مثّل حديث رئيس الدولة الباجي قائد السبسي عن حركة النهضة خلال حوار أجراه أمس بمثابة المنعرج الجديد في علاقة أجنحة الحكم ببعضها البعض. فقد كان الرئيس، وعلى عكس خطابه بمناسبة عيد المرأة يوم 13 أوت المنقضي، واضحا إلى حد ما لمّا اعترف في الحوار الصادر أمس انه يبدو انه اخطأ التقييم عندما سعى لجلب حركة النهضة إلى خانة المدنية.. نقد ذاتي من أعلى هرم السلطة وإشارات واضحة للشريك الأساسي لحزب الرئيس في الحكم الذي سبق ووضع مع حزب نداء تونس خلال شهر رمضان مذكرة تفاهم حول العمل المشترك.. نقد ذاتي وإشارات توحي بأن شهر العسل آذن على النهاية. ولم يأت تصريح رئيس الدولة منعزلا إذ في نفس اليوم كتب محسن مرزوق الأمين العام لحزب مشروع تونس والقيادي السياسي المصنّف الأكثر ارتيادا لقصر قرطاج في تدوينة له على صفحته الرسمية على الفايس بوك قائلا إن ما حصل لنا في تونس خلال السنوات الماضية وإلى حد الآن وربما لمدة أخرى من الوقت شبيه بما حصل لتونس في الشوط الأول من مقابلتها مع الكونغو داعيا للتهيؤ للشوط الثاني، خاتما بالقول ونفوز إن شاء الله في مقابلتنا الوطنية الأكبر مع قدرنا. تصريح وتدوينة سبقهما تصريح لرئيس كتلة حركة النهضة في مجلس نواب الشعب نور الدين البحيري بأن هناك أجندة خارجية ومؤامرة تحاك لتحويل تونس إلى ليبيا واليمن وإلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 بعد أن كان عدد من الأحزاب طلب تأجيل الانتخابات البلدية ومن ضمنها حزب مشروع تونس. استشعار بالخطر وتصريح وتدوينة تلاها تحوير وزاري لم يلب رغبة حركة النهضة التي طالبت بسدّ الشغور فقط وعدم المساس ببعض وزراء السيادة فكان الرد تحويرا عميقا وتعيين وزير للداخلية غير مرغوب فيه وتغيير حقيبتي وزيريها الحزبيين في إشارة واضحة لعدم نجاحهما في إدارة الحقيبتين بما يوحي أن الأمور لا تسير كما ترغب فيه قيادات الحزب في قرطاج كما في القصبة. وخلاصة القول إن تونس مقبلة على مواجهة جديدة في ظل المتغيرات الإقليمية قد تحيد بها عن أولوياتها الكبرى ألا وهي إعادة عجلة الاقتصاد إلى الدوران وبلوغها السرعة القصوى في اقرب وقت.. وأن العاقل هو من يتعظ من دروس الماضي وينصهر في النموذج التونسي الحضاري والاقتصادي المتفرّد تجنبا للأسوإ. حافظ الغريبي جريدة الصباح بتاريخ 7 سبتمبر 2017