أسئلة شفاهية عديدة طرحها عدد من نواب الشعب أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بقصر باردو على خميس الجهيناوي وزير الخارجية، ولعل المثير للانتباه أن الحيز الزمني الذي استغرقه النواب لتوجيه أسئلتهم كان أطول بكثير من توقيت الإجابة. الأمر الذي دفع بعض زملائهم إلى المطالبة بالإيجاز وتجنب تحويل السؤال إلى خطابات سياسية. النائب عن التيار الديمقراطي نعمان العش استفسر عن الاتفاقية الغامضة التي وقعها محسن مرزوق لما كان مستشارا لرئيس الجمهورية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي اعتبرها مسا من السيادة الوطنية وقال إنه من خلال "تسريبات وثائق قرطاج التي فتح حولها تحقيق وأدت الى استقالة ثلاثة مستشارين من القصر الرئاسي تبين أن الاتفاقية تسمح لقوات أجنبية بالدخول إلى الأراضي التونسية دون طلب تراخيص مسبقة من الدولة أو التعرض إلى التفتيش واعتبرها ضربا لاستقلال الدولة ونوعا من الاستعمار والتفريط في السيادة الوطنية ولام العش مجلس نواب الشعب على صمته على هذه الخيانة الموصوفة. وأوضح وزير الخارجية في رده أن هناك خلطا بين وثيقتين اولهما مشروع وثيقة مازالت بصدد الدرس من قبل مصالح الحكومة وتتعلق بالوضع القانوني للقوات المسلحة الأجنبية في تونس ولم يقع البت فيها بعد.. وبين الوثيقة الأخرى وتتعلق بمذكرة تفاهم وليس اتفاقية.. ومذكر التفاهم هي إعلان نوايا وهي أسلوب يتم تداوله في العلاقات الدولية تجنبا لطول إجراءات المصادقة من قبل البرلمانات وهي تهدف إلى تأطير الشراكة بين تونسوالولاياتالمتحدة في عدة مجالات ومنذ توقيعها شهدت العلاقات بين البلدين تحسنا كبيرا. وطمأن الوزير أن الوثائق لا تنطوي بالمرة على أي شكل من أشكال المس من السيادة الوطنية. وسألت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو الوزير عن سبب الإقدام على الدخول في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول منطقة التبادل الحر المعمق والشامل دون تقييم التجربة السابقة والوقوف على سلبياتها وأجابها وزير الخارجية أن هذا الاتفاق من مشمولات وزير التجارة وليس وزير الخارجية وأوضح أن المفاوضات تجري حول القطاعات الهشة خاصة الفلاحة والخدمات لأن تحريرها يتطلب اتخاذ إجراءات مصاحبة من الجانب الأوروبي حتى تصل هذه القطاعات إلى مستوى ما هو موجود في أوروبا وذلك لتكون قادرة على المنافسة وبين أن الجانب الأوروبي واع بذلك. وقال ان رئاسة الحكومة مهتمة بهذه المباحثات وهي لن تفرط أبدا في مصالح تونس. تعويضات للسفارة الأمريكية استفسر النائب عن الاجتماعية الديمقراطية فيصل التبيني عن الأرض التي منحتها تونس للسفارة الأمريكية لإقامة المدرسة الأمريكية كتعويض عن الأضرار الناجمة عن هجمة المتشددين دينيا على السفارة. وأجابه خميس الجهيناوي أن قطعة الأرض مستغلة من قبل المدرسة الأمريكية بمقتضى أمر تسويغ يمتد لفترة ثلاثين سنة تنتهي سنة 2025. وبخصوص أشغال البناء الجارية على تلك الأرض بين أن الوزارة تلقت مكتوبا من النيابة الخصوصية أفادت فيه أنها وافقت على طلب بناء دهليز وطابق ارضي وأخر علوي بها. وبين الوزير ان أحداث الاعتداء على السفارة والمدرسة الأمريكيتين من قبل مجموعات متطرقة في 14 سبتمبر 2012 أثرت سلبا على سير العلاقات بين البلدين وعبرت الحكومات المتعاقبة عن قبولها مبدأ التعويض عن الخسائر التي قدرها الجانب الأمريكي بثمانية عشر مليون دولار واعتبرتها تونس مشطة ورأت اعتماد صيغة نهائية يتم بمقتضاها تمكين الجانب الأمريكي من قطعة الأرض كتعويض عن الخسائر وأوضح ان هذه الصيغة لم تدخل حيز النفاذ وهي مجرد وثيقة وبين أن المصالح القانونية لرئاسة الحكومة بصدد النظر في الجوانب القانونية لكي تدخل الوثيقة حيز النفاذ. واستفسر النائب عن نداء تونس عماد أولاد جبريل وزير الخارجية عن تصنيف حزب الله منظمة إرهابية فأجابه أن ما ورد في بيان مجلس وزراء الداخلية العرب ومجلس وزراء الخارجية لم يكن تصنيفا بالمفهوم القانوني للدولة بل وصف لأنشطة قام بها حزب الله وصفت بالإرهابية.. وأضاف :"هو توصيف وليس تصنيفا" وقال ان موقف تونس واضح وجاء في بيان وزارة الخارجية الذي أشار إلى تمسك تونس بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول على اعتبار أن حزب الله الشيعي احد الممثلين في حكومة لبنان. كما أكد على أنه حركة وطنية مقاومة كانت لها مواقف داعمة للقضية الفلسطينية ونصرتها وما قام به في لبنان لدحر التواجد الإسرائيلي محل إعجاب كل التونسيين والعرب. وأشار نفس البيان إلى أن تونس لا تريد أن تزج بنفسها في جدل بين السنة والشيعة. وهو نفس ما أكده رئيس الجمهورية في مداخلة صحفية. وأضاف وزير الخارجية أن البيانات الصادرة على مجلس الجامعة العربية ومجلس وزراء الداخلية العرب ومجلس وزراء الخارجية العرب هي بيانات جماعية ليس لها صفة القرارات التنفيذية ولا تعبر عن مواقف تونس. وذكر ان تونس لها علاقات جيدة مع السعودية وإيران ولبنان وهي حريصة على أن لا تكون طرفا في سياسة محاور بل تريد تكريس قواعد التعايش السلمي ولغة الحوار. وكان أولاد جبريل قال ان اجتماع وزراء الداخلية العرب وقع على التراب التونسي الذي عرف حادثة حمام الشط.. وبين أن تونس كانت سباقة في مساندة القضية الفلسطينية التي هي قضية الشعب بأسره وقضية الأمة لكن ان ينعقد اجتماع في تونس وتحاك فيه المؤامرات ضد حزب الله فهذا مرفوض وأضاف أن حزب الله هو حزب مقاومة ساند القضية الفلسطينية. وبين ان الديبلوماسية التونسية واضحة وهي لا تقبل التدخل في شؤون الدول الأخرى لكن من خلال ذلك التصنيف تم التدخل في الشأن اللبناني والمساس من الهوية. وبين ان تونس ساندت في الماضي فلسطين ضد الكيان الصهيوني وعبر عن استغرابه من التضارب في التصريحات بين وزيري الداخلية والخارجية حول نفس الموضوع. وقال أن حزب الله يقاوم الدواعش والإرهاب وكان من الأجدر التعاون معه لا توصيفه بالمنظمة الإرهابية.