قانون الإشهار لم يحين منذ 1971 وحان الوقت لمراجعتهبعد عرض ومضة إشهارية لإحدى المصحات التونسية عن خدماتها في جراحة التجميل على قناة «التاسعة» ، أولى أيام رمضان المعظم ، متجاوزة القانون المتعلق بالإشهار في تونس، قامت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري «الهايكا» بإيقاف بث هذه الومضة الاشهارية وذلك بعد تلقيها شكاية من قبل التفقدية الطبية بوزارة الصحة العمومية وثانية من قبل المجلس الوطني لعمادة الأطباء. ومضة جراحة التجميل والتي تعد الأولى من نوعها بثت على قناة تونسية وفي شهر رمضان، كانت قد أثارت الكثير من الاستياء خاصة وأن تصويرها البصري ورسائلها الضمنية تعاملت مع مهنة الطب كتجارة يمكن الاستفادة منها وبتقسيط. ومن هذا المنطلق، استندت «الهايكا» في قرار إيقاف الومضة إلى عدد من الفصول من مجلة واجبات الطب منها الفصل 16 من الأمر53 المؤرخ في 17 ماي 1993 ، الذي يقضي بأنه يجب ألايمارس الطب كتجارة ويحجر على الأطباء استعمال وسائل الدعاية والإشهار المباشر وغير المباشر كما أن الفصل 22 من القانون المتعلق بممارسة مهنة الأطباء وأطباء الأسنان الذي يلزم الأطباء باحترام القواعد المنصوص عليها بمجلة نظام الواجبات، إلى جانب الفصل 36 من القانون المتعلق بطرق البيع و الإشهار التجاري والذي يمنع كل عملية إشهار للمنتوجات التي يمنع الاتجار فيها. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الجمعية التونسية لجراحة التجميل قد سارعت بعد بث الومضة إلى التنديد بمضامينها الخارقة لأخلاقيات المهنة الطبية وطالبت وزارة الصحة «الهايكا»بالتدخل لإيقاف الومضة الاشهارية. على صعيد متصل، نقلت «الصباح الأسبوعي» رأي الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي وهو خبير في مجال التشريعات الإعلامية وقد أكد في تصريحه أن المهن التي لها تنظيم في شكل عمادة على غرار المحامين والصيادلة والأطباء لا تسمح بالإشهار الفردي لأحد أعضائها وأن كل ماهو مسموح به بالنسبة إلى الأطباء هو الإعلان عن فتح عيادة أو تغيير عنوان مقر العمل و ما عدا ذلك يمنع كل إشهار وإعلان تجاري لطبيب أو محامي وغيرهم من المهن المهيكلة والحريصة على أن يكون التنافس بين أعضائها شفافا. وعن قضية ومضة الجراحة التجميلية قال الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي: "الومضة تبدو لعملية تجميل ولكنها في الأساس هي عملية جراحية دقيقة تخضع لقواعد عمليات الجراحة والتي لا يمكن أن يقوم بها إلا طبيب جراح وكان المفروض أن القناة التلفزية تدرك أن هناك نشرات إعلانية ممنوعة من الإشهار على غرار الدواء"، مشددا على أن القانون التونسي الخاص بالإشهار الذي هو مستوحى بالأساس من القانون الفرنسي وبعض الدول الأوربية وهو غير مستأنس بالوضع في الولاياتالمتحدة أو بريطانيا - أكثر تحررا في هذا المجال- يمنع الكثير من المواد من الاعلان منها السجائر ،التبغ ،الكحول بشتى أنواعه، المهن الطبيبة والمحاماة وهذه أشياء معروفة وبالتالي هناك خرق للقانون. وأضاف محدثنا أنه يجب علينا اليوم أن نفكر في قانون أساسي أو إطاري للإشهار موضحا أنه ليس لنا قانون إشهار وهذا ما تسبب في التجاوزات وآخر قانون يعود لسنة 1971 وكأنه يعود إلى القرون الوسطى بعد التطور الكبير في هذا المجال . ففي السبعينات كان الإشهار كلاسيكيا في بعض الصحف ولم يكن معتمدا في الإذاعة التلفزة وبالتالي من الضروري تحيين هذا القانون. وأكمل الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي قائلا :»هناك أشخاص لا يعرفون المضامين القانونية لهذا المجال خاصة وأن التراتيب المتعلقة بالإشهار موجودة في نصوص مختلفة كالنص المنظم لمهنة الأطباء أو المحامين والمطلوب جمع هذه القوانين وما تمنعه في نص (مجلة الإشهار أو الإعلانات التجارية) وسيكون ذلك أسهل على جميع الأطراف المرتبطة بالعملية الإشهارية. نجلاء قمّوع