*النهضة لن تقبل بمبادرة للمساواة في الميراث تمسّ بمقاصد الشرع *هذا موقفنا من إحالة وزراء على القضاء والشاهد مطالب بالتحرّي كان للجنة الحقوق والحريات صلب مجلس نواب الشعب دور هام في المصادقة منذ أسابيع قليلة على قانون القضاء على العنف ضدّ المرأة، قانون اعتبره رئيس اللجنة والناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري أنّه "محطّة ثانية لمجلّة الأحوال الشخصية" وأن التوافق الواسع حوله تأتّى من عمل اللجنة وانفتاحها المجتمعي واشتغال أعضائها في تجرّد كامل من اللافتات الحزبية. رئيس اللجنة قال في هذا الحوار ل"الصباح" أنه بعد الثورة هناك عدّة "شوانط" متعلّقة بمجال الحقوق والحريات وأن اللجنة تعمل وفق الأولوية والقوانين والتشريعات التي تستفيد منها شرائح واسعة نافيا أن تكون هناك مبادرة تشريعية تتعلّق بحقوق المثليين أو بضرورة إلغاء الفحوص الشرجية، وأنه كرئيس لجنة الحرّيات يرى أن الدولة هي فضاء لاحترام الحقوق والحريات وأن الدولة الديمقراطية مطلوب منها أن لا تتدخّل في الحياة الخاصّة للناس. في هذا الحوار تطرّق رئيس لجنة الحريات في البرلمان والناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إلى الموقف الرسمي لحركة النهضة من مسألة المساواة في الميراث ومن لجنة المساواة والحريات التي تم تشكيلها وكذلك موقف الحركة من مسألة إحالة بعض الوزراء على القضاء وموقفها من التحوير الوزاري المرتقب وكذلك حظوظ الحركة في الانتخابات البلدية القادمة. *بدت إلى حدّ اللحظة المواقف داخل حركة النهضة من الفكرة التي طرحها رئيس الجمهورية والمتعلّقة بمسألة المساواة في الميراث متباينة، فهل من موقف رسمي للحركة؟ -ما أستطيع قوله أن رئيس الجمهورية طرح فكرة ولم يتقدّم بمبادرة نستطيع أن نشتغل عليها، ففكرة المساواة في الميراث هي مسألة ذات طابع اجتماعي تتسم بالكثير من التعقيد وتتداخل فيها جملة من العوامل، كالعامل الديني والاجتماعي والاقتصادي والقانوني والدستوري والثقافي والسلوكي، ورئيس الجمهورية نفسه عندما طرح هذه الفكرة للنقاش قال إن الأمر غير مستعجل لإدراكه حساسية الموضوع وأن الأمر يحتاج أيضا إلى عقل قانوني فيه من النبوغ ما يجعله يوازن بين فكرة المساواة من جهة وبين ما لا يصدم مشاعر التونسيين ولا يتعارض مع مقاصد الشرع من جهة ثانية. وبالنسبة للجنة الحريات الفردية والمساواة التي تم تشكيلها، فأنا لدّي إشكال بخصوص تركيبتها ونحن ندعو أن تكون هذه اللجنة ولخصوصياتها أكثر تنوّعا. *قلت لديك إشكال فيما يتعلّق بتركيبة اللجنة لو توضّح أكثر؟ -نرى أنه من الضروري أن يكون في هذه اللجنة تنوّع على مستوى أعضائها. *من ترى أنه يفترض أن يكون في تركيبة اللجنة؟ -أرى انه يجب أن يكون داخل هذه اللجنة مختصون في علم الاجتماع وكذلك ممثلون للمؤسسات الدينية في تونس على اعتبار إن المؤسسة الدينية هي الجهة التي اعترضت على المساواة اليوم، ولكي نحدث التوازن المطلوب داخل اللجنة.. *لكن ألا تعتقد أن المؤسسة الدينية حسمت موقفها من خلال بلاغ دار الإفتاء المنحازة لفكرة رئيس الجمهورية؟ -في الحقيقة بلاغ دار الإفتاء لم يكن يتناول مسألة مبادرة المساواة في الإرث التي لم تكن مطروحة أمامه، البلاغ كان يتناول خطاب رئيس الجمهورية الذي لم يقتصر على فكرة المساواة في الميراث، بل تحدّث أيضا على تطوّر وضع المرأة في تونس والدور الذي قامت الدولة الوطنية عليه انتصارا لحقوق النساء وبلاغ دار الإفتاء كان في اتجاه دعم رئيس الجمهورية في كل المواقف التي عبّر عنها في علاقة بفكرة الانتصار للمرأة. * ما هو موقف حركة النهضة من مسألة المساواة في الميراث؟ -الموقف الرسمي للحركة هو انتظار أن تكون هناك مبادرة تشريعية واضحة المعالم والأركان والفصول حتى ندقق في مدى استجابة هذه المبادرة لأحكام الدستور وكذلك حتى ندقق أن هذه المبادرة ليس فيها مساس بالدين الإسلامي ومقاصده. *يعني شرط القبول بالمبادرة أن لا تمسّ بمقاصد الشريعة؟ -طبعا الموقف الرسمي للنهضة أن لا تمسّ المبادرة بمقاصد الشرع وأن لا تصدم الشعور الديني للتونسيين، وكذلك فان لحركة النهضة موقفا من لجنة المساواة والحريات حيث تراها لا تعبّر على تمثيلية المجتمع التونسي وغابت عنها المؤسسة الدينية.. وكذلك أرى أنه يجب أن تكون العائلات الفكرية الكبرى ممثلة في هذه اللجنة. *بالنسبة للشأن الحكومي فمنذ أشهر ونحن نعيش على وقع ظاهرة إحالة وزراء على القضاء من أجل شبهات فساد في حكومة تطرح نفسها محاربة للفساد.. كيف تعلّق على هذا الأمر؟ -يبقى المتهم بريئا إلى أن تثبت إدانته فليس كل إحالة قضائية هو إثبات لتهمة ما، في المقابل فإن القضاء له مطلق الصلاحية في أن يمارس دوره في إثارة الدعوة العمومية، وعليه فإن وجود قضايا ضدّ وزراء لا يعني بالضرورة وجود وزراء مورّطين فعلا فيما اتهموا فيه، وتبقى إحالة وزراء على القضاء –وهذا لم يكن ليحدث قبل الثورة- علامة من علامات الانتقال الديمقراطي. المطلوب من رئيس حكومة الوحدة الوطنية البحث والتحرّي في هذه الحالات وفي المرشحين لمناصب وزارية لتحسين وتجويد أداء الوزراء والحكومة، واليوم هذه الحكومة مدعوة لتسديد المناصب الوزارية الشاغرة، ويجب أن تتلافى هذا التشويش يعني التتبّع والملاحقة القضائية حتى تكون الحكومة معفية من هذا العبء بعد التحوير الوزاري القادم رغم أننا لا نتهم أحدا لم يدنه القضاء. *تحدثّتم على التحوير الوزاري لماذا تأخّر وهل صحيح أن مطالبة أحزاب الائتلاف وخاصّة حركة النهضة بحصص وزارية أكبر هو ما أخّر التحوير الوزاري رغم أهمية الشغورات؟ -نحن في حركة النهضة والى حدّ الآن لم نشرع في حوار رسمي مع رئيس الحكومة حول سدّ الشغورات أو التحوير القادم (الحوار أي صباح يوم الاثنين الماضي) وبالعكس نحن في حركة النهضة ندعو رئيس الحكومة إلى التعجيل بالحوارات الرسمية لسدّ الشغور. *هل تصوركم للتحوير أن يقتصر على سد الشغورات؟ -التحوير الوزاري ضرورته متأتية أساسا من سدّ الشغور الوزاري الحالي، ولكن لرئيس الحكومة الصلاحية الدستورية مع أحزاب الائتلاف الحاكم والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج أن يطلق تحويرا وزاريا في علاقة بتقييم أداء الحكومة بعد سنة من انطلاقها في نشاطها.. ونحن نريد الاستماع إلى وجهة رئيس الحكومة في هذا الشأن قبل الإدلاء بموقفنا. *هل تسعى حركة النهضة فعلا وكما يروّج في الكواليس إلى الظفر بحقيبة المالية؟ -نحن نتحمّل مسؤوليتنا في حكومة الوحدة الوطنية وجاهزون لتحمّل الأعباء المستوجبة في حكومة الوحدة الوطنية.. الآن وزارة المالية ليس مطلبا بالنسبة للحركة ولكن إذا رأينا أننا كحركة مطلوب منّا تسديد الشغور فهذا يُطرح في التحوير الوزاري، وفي الحقيقة ليس هناك اليوم مواقف داخل الحركة تُطالب بهذه الوزارة أو تلك. *تقييمكم كحركة لحملة مكافحة الفساد التي يقودها رئيس الحكومة وما تعليقكم على الأحزاب التي تضغط حتى لا يتم فتح ملف "الفساد السياسي" في إطار هذه الحملة؟ -هذه الحملة هي حملة رئيس حكومة الوحدة الوطنية على الفساد وهي حملة مكونات الائتلاف الحاكم وما كان يمكن للسيد يوسف الشاهد القيام بهذه الحملة لولا دعم الأطراف السياسية المشكّلة للحكومة التي التزمت في وثيقة قرطاج بمكافحة الإرهاب والفساد، ونحن نعتبر أن الحرب على الفساد ستكون طويلة وتتطلّب استراتيجيات للانتصار على لوبيات الفساد المتحكمة في الدولة وفي الاقتصاد والتي تملك نفوذا، تحتاج لقوانين وتشريعات حتى نواجه همجية الفساد بالقانون وبقضاء قوي ومستقلّّ. وحركة النهضة ليس لديها أدنى مشكل بل حريصة على أن تبلغ هذه الحملة الملفات التي قد يعتقد البعض أن الأحزاب السياسية غير متشجّعة في وصول حرب الحكومة ضدّ الفساد إليها. *لماذا خيار الانفتاح على المستقلين داخل الحركة خلال الانتخابات البلدية القادمة؟ -أوّلا نحن لدينا حرص وطني للوصول إلى محطّة الانتخابات البلدية،لأننا نرى في ذلك تعزيز للنظام السياسي الديمقراطي داخل الحركة، واخترنا نهج الانفتاح على المستقلين لأننا نعتقد أن السيطرة الحزبية وعلى أهمية وجود أحزاب سياسية قوية قد قلّصت من تأثير وفعالية الكفاءات الوطنية، ونرى أن فرصة الانتخابات البلدية مناسبة لتفعيل هذا النهج ونسعى أن تكون قائماتنا في الانتخابات البلدية 50 بالمائة حزبية و50 بالمائة من المستقلين بل قائمات يترأسها مستقلون،إذ ندرك وعن قناعة أن الحالة الحزبية اليوم لا تغطّي كل الاحتياجات السياسية للمواطنين في إدارة الشأن العام. *كيف ترى حركة النهضة حظوظها في هذه الانتخابات؟ -حركة النهضة ستدخل الانتخابات البلدية برهان الفوز في هذه الانتخابات، وحظوظنا كحزب قوية ولكن نحتاج لمزيد من الجهد والعمل. أجرت الحوار: منية العرفاوي الصباح بتاريخ 23 اوت 2017