رحلت اليوم الطفلة يمنى عن هذه الدنيا وهي التي لم تتجاوز ال12ربيعا.. غادرتها بعد صراع طويل مع مرض التليف الكبدي الذي سكن جسدها العليل 20 يوما بعد ولادتها.. غادرتها وهي لا تزال تنتظر زرع كبد، ذاك حال طول الاجراءات الادارية وقلة ذات اليد وانعدام الجاه والنفوذ دون ان تتم العملية في حين ظلت حالتها الصحية تتدهور يوما بعد يوم ومضاعفات المرض التي زادتها عناء حتى انها طالبت من والديها أن يحملانها إلى المنزل لتموت هنالك. يمنى قاومت مرضها ل12 سنة.. قاومته وكلها أمل بأن يأتي اليوم الذي يتمّ فيه زراعة كبد لها سيكون مانحه والدها ذلك الرجل الذي يشتغل عاملا يوميا ولم يمد يده لأحد لا لشيء إلا لأن يحفظ كرامة وجهه.. كلّ يوم يشتغله ينتظر أن يلوح منه أمل قادم بشفاء ابنته.. لم تكبله المسافة التي تفصل بين قفصة وتونس رغم طولها وما تتطلبه من أموال عن التنقل كلما دعت الحاجة ليجد داخل الادارات صدا منيعا يحول دونه وشفاء ابنته وقد انهكه التنقل بين الادارة المركزية للصندوق الوطني للتأمين على المرض ومقر وزارة الصحة بتونس العاصمة ملتمسا تمكين ابنته من عملية زرع كبد الا ان الوقت أو بالاحرى السنوات مرت ولكن دون جدوى. "الصباح نيوز" وان تبنت وضعية يمنى في الفترة الأخيرة واتصلت بكل الأطراف المعنية وخاصة منها نواب ومجتمع مدني من جهة قفصة وصفاقس كان البعض سباقا في مدّ يد المساعدة وكان البعض مبادرا في اللحظة الأولى ليندثر في ما بعد، وكذلك الادارة العامة ل"الكنام" ومدير عام الصحة وأخيرا وزيرة الصحة الجديدة سميرة المرعي التي علمت بالموضوع نهاية الأسبوع الماضي وتحركت منذ صباح أمس للاستفسار حول الموضوع وأسباب تعطل عملية الزرع، إلا أن القدر أبى غير ذلك مع تدهور حالة يمنى السبت الماضي وإقامتها بقسم الانعاش بمستشفى الهادي شاكر بصفاقس. هذا وباتصالنا بمصدر مسؤول أكّد ل"الصباح نيوز" أن حالة يمنى كانت صعبة والمرض في مراحل متقدمة وكان هناك خطر كبير على والدها الذي كان سيتبرع لها بجزء من كبده.. الأمر الذي كان يقف أمام تمكين يمنى من زرع كبد، مؤكّدا أن الوزارة عملت ما بوسعها لمتابعة ملف يمنى. والدا يمنى كانا قد استنكرا في وقت سابق رفض الطبيبة المباشرة ليمنى مدهما بتقرير طبي لوضعية يمنى حتى يتمكنا من مده لجمعية من فرنسا رغبت في مداواة يمنى. ويبقى السؤال المطروح اليوم هل يكون مصير الأطفال خاصة المرضى والذين تتطلب وضعياتهم عمليات زرع هو نفسه مصير يمنىالتي حرمت من عيش طفولتها كغيرها من الأطفال؟.