أصدر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بيانا حول مشروع قانون تنقيح وإتمام مجلة الاجراءات الجزائية الذي سيتم النظر فيه الثلاثاء القادم في جلسة عامة لمجلس نواب الشعب. وفي ما يلي نص البيان الذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه: «إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وبعد لإطلاعه على مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية ومذكرة شرح الأسباب. وعلى تقريري لجنة التشريع العام المتعلقين بمشروع القانون المذكور والمؤرخين في 03/06/2015 و06/01/2016. وإذ يؤكد على أهمية ما جاء بهذا التنقيح من جملة من الضمانات الجديدة الداعمة لشروط المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع ومن ذلك بالأساس ما تضمنه الفصل 13 مكرر جديد : بالحط من مدة الاحتفاظ خلال فترة الأبحاث الأولية التي يتولاها أعوان الضابطة العدلية وذلك بالنزول بها في الجنايات والجنح من ثلاثة أيام إلى يومين مع وجوب إذن وكيل الجمهورية في ذلك وليس مجرد إعلامه فقط مع قابلية تلك المدة للتمديد مرة واحدة بقرار معلل بالأسانيد القانونية والواقعية التي تبرره. بإقرار حق ذي الشبهة في الاستعانة بمحامي لدى باحث البداية وحقه في أن يسخر له محام لدى الباحث في الجنايات. وما جاء في الفصل 57 جديد من تمكين قاضي التحقيق صلاحية إنابة مأموري الضابطة العدلية في غير دائرته. حق المظنون فيه في الجنايات في طلب تسخير محامي له من قبل حاكم التحقيق أو من المأمور المناب. وما تم إقراره في الفصل 221 من تعميم الدوائر الجنائية على المحاكم الابتدائية بعدما كانت تلك الدوائر مقتصرة على المحاكم الابتدائية المنتصبة بدوائر محاكم الاستئناف. فإنه: - ينبّه وبصفة مبدئية إلى أنّ التنقيح المزمع المصادقة عليه يستوجب أن يتخذ شكل قانون أساسي وليس قانون عادي اقتضاء بأحكام الفصل 65 من الدستور باعتباره يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان وبتنظيم العدالة والقضاء، وباعتبار أنّ مجلة الإجراءات الجزائية ولئن اتخذت شكل قانون عادي، فإن ذلك يعود إلى تاريخ صدورها في 24 جويلية 1968 والذي سبق استحداث القوانين الأساسية بمقتضى تنقيح دستور 1959 بتاريخ 8 أفريل 1976. - يسجل سلبيا خطورة مقتضيات الفصل 10 مكرر جديد في الغاء كل هامش لاستقلالية النيابة العمومية على السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل بما يضعف جوهريا من جملة الضمانات التي أتى بها هذا التنقيح ويوضح بهذا الخصوص أن إخضاع مأموري الضابطة العدلية أثناء ممارستهم لمهامهم لسلطة ورقابة وزارة العدل واعتبار النيابة العمومية الجهاز الذي بواسطته تمارس وزارة العدل سلطة رقابتها وإشرافها على الضابطة العدلية هو توجه يكرس تبعية النيابة العمومية هيكليا ووظيفيا للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل ويجعلها جهازا تنفيذيا من أجهزتها تمارس بواسطته رقابتها على مأموري الضابطة العدلية . وهو توجه مخالف للدستور وعملية استباق لتنظيم النيابة العمومية في القوانين الأساسية للقضاة باعتبارها جزء من القضاء العدلي حسب الفصل 115 من الدستور أي هيكل من هياكل القضاء العدلي لا جهازا تابعا للسلطة التنفيذية. يوضح في هذا الخصوص أن هذا التوجه مخالف للفصل 10 من م ا ج وفيه إلغاء وتراجع على ما أقره ذلك الفصل من كون مأموري الضابطة العدلية المشار إليهم بالأعداد 3 و 4 و 5 و 6 يباشرون مهامهم تحت إشراف أعضاء النيابة العمومية . وأنه خيار يمثل تراجعات جوهرية على شروط المحاكمة