بشرى لطلبة الهندسة الاتصالية: شهادة دكتوراه تونسية – يابانية لأول مرة...هذه التفاصيل    شنيا صاير: فيضانات وانقطاع كهرباء واسع في فرنسا؟ ...وهذا هو السبب    عاجل: الترجي يعلن موعد بيع تذاكر مباراة رابطة الأبطال الإفريقية...هذه الأسعار    عاجل: ضربة موجعة لبرشلونة قبل الكلاسيكو...هذا اللّاعب خارج التدريبات!    عاجل: الديوانة التونسية تحبط محاولة تهريب قطعة أثرية نادرة بمطار النفيضة الحمامات    حادث في طريق المدرسة: إصابة تلاميذ في حادث حافلة بسوسة    عاجل: القضاء يبرّئ شيرين عبد الوهاب نهائيًا من هذه القضية    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    المعلمون والأساتذة النواب ينتفضون ويحتجون أمام مقر رئاسة الحكومة..    خدمة دين الدولة لسنة 2026: انخفاض ب5,8 بالمائة وفق بيانات وزارة المالية    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مباريات الجولة الحادية عشرة    سليانة: تدعيم المستشفى الجهوي بعدد من التجهيزات    وزارة المالية: تراجع ملحوظ في حجم الدين الخارجي لتونس واستقرار نسبي في نسبة المديونية    العثور على جثة متحللة داخل منزل منذ عام بالقيروان    عاجل/ آخر مستجدات الوضع الصحي لعون شركة نقل تونس الذي أصيب في حادث اصطدام عربتي المترو 5 و3..    مناظرة هامة للانتداب بهذه الوزارة..#خبر_عاجل    عاجل/ الموت يفجع حركة النهضة..    التونسيتان بيسان وبيلسان كوكة تتوجان ببطولة مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    أول رد من حماس على قرار محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني..#خبر_عاجل    وزير الصحة يدشن وحدة تصفية الدم بعين دراهم    صفاقس: العثور على جثّة امرأة وطفل في حالة حرجة داخل منزل    النادي الصفاقسي يواجه اليوم أولمبي الزاوية الليبي    إستعدادا لقادم الإستحقاقات القارية: تعيينات المباريات الودية للمنتخب الوطني    يهم الأندية التونسية: الكاف يكشف عن موعد سحب قرعة دور مجموعات المسابقات الإفريقية    تونس تصنف ضمن افضل 25 وجهة سياحية في العالم ينصح باكتشافها سنة 2026    نابل تحتضن يوم 25 أكتوبر اليوم الوطني البارلمبي: "مناسبة متجددة لنشر ثقافة ممارسة الرياضة لدى ذوي الاعاقة وفرصة لاستكشاف المواهب"    بمناسبة العطلة المدرسية: رحلات ترفيهية على ذمة التونسيين    عاجل/ العثور على جثة متحللة داخل كوخ..تفاصيل ومعطيات جديدة..    عاجل:النظر في مقترح لتنظيم التسويق عبر الانترنت والفيسبوك والأنستغرام!    ضغط الدم المرتفع؟ إليك الأعشاب الطبيعية التي قد تساعد على خفضه بأمان    الحماية المدنية: 645 تدخلا منها 439 للإسعاف في غير حوادث المرور خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل: طقس متقلب وأمطار منتظرة اليوم...