- حذف لجنة المصالحة بين الجماعات المحلية - التنصيص على وضع آلية للتنسيق والتعاون بين البلديات والجهات والمصالح الخارجية للإدارة المركزية - مخاوف من فتح الباب للتفويض المطلق لرؤساء البلديات في ممارسة السلطة الترتيبية صادقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح خلال جلستها المنعقدة طيلة يوم أمس بمجلس نواب الشعب في ظل غياب أكثر من نصف عدد أعضائها على الفصول من 21 إلى 25 من مشروع القانون الأساسي المتعلق بإصدار مجلة الجماعات المحلية. ورغم اعتراض النائب عن نداء تونس جلال غديرة على منهجية العمل التي توختها اللجنة، واصل النواب خلال جلستهم الثالثة المخصصة للتصويت على فصول مشروع المجلة فصلا فصلا استعراض مقترحات التعديل التي قدمها المجتمع المدني بالتوازي مع النص الأصلي للمشروع وتمسكوا برغبتهم في الاستئناس بها وقرأت عليهم منية ابراهيم مقررة اللجنة المقترحات التي قدمتها المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية ومرصد شاهد وجمعية عتيد ومنظمة سوليدار تونس وجمعية كلنا تونس وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية وغيرها. ففي ما يتعلق بالفصل 21 تباينت آراء نواب النهضة ونواب النداء حول مضمونه وتحديدا حول إحداث لجنة للمصالحة بين الجماعات المحلية المتنازعة، إذ اعترض النائبان عن النداء الناصر جبيرة رئيس اللجنة وأسماء أبو الهناء المقررة المساعدة للجنة عن وجود هذه الآلية وقال جبيرة انه من الأفضل الذهاب مباشرة للمحكمة الإدارية وبين أن القضاء هو الوحيد المؤهل للبت في النزاعات في حين اعتبرت النائبتان عن النهضة شهيدة بن فرج وبسمة الجبالي أن آلية الصلح مستحبة بل ضرورية لأنها تسمح بتجاوز الخلافات بين الجماعات المحلية وتحول دون مضيعة الوقت في طور التقاضي. وبعد قراءة الفصل 142 من الدستور الذي نص حرفيا على أن «يبت القضاء الإداري في جميع النزاعات المتعلقة بتنازع الاختصاص التي تنشأ فيما بين الجماعات المحلية، وبين السلطة المركزية والجماعات المحلية» بدا للحاضرين أن موقف نواب النداء هو الأسلم، ولما هم رئيس اللجنة بالإعلان عن انطلاق التصويت على الفصل معدلا في اتجاه الاستغناء عن الطور الصلحي وجعل كل أنواع النزاع بين الجماعات المحلية من اختصاص المحكمة الإدارية العليا، تدخل نائب رئيس اللجنة الجيلاني الهمامي وبعثرت كلامه التوافقات اذ تمسك الهمامي بآلية الصلح وأكد أنه في كل النزاعات الإدارية يعد اللجوء للصلح شرطا أساسيا وفي صورة عدم اللجوء إليه فإن المحكمة الإدارية ترفض القضية المعروضة على أنظارها شكلا وفسر نية المشروع من إيجاد هذه الآلية في الرغبة في تقليص الضغط المسلط على المحكمة الإدارية.. وفتح كلام الهمامي شهية نواب النهضة من جديد وحفزهم على الدفاع عن موقفهم الأول وتشبثوا به هذه المرة بقوة، مما اضطر رئيس اللجنة إلى عرض مقترحين على التصويت ونظرا لغياب النائبين عن النهضة عبد اللطيف المكي واحمد العماري عن عملية التصويت، ولموافقة النائبتان خولة بن عائشة عن الحرة لحركة المشروع وليليا يونس عن آفاق تونس على فرضية المرور مباشرة للمحكمة فقد كانت الغلبة في النهاية لفائدة الرأي الذي دافع عنه نواب النداء، وعند الإعلان عن نتيجة التصويت علقت النائبة عن النهضة بسمة الجبالي لتوضح أنه لا توجد خصومة بينهم وقالت إنه كان من الأجدى قبل المرور للتصويت التفكير في مصلحة الجماعات المحلية لأنه بإلغاء آلية الصلح سيتم إغراق المحكمة الإدارية بالنزاعات. ويذكر أن النائب عن النداء جلال