قال الناشط السياسي عادل بن رحمون مؤسس حركة "صوت الفقراء" التي تنتظر صدور تأشيرتها القانونية - ان الساحة النقابيّة كما السياسيّة تشهد هذه الفترة صراعا كبيرا بين نقابات التعليم بشقيه الابتدائي والثانوي من جهة وسلطة الاشراف بما معناه وزارة التربية وراسها الوزير الناجي جلّول ، إذ إنتقلت اصداء هذا الصراع من البلاتوهات حتى باتت تشغل الرأي العام،والمؤسف ان يتطوّر الصراع ليصل مرحلة اسقاط الذاتي على الموضوعي لتصبح النقابات تطالب برأس الوزير والوزير يصرّ على نهج الهروب الى الأمام على حد تعبيره. واضاف بن رحمون "تصريحات جلول المستفزّة ظلّت كما هي وهذا في تقديرنا أذكى نار الصراع فالسيّد ناجي جلّول يتعامل مع منظوريه من معلّمين واساتذة بشكل إستعلائي مهين مما زاد في وتيرة الاحتقان لا يخفى على أحد متابع للشأن السياسي بأن جلول يقوم بخطوات صلب وزارته تدفع نحو خصخصة المدرسة العموميّة وهذا الامر تراه النقابات غير مقبول ومرفوض ..ففي عهد ناجي جلّول تمّ منح ما يزيد عن 282 رخصة مدرسة ومعهد خاص وهذا يضرب مجانيّة التعليم في مقتل ويمثّل عملية "سطو"ان صحّ التعبير على مكسب مهم جدّا من مكاسب الشعب التونسي...الكل يشدّ أنفاسه بعد تعليق اشغال الهيئة الادارية للتعليم الثانوي..في إنتظار ما ستؤول إليه الامور في علاقة بالنقابة العامّة للتعليم الإبتدائي. ويبدو ان الامور وصلت لنقطة اللاعودة.....فهذه المعركة لا تحتمل نتيجة التعادل لابدّ من منهزم... والارجح ان الوزير ناجي جلّول يجب عليه أن يغادر وإن إدّعى بأنه على حق..لأن التصادم مع نقابات التعليم وبالتالي مع الشريك الاجتماعي الاتحاد العام التونسي للشغل لن يؤدّي إلا لمزيد تأزيم للوضع..ونحن كحركة صوت الفقراء...لا نرغب في جعل تلامذة البلد وخاصّة منهم الفقراء مكسرة عصى رغم إنحيازنا المبدئي للموقف النقابي الذي نرى فيه موقف الحركة....لا تفريط في المدرسة العموميّة ولا سبيل لإهانة المربين...فهذا السلوك الترذيلي والشوارعي لا يجب أن يمرّ تحت اي مسمّى كان.." وحول مشكلة البطالة التي استفحلت بشكل غير مسبوق وباتت معظلة عويصة يتحتم معالجتها قال بن رحمون " شغل حرية كرامة وطنيّة لقد كان هذا الشعار الشعار المركزي لأتتفاضة 17 ديسمبر المجيدة التي أطاحب بالدكتاتور بن علي غداة 14 جانفي 2011...وبالنظر الى القاعدة الشبابيّة العريضة للشعب التونسي ندرك بأن أهم مطلب خرجت من أجله المجاميع وقامت في وجه بن علي هو التشغيل...سيّما وان البطالة إستفحلت في البلد وطالت بشكل كبير حاملي الشهادات العليا الذين ينحدر جلّهم من عائلات فقيرة معدمة إستثمرت كل ما تملك في سبيل تعليم أبناءها...وللاسف مضت الامور في غير الاتجاه الصحيح فمعدّلات البطالة إرتفعت في صفوف المتعلمين وغير المتعلمين لتزيد الازمة حدّة في ظل إنعدام حلول سببها إنعدام الاستقرار السياسي الناتج عن تذبذب في مواقف السلطات الثلاث وحالة الجبن التي يعرفها المسؤولين حينما يطرح ملف الفساد...فأي عاقل في العالم يعلم بأن البطالة والدها هو الفساد...هو المتسبّب الرئيسي في إستفحالها....وعوض أن تواجه الدولة تلك الافّة "بحزم" فإنها تراخت وباتت تبحث عن حلول ترقيعيّة غير مبالية بحالة الاحتقان والشعور بالحيف والحرمان في الاوساط الشبابيّة وهذا خطر جليل يبدو ان السلطات لا تقيم له وزنا بإعتبار أنها باتت تجنح لمنطق العقاب بدل الاصغاء للناس...فالكثير من الجهات المحرومة باتت في حالة إحتجاج شبه دائم والسلطات تردّ بالمحاكمات القاسية....البركان الاجتماعي الذي سينفجر سيكون له تأثير هيروشيمي بكل تأكيد ولا يمكن حينها إستعمال الهراوة...فهذا سيجعل الشباب المخذول ينتفض إنتفاضة عارمة لا يمكن تلافيها اذا تواصل هذا الخبط في أداء السلطات"... واوضح ان الحل للخروج من هذه الازمة في تقدير حركة صوت الفقراء يتمثل في فتح ملفّات الفساد ومعاقبة من إستولى على أموال الشعب الكثيرة بلا وجه حقّ والدفع بها في مسار تنموي مما قد يفتح آفاقا جديدة. متابعا "لا يفوتنا ان ننبّه الى التقصير الكبير من تلك الاحزاب التي باتت تمارس سياسة النعامة أمام كل تهديد يعرفه الوطن فيكتفي زعمائها بتصريحات مهادنة أو موغلة في التسطيح والتعويم ونحن نرى بأن هذا هو جزء من المشكل...