مرة أخرى تدفع الاثار ضريبة هيمنة الميليشيات المتطرفة على العاصمة طرابلس، فبالأمس أقدمت مجموعة مسلحة تتكون من 15 شخصا على هدم غرفة بمسجد ميزراب التاريخي كانت ضريحا ل"رمضان ميزراب" أحد المقامات الصوفية بالعاصمة طرابلس، قبل أن تقوم الجماعات المسلحة السنة الماضية بنقل رفاته إلى إحدى المقابر. إنطلاقا من قناعات دينية سلفية تحرم زيارة الأضرحة وتعتبرها ضرباً من "الشرك " و"الوثنية"، نفذ المتطرفون السنوات الماضية هجمات مختلفة على المساجد التاريخية، حيث أقدموا على هدم مسجد الشعاب في أوت 2012، وهدم منبر مسجد أحمد باشا، كما فجر مسلحون زاوية أبومشماشة لتحفيظ القرآن في طرابلس. وفي نفس الفترة ايضا من سنة 2012 هزت انفجارات ضخمة نفذتها عناصر سلفية متطرفة ضريح ومسجد العالم الصوفي، الشيخ عبد السلام الأسمر بمدينة زليتن غرب ليبيا.ووسط هتافات الله أكبر أقدم متشددون على تفجير مكتبة مسجد في زليتن تحمل اسم نفس الشيخ. وفي سنة 2013 استهدف هجوم بالمتفجرات ضريح مراد آغا في تاجوراء في ضواحي طرابلس، وهو يعود إلى القرن السادس عشر ويعتبر أحد أقدم الأضرحة في العاصمة. وفي 2014 وقعت سلسلة من أعمال التخريب طالت عددا من مساجد طرابلس من بينها مسجد أحمد باشا القره مانلي الذي يعود إلى القرن الثامن عشر. ظاهرة الإعتداء على المقامات والأضرحة تعد ظاهرة جديدة برزت بعد إسقاط النظام السابق سنة 2011، ويرى مراقبون أن من قاموا بهذه الأعمال من "المتشددين" قد استندوا إلى بعض الفتاوى الدينية. ليست المقامات الصوفية وحدها ضحية الفوضى في ليبيا حيث طالت أيادي المتشددين في العاصمة نهاية 2014 تمثال الغزالة والحسناء الشهير الذي يعود الى فترة الاحتلال الايطالي، وهو عبارة عن امرأة عارية إلى جانب غزالة، كما استولى مجهولون على تمثال يجسد شخصية شيخ الشهداء، عمر المختار، وهو يمتطي صهوة جواده، وكان موضوعا أمام مقر المجلس البلدي لمنطقة الماية على الطريق الساحلي، غرب العاصمة الليبية، طرابلس. ويتعرض قطاع الأثار منذ أحداث 17 فيفري لانتهاكات واعتداءات مختلفة حيث تم جرف عدة مواقع أثرية تم تحويلها فيما بعد إلى مساكن، إضافة لسرقة ونهب عديد القطع الأثرية كان قد تم العثور على قطعة منها في ضواحي العاصمة البريطانية لندن أواخر مارس من العام الماضي. وتملك ليبيا العديد من المواقع الأثرية التي ترمز إلى مختلف الحضارات والحقب التاريخية التي مرت عليها من بينها خمسة مواقع صنفتها منظمة الأممالمتحدة للتربية و العلوم و الثقافة يونسكو ضمن قائمة التراث العالمي وهي مدينة شحات التي بناها الإغريق في شرق البلاد، ومدينة غدامس جنوب غرب العاصمة التي تعود آثار العيش فيها إلى نحو عشرة آلاف سنة قبل الميلاد إضافة إلى موقع صبراتة الأثري، الذي يجمع الحقبتين الفينيقية والرومانية، ويضم مسرحًا على ساحل البحر غرب طرابلس ومواقع تادرارت أكاكوس الصخرية الغنية بآلاف النقوش، والتي يعود أقدمها إلى 21 ألف عام قبل الميلاد في جنوب غرب ليبيا. ومع تزايد وتيرة أعمال العنف في ليبيا تزداد حدة المخاوف من أن تدفع الآثارالمتبقية في البلاد ثمن تصاعد نفوذ الجماعات المتطرِّفة، وسيطرتها على مناطق في وسط وغرب البلاد، كما حَدَثَ في العراق على أيدي تنظيم داعش. (بوابة افريقيا الإخبارية)