غديرة الذي غادر قبل التصويت دافع مثل نواب النهضة على آلية المصالحة وذكر إن لجنة المصالحة فعلا وكما بينت بعض منظمات المجتمع المدني لا يمكن ان تحل محل القضاء لكن وجودها لا ينفي إمكانية اللجوء للتقاضي وأضاف أن آلية الصلح موجودة في العديد من البلدان وفسر أن أهم النزاعات بين الجماعات المحلية عادة ما تتعلق بالحدود وهذا الإشكال كثيرا ما يتسبب في تعطيل عملية رفع الفضلات في المنطقة موضوع النزاع وسيكون من الأجدى بحث مساعي صلحية لحلها وتلافي اللجوء إلى القضاء. وللإشارة فإن مرصد شاهد اعتبر الإجراءات التي وضعها الفصل 21 لحل نزاعات الاختصاص بين الجماعات المحلية والسلطة المركزية معقدة وقد تساهم في مزيد تعطيل المرافق العامة واقترح المرصد استبدال ما جاء به بوجوبية اللجوء للمحكمة الإدارية مباشرة في صورة وجود اي نزاع مع تحديد الآجال والإجراءات بدقة اما جمعية عتيد فدعت نواب اللجنة إلى التخلي عن إحداث لجنة للمصالحة بين الجماعات المحلية واعتبرت ذلك اعتداء على الاختصاص الدستوري للقضاء في الفصل في النزاعات. التنسيق والتعاون عند نقاشهم الفصل 22 من مشروع القانون ويتعلق بالتعاون والتنسيق لم يخف العديد من النواب عدم ثقتهم في ضمانهما بسهولة، وقالوا انه من الصعب إجبار رئيس الجهة ورؤساء المجالس البلدية والوالي باعتباره ممثلا للسلطة المركزية بالجهة على وضع آلية للتنسيق والتعاون بين البلديات والجهات والمصالح الخارجية للإدارة المركزية والمنشآت التابعة لها، وبينوا أن كل الفرضيات ممكنة فيمكن للوالي على سبيل الذكر أن يتصل برئيس جهة ويدعوه إلى القدوم إلى مكتبه بهدف التنسيق من اجل بحث حل لمشكل قائم، والإمكان أن يجيبه رئيس الجهة بالرفض لشعوره بأن مركزه أكبر فهو رئيس الجهة وهو منتخب ولا يغيب عن الأذهان إن الطرفين سيكونان متنافسان في الجهة ولتلافي الدخول في هذه المتاهات اقترح النواب الذين قدموا هذه الفرضيات التنصيص وجوبا في القانون على طبيعة آلية التنسيق لمزيد أحكامها وتلافي الثغرات التي يمكن ان تؤدي الى استحالة التنسيق والتعاون في حين قدم رئيس اللجنة الناصر جبيرة رأيا مغايرا وذكر ان التعاون يمكن ان يتم بمجرد مكالمة هاتفية او حتى خلال لقاء عابر في أحد الممرات ولا يتطلب بالضرورة تركيز لجنة. واقترحت النائبة عن النهضة بسمة الجبالي التنصيص على ما معناه :إذا كانت الصلاحية متعلقة بالوالي فهو الذي عليه ان يسعى إلى التنسيق وإذا كانت متعلقة برئيس الجهة فهو الذي يسعى إلى التنسيق وإذا كانت المصلحة تهم رئيس البلدية فهو الذي يسعى إلى التنسيق. وعند التصويت عليه لم يحظ مقترح تعديل الفصل بالقبول وتم تمرير الفصل في صيغته الأصلية وكانت الممثلة عن وزارة الشؤون المحلية بصفتها جهة المبادرة التشريعية دعت النواب الى ترك الحرية لتلك الأطراف الممثلة عن اللامحورية والممثلة عن اللامركزية وعدم إجبارها على توخي صيغة وحيدة للتنسيق والتواصل فيما بينها. ولم يستغرق نقاش الفصل 23 وقتا طويلا إذ اقتصر النواب على الاطلاع على فحوى المقترح الذي قدمته جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية ولكنهم لم يأخذوه بعين الاعتبار وصادقوا على الفصل في صيغته الأصلية، وكانت الجمعية اقترحت أن تمارس الجماعات المحلية اختصاصاتها مع مراعاة مقتضيات الدفاع الوطني والأمن العام. وبعد عملية التصويت اتفق النواب على إعادة ترتيب الفصول 20 و21 و22 و23 بكيفية تجعل الفصول التي تطرقت للصلاحيات متلاحقة والتي تطرقت لفض النزاعات متلاحقة. السلطة الترتيبية للجماعات