قال عثمان بطيخ مفتي الجمهورية لل"الصباح نيوز" في تعليق على ما يحدث هذه الايام من تحركات للتيار السلفي أنه لمعرفة مفهوم السلفية يجب الرجوع للقران الكريم وكذلك لسنة النبي صلى الله عليه وسلّم، حيث يقول الله تعالى في محكم آياته: "وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" الفرقان 63. وأضاف أنّ هذه أوصاف المؤمنين الكمّل الذين مدحهم الله واختارهم ليكونوا قدوة لغيرهم بعد رسول الله (صلعم) الذي قال فيه ربّ العزّة : "وإنّك لعلى خلق عظيم" سورة القلم آية4. وأكّد بطيخ أنّ عباد الرحمان هم الذين عبدوه بصدق وإخلاص ومحبة وطاعة وامتثال ونسبهم إليه ووصف نفسه بصفة الرحمان لما فيه من الرحمة واللين والعطف والرأفة والمحبة وأرادهم بذلك أن يتصفوا بصفاته وأن يتخلّقوا بهدايته وهي جملة من القيم والمثل والمبادئ والفضائل وهي كمالات ثابتة لا تتغير بتغير العصور والأماكن نادى بها كل الأنبياء والمرسلين وقبلتها العقول السليمة. وفي هذا السياق، قال أنّ الإنسان الكامل العاقل الرشيد هو الذي يتحلّى بطبعه -قبل أن تغيّره الأيام- بالعدل والإنصاف والرحمة وبمحبة الآخرين بأن يحب لغيره ما يحبّ لنفسه، والمتواضع الذي يمشي على الأرض هونا وهو الذي لا يصخب ولا يطغى ولا يؤذي غيره ويتعفّف عن المكاره والمسالم الذي إذا خاطبه الجاهل الأحمق يعرض عنه ويتصرف معه بالحكمة وبالكلمة الطيبة ولا يعامله بالمثل. ومن جهة أخرى، أكّد عثمان بطيخ أنّ السلف الصالح هم هؤلاء المؤمنين وهم أصحاب رسول الله (صلعم) وتلاميذهم التابعون لهم بإحسان هم خلفهم وهؤلاء سلف لمن جاؤوا بعدهم. وقال أنّ كلّ جيل هو سلف للجيل الذي يأتي من بعده ، فهناك نوع واحد من السلف الصالح المتخلق بمكارم الأخلاق بهذه القيم التي وردت على لسان الشرع وهم الذين عناهم الله بقوله : "وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". الفرقان 63، وعلى غير ما ظهر من التقسيمات الحديثة للسلفية في عصرنا. وأكّد مفتي الجمهورية أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من مبادئ الإسلام وقواعده، المقصود منها المحافظة على تماسك المجتمع الإسلامي وصيانته من التفكّك والعداء والتقاتل ويتوقّف ذلك على معرفة ما هو منكر وما هو معروف، وهذا دور العلماء المختصين وليس من شأن كلّ من هبّ ودبّ أن يتولّى الوعظ والإرشاد من تلقاء نفسه بل يخضع ذلك إلى شروط معينة، مضيفا أنّه إضافة إلى ما تقدّم يجب أن يكون عالما ببيداغوجية وأساليب الأمر والنهي عن المنكر مستدلّا في ذلك بالآية الكريمة لقوله تعالى : "ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" النحل 125، وأضاف قائلا : "هو أيضا العلم بشريعة الله والموعظة الحسنة وهي الكلمة الطيبة وبكلّ لطف ومودّة ودون التشهير أو التكفير ودون اعتراض على القضايا الأخلاقية ودون فرض ما يعتقده كلّ واحد منّا بالقوّة على أنّه هو المالك الوحيد للحقيقة، في حين أنّ السلف الصالح من أمّة محمد (صلعم) جيلا بعد جيل تختلف أنظارهم في كتاب الله وسنة نبيه بحسب ما أوتوا من فهم واجتهاد دعاهم دينهم إليه وعرضه عليهم وضاعف الثواب لمن أصاب الحق وأثاب من أخطأ". هذا وبيّن أنّ كلّ جيل من السلف الصالح قد عاش عصره وساهم في تقدم الحضارة والعلم والمعرفة ودعا إلى الإسلام والتعاون لأنّ الإنسان مدني بطبعه محتاج إلى غيره بقطع النظر عن الدين والمعتقد واللون والجنس، باعتبار أنّ الكلّ خلقهم ليبلوهم أيهم أحسن عملا ومكّنهم من أن يعيشوا أحرارا في سلام ووئام وتعايش سلمي وحسابهم على ربّهم. وفي نفس الإطار، شدّد بطيخ على ضرورة التسامح والتواضع اللذان اعتبرهما صمام الأمان من الخطإ، وأنّ واجب كلّ فرد في المجتمع أن يراجع نفسه باستمرار ويعرض سلوكه على القرآن وحياة الرسول (صلعم) وسيرته وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم، قائلا : "إذا وجد نفسه كذلك فهو المؤمن القوي فيما يحمله ويعتقده من مثل وقيم، وهو حينئذ من السلف الصالح وإذا وجد اختلالا فيما هو متصف به فواجبه أن يعدّل من سلوكه باعتبار أنّ الإيمان، بهذه الرسالة الكونية الخالدة، يزيد وينقص بحسب درجة الإيمان والإخلاص والعمل الصالح".