تسببت الحملة التي يقودها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد ضد رموز الفساد في البلاد بردود فعل متباينة، كان آخرها تبادل الاتهامات بالفساد بين أطراف داخل الائتلاف الحاكم، وخاصة بعد التحقيق مع أحد الوزراء ب«شبهة فساد» وهو ما دعا رئيس حزبه إلى التلميح بإمكانية انسحاب حزبه من الحكومة مطالباً الشاهد بتنظيف «بيته الداخلي»، وهو ما أيّده عدد من النشطاء. وكانت مصادر إعلامية أشارت إلى أن المحكمة الابتدائية في العاصمة قررت التحقيق مع وزير البيئة رياض المؤخر (القيادي في حزب آفاق تونس) ومستشاره منير الفرشيشي بتهمة «استغلال موظف عمومي صفته والتصرف بدون وجه حق في أموال عمومية والمشاركة في ذلك». ويأتي التحقيق مع المؤخر إثر اتهامه قبل أشهر من قبل النائبة سامية عبو بتعيين مستشار خاص له تحوم حوله شبهة فساد وصادر ضده حكم قضائي، فضلاً عن تعيينه وفق عقد مخالف للصيغ القانونية المعمول بها في البلاد. وفي السياق ذاته ، دعا ياسين إبراهيم رئيس حزب «آفاق تونس» رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى محاسبة «المتورطين» حوله وتنظيف «بيته الداخلي» في إطار الحملة التي يقودها لمحاربة رموز الفساد في البلاد، مشيرًا إلى أن الشركة التي يمتلكها مهدي بن غربية الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، قامت ب»الاحتيال على شركة الخطوط التونسية وهناك قضية منشورة لدى القضاء حول هذا الأمر إضافة إلى قضايا أخرى تعلقت به". وتساءل في تصريح إذاعي "كيف لرئيس حكومة أن يقوم بحرب ضد الفساد وله وزير من هذا النوع (..) مهدي بن غربية فضيحة في الحكومة ولو كنت رئيس حكومة لعزلته من أول يوم اطلعت فيه على ملفه لأنّ بقاءه في الحكومة هو ضرب لمصداقية جهاز الدولة". واستغرب عدم فتح تحقيق حول علاقة أعضاء في حزب «نداء تونس» برجل الأعمال الموقوف بتهم تتعلق ب»الفساد والخيانة والاعتداء على أمن الدولة»، ملمحاً إلى إمكانية مغادرة حزبه لحكومة الشاهد. فيما اتهم مهدي بن غربية ياسين إبراهيم ب«الكذب والافتراء» وطالبه بتقديم دليل على اتهاماته، واعتبر أن إبراهيم قام بالتهجم على الدولة والحكومة ويحاول التشويش على عملها والتشكيك بمصداقية التي يقودها رئيس الحكومة ضد الفاسدين. وتعود جذور الخلاف بين ياسين إبراهيم ومهدي بن غربية إلى عام 2015، حيث كشف بن غربية (كان نائباً في البرلمان) عن «وثيقة» تؤكد أن ياسين ابراهيم (وزير التنمية والاستثمار أنذاك) يعتزم الاتفاق مع بنك «لازار» الفرنسي – الأمريكي لاعداد مشروع للتنمية في تونس، هو ما اثار جدلاً كبيراً في البلاد. وتفاعل عدد من النشطاء مع تصريحات كل من ياسين إبراهيم ومهدي بن غربية، حيث كتب الناشط مصطفى عبد الكبير متوجهاً لرئيس الحكومة يوسف الشاهد «سيدي رئيس الحكومة: من يحمي المهربين وهم بعض من وزرائك. نظف حكومتك أولاً»، وانتقد آخر اتهام بن غربية لإبراهيم بالتهجم على الحكومة، مشيراً إلى أن بن غربية كان اول من تهجم على الحكومة بعد اتهامه لإبراهيم بالفساد حين كان وزيراً للتنمية، معتبراً أن التراشق بين الرجلين يدخل في إطار «تصفية حسابات شخصية»، فيما اعتبر أحد النشطاء أنه كان على إبراهيم وبن غربية منذ البداي التوجه إلى القضاء وعدم الإدلاء بتصريحات إعلامية تسيء لصورة الحكومة وحربها المستمرة ضد الفساد.