العادلة لأن الأبحاث التي يتعهد بها مأموري الضابطة العدلية هي أعمال تهدف إلى كشف الحقيقة القضائية التي هي من جوهر العمل القضائي لا يجب أن يباشرها من هو خاضع لسلطة ورقابة القضاء هيكليا ووظيفيا لحماية تلك الأعمال وتحصينها من أي تدخل من السلطة التنفيذية. وأن إقرار رقابة السلطة التنفيذية على مأموري الضابطة العدلية بواسطة وزارة الداخلية أو وزارة العدل يتعارض مع الغاية من التنقيح ولا يحقق الضمانات القانونية للمشتبه بهم لأن حماية حقوق المتهمين من الانتهاكات من أي جهة كانت بما في ذلك من السلطة التنفيذية وأعوانها من خلال الرقابة على الضابطة العدلية لا يمكن أن يحقق الضمانات لذي الشبهة إلا إذا كانت الرقابة خارجة عن السلطة التنفيذية بكل مكوناتها . كما أن الفصل 10 مكرر قد خالف مقتضى الفصل 65 من الدستور الذي ينص على أنه تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بتنظيم العدالة والقضاء وإنه لا جدال في أن تنظيم هيكلة النيابة العمومية ووظائفها وموقعها داخل القضاء العدلي وعلاقتها بالقضاء الجالس وبباقي السلط ومنها السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل هي من المسائل المتعلقة بتنظيم العدالة والقضاء ولا يمكن تبعا لذلك تنظيمها بقانون عادي كمشروع القانون المتعلق بتنقيح مجلة الإجراءات الجزائية. يسجل من جهة أخرى عديد الثغرات والتناقضات التي جاءت بمشروع القانون الماسة جوهريا بالحقوق والحريات من ذلك: - الإبقاء على مفهوم) ضرورة البحث ( كمبرر للاحتفاظ بالمشتبه بهم دون تعريف أو تحديد دقيق عبارة فضفاضة يمكن تأويلها بما قد يهدد قرينة البراءة والحق في الحرية فالتشريعات الجزائية المتطورة تستعمل عبارات أدق كمفهوم الأسباب المعقولة و »أهداف التدبير « Les objectifs de la mesure التي حددها المشرع الفرنسي في الفصل 2 من قانون 14 أفريل 2011 الذي اقتضى أن هذا التدبير يجب أن يكون الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الأهداف التالية أو أحد منها : - التمكن من القيام بالتحريات التي تستوجب حضور أو مشاركة المشتبه به. - ضمان تقديم المشتبه به لوكيل الجمهورية حتى يتمكن من تقدير مال البحث. - منع المشتبه به من تغيير وسائل الإثبات. - منع المشتبه به من التأثير على الشهود أو على الضحايا أو على عائلاتهم وأقاربهم . - منع المشتبه به من التنسيق مع شركائه المحتملين في ارتكاب الجريمة - ضمان تنفيذ الإجراءات المقررة لمنع تواصل الجناية أو الجنحة. - عدم إشتراط حالة التلبس للإذن بالاحتفاظ في حالة المخالفات رغم أن المخالفات ليست من الجرائم التي تتسم بالجرائم الخطيرة الأمر الذي يشكل تهديدا خطيرا للحريات. - عدم تلافي النقص القائم في الفصل 13 مكرر بخصوص ضرورة تحديد انطلاق مدة الإيقاف بكل دقة التي وجب تحديدها بتاريخ إلقاء القبض على المشتبه فيه أو تاريخ تقدمه إلى مركز الأمن يوما وساعة وهو الحل المعتمد من المشرع الفرنسي. - عدم حصر الاحتفاظ في جرائم معينة تتسم بقدر من الخطورة وهو ما يجعل هذا الاجراء يكاد يكون آليا ويشمل جميع الجنح والجنايات وهو توسع في استثناء يمس من حق الإنسان في الحرية الشخصية وحقه في التمتع بقرينة البراءة ذلك أنه في فرنسا مثلا المدة الأولية للاحتفاظ هي 24 ساعة مع إمكانية التمديد فيها ب 24 ساعة إضافية عندما تكون الجريمة موضوع التتبع تستوجب عقابا بالسجن لمدة سنة على الأقل على أن يكون التمديد معللا بضرورات البحث . - عدم الإقرار بحق ذي الشبهة الذي يكون بحالة السراح في إنابة محام أمام الباحث الابتدائي بخلاف الاقرار