقاس بمدى ثبات كل دولة واحترامها لمؤسساتها مضيفة أن حملات الحث على عدم احترام قرارات الهيئة والتشكيك فيها واستضعافها سيجعل تونس بعيدة على مؤشرات التنمية المستدامة من خلال الإستثمار السليم في الديمقراطية باحترام دستورها مشاريع القوانين. ودعت القرافي الجميع الى التعقل والى احترام التجربة المؤسسية الديمقراطية الناشئة في بلادنا. وأكدت رئيسة الجمعية أن أهم ما جاء في قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين هو أن قرارها الأول بخصوص مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء لم ينفذ وأن التنفيذ يمر وجوبا بالعودة الى عرض مشروع الحكومة حول قانون المجلس الأعلى للقضاء المؤرخ في 12 مارس 2015 للمداولة على الجلسة العامة هذا من الناحية الإجرائية ومن ناحية الأصل بالتقيد بمقتضى قرار الهيئة الصادر في 8 جوان 2015 بخصوص التصور العام للمجلس الأعلى للقضاء في تركيبته وهياكله وصلاحياته الموسعة حسبما جاء في مشروع الحكومة لأن الهيئة أشارت بوضوح في قرارها الى خيارات في تحديد ماهية وكنه المجلس اي في التصور والفلسفة العامة التي يقوم عليها هذا المجلس اهو مجلس ادارة مسارات مهنية فقط للقضاة أم انه مجلس يمثل السلطة القضائية المستقلة طبق الدستور يرجع له ادارة كامل الشأن القضائي. وقالت القرافي أيضا أن مسار التنفيذ مازال قائما بكامله وهو مسار يقتضي التصحيح طبقا لما أشارت له الهيئة من الناحية الإجرائية ومن الناحية الأصلية. من جهة أخرى اعتبرت روضة القرافي أن ما يقال بأن قرار الهيئة رجوع الى نقطة الصفر بطرح مبادرة تشريعية جديدة ومقترح قانون مقدم من عشرة نواب أو مشروع قانون من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة هي قراءات مخالفة لمقتضى قرار الهيئة ولا يمكن أن تكون صحيحة لأنها تفرغ الرقابة على الدستور من كل وظيفة وتسهل للسلطة التشريعية عدم احترام قرارات القضاء الدستوري لأنه بمجرد أن لا يعجب قرار هيئة الرقابة على دستورية مشاريع القوانين السلطة التشريعية أو التنفيذية فإنه يمكنها التحلل منه باللجوء الى مبادرة تشريعية جديدة وليس هذه الغاية التي من أجلها شرعت الرقابة على الدستورية بل هذه الرقابة وجدت لحماية النظام الديمقراطي من خلال حماية الدستور من الإنحرافات التي يمكن أن تحصل في تحقيقه من السلطتين التنفيذية والتشريعية. وأكدت أن تونس بحاجة الى بناء تقاليد دولة القانون والمؤسسات التي تبنى في المقام الأول ولسنا في حاجة الى مزيد توتير الأوضاع ومزيد التشنج والإحتقان بالتعدي على المؤسسات وأنه بالنظر في مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء فاحترام القانون هو احترام نص الدستور وما أقره في باب السلطة القضائية واحترام المؤسسة التي تسهر على حسن تطبيق الدستور وهي الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين والقطع ما عادات الإلتفاف والتحيل على الدستور. ونبهت رئيس الجمعية في خاتمة حديثها من خطورة الدعوات والتوجهات الرامية لعدم الإلتزام بقرارات الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وعدم تنفيذها أو بابتداع الحيل للإلتفاف عليها وذلك بإعادة المسار الإجرائي فقط وعرض مشروع لجنة التشريع العام على أنه مشروع الحكومة مشددة على أن ذلك سيكون ضربا للتجربة المؤسساتية الناشئة في الرقابة على دستورية مشاريع القوانين كأهم ضمانة لتركيز النظام الديمقراطي وإفراغا لها من أية وظيفة محذرة من أن تلك الدعوات والتوجهات ستمثل عودة الى أساليب التحيّل على الدستور وانتهاكه والنيل من المؤسسات التي آلت في التجارب السابقة الى انحراف نظام الحكم الى نظام استبدادي تسلطي.