المعهد الوطني للرصد الجوي يُصدر تنبيهاً    عاجل/ أحداث قابس: هذا ما قرره القضاء في حق الموقوفين…    الدورة الخامسة للمعرض الوطني للصناعات التقليدية بولاية بنزرت من 24 أكتوبر الى 02 نوفمبر 2025    المسرح الوطني التونسي وبيت الحكمة ينظمان بتوزر ندوة فكرية حول "أسئلة الهوية والغيرية وتمثلات الذاتية في المسرح التونسي"    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    الصحة العالمية: إجلاء طبي ل 41 مريضا بحالة حرجة من غزة    فيديو لترامب يفقد أعصابه.. ويهاجم صحفيا    تهديد بالقتل لساركوزي داخل سجنه في باريس.. وفتح تحقيق عاجل    نابل : التوصّل إلى حل نهائي لإشكالية فوترة القوارص وتسهيل نشاط صغار التجار ( فيديو )    رابطة أبطال أوروبا: ريال مدريد يواصل التألق وليفربول وبايرن ميونيخ وتشيلسي يحققون انتصارات عريضة    عاجل/ جديد جريمة مقتل أب وأبنائه: شهادة مزلزلة وصادمة…    بذور اليقطين أم الشيا.. أيهما أغنى بالألياف والمغنيسيوم والبروتين؟..    وزارة الصحة: إطلاق مشروع التكفّل بحالات التوقف القلبي خارج المستشفى    المنستير ولمطة في عدسة التلفزيون الإيطالي: ترويج جديد للسياحة التونسية    ترامب: ألغيت لقائي مع بوتين في بودابست    العلم يفكك لغز تأثير القمر على النوم والسلوك    أَحْلَامٌ مَعْتُوهَة    بهدوء .. كائن رماديّ    مهرجان «المّيلة» في دورته الثانية .. تثمين للموروث الغذائي، وتعزيز للسّياحة المُستدامة    في حفل لأول مرّة بحمام سوسة .. .غازي العيادي أبدع وأقنع    حقل البرمة: نحو حفر 10 ابار جديدة لإنتاج النفط والغاز    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    عروض سينمائية وموسيقية فرجوية متنوعة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    عاجل: دعوة لدعم زيت الزيتون للتونسيين    الأشقاء يبقون أشقاءً: هكذا علّق قيس سعيد على الجدل بين تونس والمغرب حول التمور    قيس سعيد: بلاغ استثناء المغرب من تصدير التمور غير مسؤول يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنزرت/ على خلفية رواية «سوق» المعينات جومين «منجم» للمتاجرين بعرق الفتيات
نشر في الصباح نيوز يوم 05 - 03 - 2017


منذ عقود يسود الصمت على جريمة إنسانية ضحاياها في الغالب فتيات فقيرات في عمر الزهور استضعفن ويتم استغلالهن اقتصاديا من مشغلين ولا تشملهن الاتفاقية الدولية عدد 189 التي أمضتها بلادنا وصاغت على إثرها عددا من القوانين آخرها القانون عدد61 بتاريخ 3اوت 2016 والمتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته والذي بقي تقريبا حبرا على ورق... مما دفع بوزيرة المرأة إلى الإعلان يوم الخميس الماضي أن هنالك سوقا أسبوعية تنتصب كل يوم جمعة تباع فيها القاصرات ب100د أو اقل ثم ينقلن خاضعات كخادمات بمنازل عن طريق سماسرة.. الوزيرة لم تقصد طبعا بازينة جومين لان سوقها الأسبوعي يوم الأحد لكن هذه الظاهرة ترسخت في تلك المنطقة الريفية المهمشة لعقود مما حتم دراستها سنة 2014 في تحقيق ميداني شامل نفذ في إطار شراكة بين وزارة الشؤون الاجتماعية، البرنامج العالمي لمقاومة تشغيل الأطفال ومكتب العمل الدولي وبتاطير من لجنة قيادة وطنية وقد تجاوزت الدراسة مرحلة التوثيق مثلما حدث في سابقاتها إلى تحديد أسباب الظاهرة . لماذا جومين؟ الإجابة لا تبدو صعبة، فحسب تقرير وزارة التنمية الجهوية والتخطيط الصادر في سبتمبر 2012 تحتل جومين المرتبة 235 من 264 في مؤشر التنمية الوطني حسب المعتمديات؛ فثلث سكانها من المعوزين و80 % منهم لم يتجاوزوا المرحلة الثانوية من التعليم ونسبة البطالة في أريافها تفوق 21 % كما تغيب عن 80% من مساحتها المترامية الطرقات المعبدة ولا تشملها خدمات ديوان التطهير فيما تزود 10 % من المنازل بالماء الصالح للشرب ويتطلب حصول مواطنيها على بعض الخدمات الإدارية قطع قرابة 80كم.. في كلمة هي ظروف حياتية قاسية جدا تتقاسمها أولاد غانم وبازينة والشنانة التي لا يتجاوز دخل 78 % من أسرها 300 دينار شهريا وتنحدر منها اغلب المراهقات الأميات المستغلات في العمل المنزلي كامل الوقت على طول السنة فيما تعتبره بعض التلميذات عملا موسميا يغادرنه مع انطلاق السنة الدراسية بعد جمع ما تيسر من أموال وهدايا. طرق الانتداب «لمعمل الحلو» حسب نفس المصدر فان 62 % من القاصرات انتدبن عبر سماسرة محترفين ومطلعين على تفاصيل الحالة المادية للعائلات المستهدفة مما يجعلهن صيدا سهلا ففي مرحلة أولى يتم التحري في سرية ثم ربط الصلة بين العائلة المشغلة وأسرة الفتاة مقابل عمولة تكون إما دفعة واحدة بعد انتهاء العملية أو في شكل نسبة مائوية شهرية يقتطعها السمسار من أجرة الفتاة التي تتراوح بين 200و300 دينار في 56 % من الحالات مقابل 8-10 ساعات عمل يوميا وقد تتطور العلاقة بين العائلتين إن أظهرت الفتاة تفانيا في عملها فتضاف إلى الأجر مساعدات نقدية وعينية وأحيانا ينتدب الأب كحارس أو مكلف بالحديقة.. وإضافة إلى السماسرة القارين فان 33 % من عروض الشغل تتم عبر أفراد العائلة الموسعة للفتاة وفي 1 % منها يتصل الأب مباشرة بالعائلة المستقبلة فيما يتدخل الاجوار بنسبة 4 % من العمليات. وترتبط العلاقة الشغلية دائما بكلمة سر هي «معمل الحلو» أو «الحلويات» وكانت الصفقات سابقا تتم علنا في السوق الأسبوعية مثلما أكدت الوزيرة لكن بعد ظهور الهاتف الجوال أصبحت العملية سرية جدا وتتم غالبا في منزل القاصر بحضور أطراف العملية أو في منزل العائلة المستقبلة بعد أن يحصل الرضا. العائلات المستقبلة في اغلب الحالات(79 %) تكون العائلات المستقبلة من وسط راق تسكن الضواحي الشمالية أو الجنوبية للعاصمة أو إحدى مدن الشريط الساحلي وبعضها لسياسيين يدافعون صباحا مساء عن حقوق الإنسان والأطفال أو لرجال أعمال نافذين وتتكون العائلة غالبا من زوجين عاملين طوال الوقت بالقطاعين الخاص أو العام مع ابنين على الأقصى في الكفالة تقوم الفتاة المنتدبة لهما بدور الطاهي والمربي والمرافق إلى المدرسة أو الروضة كما توجد بعض الحالات(7 %) يتم فيها تكليف المستأجرة بالعناية بمسنين غادرهم أبناؤهم طلبا للرزق في تونس أو خارجها أما الأوفر حظا فيعملن لدى عائلات أجنبية 2% -أو لدى عاملين تونسيين بالخارج- 4 % وتختص به قاصرات مميزات من حيث المظهر والمستوى التعليمي أحيانا، يعملن لفترة قصيرة قد لا تتجاوز العطل المدرسية ثم يعدن لاستكمال دراستهن كما تشتغل بعض الفتيات (8 %) بمنازل إطارات أصيلي الجهة استقروا بعد تحسن أوضاعهم الاجتماعية بمدن قريبة مع الإشارة إلى أن هذا النوع من الانتداب يتم في نطاق اسري ضيق.. وفي