بذلك الحق لذي الشبهة المحتفظ به والمتضرر وفي ذلك خرق للمبدأ الدستوري لمبدأ المساواة . (و في ذلك خرق لمبدأ المساواة المكرس بالفصل 21 من الدستور) المقترح : - الإبقاء على مدة الاحتفاظ بثلاثة أيام في حالة احتفاظ مأموري الضابطة العدلية بذي الشبهة الذي لم يسبق لقاضي التحقيق سماعه كمتهم الطعون: - إقرار مبدأ أن يكون التمديد في مدة الاحتفاظ في الجنح والجنايات لمرة واحدة ولمدة 48 ساعة بقرار معلل بأسانيد واقعية وقانونية لا تمثل ضمانة حقيقية ومكتملة إلا متى كان القرار قابلا للطعن للتحقق من مدى توفر الاسباب الحقيقية التي بررت التمديد في الاحتفاظ وإلا فما جدوى إلزامية التعليل الواقعي والقانوني. - عدم التنصيص على وجوب تكليف مترجم محلف أو الشخص يختاره المشتبه فيه الأجنبي لترجمة أقواله بلغة وأمانة إلى مأمور الضابطة العدلية. - عدم التنصيص على حق المشتبه فيهم ذوي الاعاقة كالذين يعانون من اعاقات في السمع والنطق في الاستعانة بمترجم بالإشارات يبلغهم المعلومات والأسئلة الموجهة إليهم وينقل أجوبتهم بكل أمانة طبق الفصل 48 من الدستور الذي اقتضى ان الدولة تحمي الأشخاص ذوي الاعاقة من كل تمييز . - عدم التنصيص على حق المحتفظ به في الطعن في شرعية الاحتفاظ والمنازعة في أسبابه. - عدم التنصيص على الحق في التزام الصمت والحق في التشكي من سوء المعاملة أو سوء الاوضاع. إجراءات : - عدم التنصيص صراحة على وجوب تمكين وكيل الجمهورية من الاطلاع على محضر البحث بصفة مباشرة و متابعة سير الابحاث عن قرب واتخاذ قرار الاحتفاظ عناية مع التعليل اذ لتحقق التجربة - تم الحط من مدة الاحتفاظ في المخالفات إلى 24 ساعة دون ايجاد الحلول لحالات الاحتفاظ التي تتم بأخر الأسبوع يوم الجمعة والتي يتعذر فيها إحالة المحتفظ به على المحكمة بعد انقضاء 24 ساعة. -عدم وضوح وجوبية عرض المشتبه به في الجنحة والجناية على وكيل الجمهورية في نهاية مدة الاحتفاظ الأولى ب 48 ساعة أو في نهاية مدة الاحتفاظ الجملية 59 ساعة . - عدم ضبط الأجل الذي يتم فيه العرض على الفحص الطبي - عدم التعرض للفحص الطبي من قبل طبيب نفسي للكشف على التعذيب المعنوي - لم يقع تمكين وكيل الجمهورية أو مأموري الضابطة العدلية من إمكانية طلب عرض المحتفظ به على الفحص الطبي - عدم إقرار حق المحتفظ به أو محاميه أو أقاربه في طلب إجراء فحص طبي في حالة التمديد في مدة الاحتفاظ على غرار التشريع الفرنسي. - وعدم ضبط شروط و ظروف إجراء الفحص الطبي إذ لم ينص على وجوب احترام خصوصية المحتفظ به و السر المهني الطبي. - عدم تحديد تاريخ إعلام المحتفظ به أو احد أقاربه أو السلط الدبلوماسية أو القنصلية بالضمانات المخولة له و الذي يجب أن يكون متزامنا مع تاريخ إجراء الاحتفاظ و بمجرد انطلاقه. - إغفال وجوب التنصيص بمحضر الاحتفاظ على إعلام المحتفظ به بالإجراء المتخذ ضده ( الاحتفاظ ) و بقابليته للتمديد لمدة أقصاها 48 ساعة - إغفال وجوب التنصيص بمحضر الاحتفاظ على إمضاء محامي المحتفظ به في صورة حضوره. - يطالب بسحب مشروع القانون وإعادة تقديمه في شكل قانون أساسي احتراما لمقتضيات الفصل 65 من الدستور. - يطالب بمراجعة اضافة الفصل 10 مكرر لمخالفته للدستور ولخطورته على استقلال النيابة العمومية واستقلال القضاء كمراجعة كل الثغرات والتناقضات التي شابت هذا التنقيح لمساسها الجوهري بالحقوق والحريات والتناسق التشريعي داخل مجلة الاجراءات الجزائية وفي علاقتها بقية التشريعات ذات الصلة ومزيد تعميق النظر في هذا التنقيح بالتشاور مع كل الأطراف المعنية وأهل الاختصاص. «