المحلية في جلستهم المسائية انطلق نواب اللجنة في التصويت على الفصول الواردة في القسم المتعلق بالسلطة الترتيبية للجماعات المحلية. ويذكر أن المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية اقترحت التنصيص على ان تتمتع الجماعة المحلية بسلطة ترتيبية تمارسها في حدود مجالها الترابي واختصاصاتها مع مراعاة التشريع الوطني اما جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية فاقترحت التخلي عن استشارة المحكمة الإدارية الابتدائية باعتبار أن هناك اتجاها لعدم منح الاختصاص الاستشاري للمحاكم الإدارية الابتدائية بينما لاحظ مرصد شاهد غموضا في مفهوم السلطة الترتيبية للجماعات المحلية وحدودها وعلاقتها بالسلطة الترتيبية العامة للسلط المركزية اما جمعية عتيد فتفضل الرقابة اللاحقة للقضاء الإداري على القرارات الترتيبية على الاستشارة المسبقة. ولدى حديثهم عن استشارة المحكمة الإدارية المختصة إداريا حول مضامين الأحكام الترتيبية التي تصدرها الجماعات المحلية، بين عدد من النواب أنه من الضروري ضبط طبيعة الاستشارة وجوبية او اختيارية كما يجب ضبط آجال محددة للمحكمة لكي تبدي رأيها الاستشاري حتى لا يتكرر نفس ما حدث مؤخرا مع مجلس نواب الشعب.. ويجدر التذكير في هذا الصدد أن مجلس النواب وجد نفسه مؤخرا في مأزق عندما عرض مشروع قانون المصالحة على الجلسة العامة قبل قدوم رد المجلس الأعلى للقضاء المتضمن رأيه الوجوبي في المشروع.. وتوافقوا في النهاية على جعل الاستشارة وجوبية وعلى ضبط آجال الرد على طلب الاستشارة بشهر. وبخصوص تفويض مجلس الجماعة المحلية لجزء من اختصاصاته الترتيبية لرئيسه اقترحت النائبة منية إبراهيم ان يقع التنصيص على التفويض وقتيا وإذا لم يكمل المهمة يمكن تجديد التفويض وفسرت إن المجالس البلدية ستكون فيها أغلبية وأقلية ويمكن للأغلبية مثلا أن تقرر تفويض ملف الترقيات والانتدابات لرئيس البلدية وبذلك يمكنه أن ينتدب من يريد ويطرد من يريد ويضع في الفريقو من يريد واعترضت على التفويض لرئيس البلدية في ممارسة السلطة الترتيبية في المطلق وساندتها النائبة عن النداء ابتسام الجبابي في هذا التصور واقترحت ان يتم استعمال عبارة إمكانية التفويض بصفة استثنائية ونفس الرأي ابدته النائبة ليليا يونس عن افاق تونس اننا عندما ننتخب أعضاء المجالس البلدية فليس لكي يفوضوا سلطاتهم لرئيس البلدية فهذا يتضارب مع روح التشاركية التي تقوم عليها فلسفة باب السلطة المحلية.. وبين النائب عن الجبهة الجيلاني الهمامي ان المجلس البلدي هو صاحب الاختصاص لكن بصفة استثنائية يمكنه ان يفوض للرئيس والاستثناء يجب ان يؤطر من خلال تحديده بوقت وابراز طبيعة المهمة حتى لا يصبح الاستثناء قاعدة وشددت النائبة عن الحرة لحركة المشروع خولة بن عائشة على وجوبية التنصيص على ان يتم التفويض بأغلبية الثلثين. وبين ممثل وزارة الشؤون المحلية ان فقه الفضاء نظم التفويض ولا طائل من تفصيل الامر في المشروع وذكر انه بالإمكان التراجع عن التفويض وحتى في صورة التنصيص على مدة التفويض يمكن العدول عنها إذا تبين انه قام بتجاوز. وأمام تباين وجهات النظر وتشبث كل طرف برأيه تم اللجوء الى التصويت على مقترحات التعديل وحظيت بالموافقة من قبل جل الحاضرين باستثناء رئيس اللجنة الناصر جبيرة الذي تمسك بالصيغة الأصلية وقبل رفعه الجلسة اعلم النواب انه سيقع إبلاغهم بموعد الاجتماع القادم عبر إرساليات قصيرة وكان أحد النواب دعاه إلى تأجيل اجتماعات اللجنة إلى شهر أكتوبر نظرا لتأجيل الانتخابات.