الغالب تتواصل العلاقات الشغلية بطريقة عادية حتى بعد زواج المعينة لكن بعضها خلف أضرارا نفسية وجسدية لم يمحها الزمن. اعتداءات جسدية وآثار نفسية التحليل النفسي لسلوك بعض المستجوبات من المراهقات العاملات بصفة دائمة كمعينات اثبت معاناتهن من الشعور بالنقص مقارنة بأقرانهن المنتميات إلى فئات أكثر حظا كما افتقدت الفتيات إلى الثقة بالنفس لارتهان إرادتهن إلى مثلث العائلة الأصلية –العائلة المستقبلة والوسيط. ولم يخل حديثهن عن عمليات هرسلة نفسية وشقاء جسدي تفرضه خدمة عدد من الأشخاص متنوعي الطلبات على امتداد مدة طويلة تصل أحيانا إلى 12 ساعة مع المبيت في حجرة الأطفال أو في غرفة خاصة في أفضل الأحوال. ولا تتمتع المعينة بأية تغطية اجتماعية أو خدمات صحية إلا في حال المرض الشديد الذي يحول دونها وأداء واجباتها التعاقدية وحينها يتم توفير العلاج إن كان المستخدم «ولد حلال» و إلا فالطرد والعودة إلى موطن الشقاء الأصلي. هل من حلول؟ في 17 ماي 2008 صرح المدير العام لمنظمة العمل الدولية الشيلي خوان سومافيا أن «تشغيل الأطفال مشكلة منتشرة في أنحاء العالم لكنها لا تدعو إلى اليأس ومن الواضح أنه عندما يُقرّر الأفراد الالتزام، وعندما تُعبئ المجتمعات قواها، وتقرر أن تشغيل الأطفال لم يعد مقبولاً، يمكن عندئذ تحقيق تقدم كبير نحو هدف ضمان عدم حرمان الأطفال من طفولتهم ومن المستقبل الأفضل لهم. إلاّ أن هذه المهمة تبقى شاقة». وبالطبع لن يكون الحل ندوات تحسيسية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال (يوم 12 جوان).. بل إن القضاء على الظاهرة هو عمل متواصل يتطلب مجهودا مضاعفا من كل المتدخلين انطلاقا من الدولة المطالبة بإنفاذ قوانين الشغل في المنازل وتشجيع القاصرات على مواصلة دراستهن عبر مساعدات مدرسية معتبرة لأوليائهم المعوزين تكون مرتبطة بالسن والتدرج العلمي . وفي هذا الإطار قد يشي ما يحدث في المعتمدية الفقيرة بقرب الوصول إلى حل جذري للمشكل الأخلاقي الذي يمثل أيضا تحديا إنمائيا. فمقارنة بسنة 2014 تمكنت المدرسة الإعدادية جومين من استيعاب العشرات من الفتيات المراهقات اللاتي آثرن مواصلة رحلة التعلم بدفع من أولياء معوزين لكنهم نجحوا في صد ما بقي من السماسرة مما سحب عددا كبيرا من المعروض في سوق «النخاسة» الحديث كما ساهم تحسين الطريق الرابطة بين بازينة وماطر في التحاق عدد كبير من الفتيات بين 17-19 سنة بالمناطق الصناعية في المدينة المجاورة للعمل والعودة يوميا إلى منازلهن بعد أن حظين بشغل كريم وتغطية صحية واجتماعية مناسبة.. لكن التحسن النسبي للوضع وتغير العقلية خاصة في بازينة لا يعني اختفاء المشكل في بقية العمادات التي لم تنل بعد حظها من التنمية وبقي مستقبل فتياتها رهن إشارة من سمسار يعمل بحرية في أرياف لم تستغل ثرواتها لإنشاء مصانع تحويل منتجات فلاحية تستوعب الآلاف من العاطلين من الأولياء مما يجنبهم طلب المساعدة من الهياكل العمومية والمؤسسات الحكومية أو انتظار حوالة بريدية من ابنة يحترق شبابها يوميا في خدمة نبلاء القوم من الرعية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.