غياب معارضة وطنيّة قوية سهلالامور على الفاسدين في أن يستمروا في نهبهم للبلد بوتيرة أعلى مماكانت عليه في عهد زين العابدين بن علي الرئيس المخلوع..." وفي تعليقه على التحوير الوزاري اكد بن رحمون انه في الوقت الذي تعرف فيه العلاقة بين إتحاد الشغل والحكومة تصدّعا كبير قد يتسبّب في تصعيد خطير من كلا الجانبين نتيجة تدهور العلاقة بين وزارة التربية في شخص وزيرها ناجي جلّول ونقابتي التعليم الابتدائي والثانوي تقدم الحكومة على إقالة عبيد البريكي المحسوب على الاتحاد العام التونسي للشغل مما تسبّب في زيادة منسوب التشنّج فالشقّ النقابي ومناصريه من الاحزاب كانوا ينتظرون إقالة ناجي جلّول يحصل العكس حسب قوله. واعتبر محدثنا ان المهمّ في ما حصل هو الندوة الصحفيّة التي عقدها الوزير المقال عبيد البريكي التي أفصح فيها عن الاسباب الحقيقيّة التي أدّت لاقالته من منصبه على رأس تلك الوزارة الحسّاسة بعد ان أفصح عن جملة من الحقائق الخطيرة والمتمثّلة اساسا في مواجهته للحكومة بعدّة ملفّات فساد عالقة باشخاص يبدو انهم يتلقون دعما ولهم حماية من اطراف نافذة وفاعلة في الدولة. مستطردا "مرّة أخرى يظهر غول الفساد في الصورة...لا أحد يقوى على مجابهته...وهنا لابدّ من الاشادة بموقف الوزير المقال "عبيد البريكي" لانه وبصراحة نحن ننتظر من يضع إصبعه على الجرح لا على حواشيه....فسبب الازمات التي تعرفها تونس يقف وراءها شبح وغول الفساد الذي تخدمه ماكينات ولوبيات مافياويّة بالجملة....باتت تسيطر على مخانق الاقتصاد التونسي والانكى ان البعض من رموز الفاسدين والفاعلين في ميدانه باتت لهم شبه كلمة الفصل في تحديد المشهد السياسي التونسي....ففي تقديرنا نحن حركة صوت الفقراء نرى ان مجابهة الفساد تفترض معارضة وطنيّة واسعة وقويّة تلتقي على ذلك المحور النضالي وتمضي لمواجهته وهدم هيئة أركانه بلا أدنى تردّد....أما بهذا الضعف فلن تمضي الامور الى الامام مطلقا....ستظلّ المعركة غير خارجة عن مربّع الصراع التقليدي بين الحكومة وشريكها الاجتماعي وقد تنتهي الازمة كما كلّ مرّة بتوافق يكون على مذبح قربانه بعض الاسماء عملا بالمثل الشعبي المصري "وكأنك يا بوزيد لا غزيت"....من المعلوم أيضا أن عمليّة "الكوتشينغ" الوزاري عادة ما تحدث حينما تدرك الحكومة أنها باتت في دائرة عدم الرضا الشعبي كما الطبقة السياسية الفاعلة في البلد....الحال في تونس هو أنكى بكثير فهذه الحكومة لم تعرف الاستقرار إطلاقا...ولم تحلّ مشاكل الناس المتراكمة...وعمليّة إقالة وزير الوظيفة العموميّة لن تحلّ المشكل بقدر إذكاء نيرانه....من المنتظر ان تتشعّب الامور أكثر في ظل تعنّت الحكومة ورئيسها الذي يبدو انه يريد ان يحكم لوحده ساعيا الى تقليم أظافر منظّمة الشغيلة التي يرى أنه يجب ان ترجع الى مربّعها البيروقراطي كما ما قبل 14 جانفي..وهذا الذي لن يقبل به الاتحاد العام التونسي للشغل...ففي تقديرنا نرى بأن المشاكل العالقة بين الاتحاد والسلطة يجب ان يفضّ على قاعدة التفاهم لما فيه خير الوطن فتونس اليوم في حالة وهن وضعف شديدين على جلّ المستويات تقريبا وهذا ما يزيد في مطامع الاعداء وخاصّة تلك القوى الكولينياليّة التوسّعية التي باتت تبعث بسفرائها من أجل التدخل في مسائل سياديّة...هذا ما لا نريد له أن يتفاقم يجب على جميع الاطراف ان تتحلى بروح الوطنيّة من اجل تجنيب البلد هزّة قد تؤدي الى ما لا يحسن عقباه ...كما لا يفوتنا ان نذكّر كل لفيف تلك الاحزاب الوطنيّة بضرورة تحمّل مسؤوليتها الأخلاقيّة والوطنيّة إزاء البلد...فهذا وقت تجميع للقوى وليس تشتيت لها عبر البحث عن زعامات فارغة ولّى زمنها وأنتهى وأفل نجمها...فعلا فهذا الوقت هو الامثل لتكريس مقولة شهيد الوطن "شكري بلعيد"...""لازم ناقفو لتونس""