*الأحزاب تخفي الحقائق عن الشعب خوفا من الانتخابات *نحن لسنا "كومبارس" في وثيقة قرطاج وليس هناك ملفات "محرّم" النقاش فيها *ندعو لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية *أقول لنواب الشعب: "رفقا بالمؤسسات الخاصّة.. رفقا بالمستثمر التونسي" *لسنا تحت الوصاية ولا احد بإمكانه إجبارنا على الاستثمار *لسنا في حرب مع اتحاد الشغل والخلاف بيننا يطرح على طاولة الحوار وليس في الاعلام *نحن مع محاسبة كل متهرّب من الجباية *نريد أن نسمع موقف الحكومة من شيطنة القطاع الخاصّ *اليوم نواجه أزمة أخلاقية انتقدت وداد بوشماوي عدم وجود رؤية وتصوّر مشترك بين مختلف الأطراف الاجتماعية والحكومة لصياغة استراتيجية كفيلة بإخراج البلاد من وضعها الاقتصادي المحرج وكفيلة بتحفيز الاستثمار وجعل تونس من البلدان الجاذبة لرؤوس الأموال ولنوايا الاستثمار، كما انتقدت تعاطي الحكومة مع عديد القطاعات في قانون المالية الجديد خاصّة على مستوى التعاطي الجبائي حيث ترى رئيسة اتحاد التجارة والصناعة أن الحلّ لا يكمن في الترفيع في الضرائب بل في توسيع قاعدة الجباية وفي البحث عن حلول جذرية لمعضلات اقتصادية. كما انتقدت الفلسفة التي تقف خلف الزيادة في الأجور اذ قالت من خلال هذا الحوار المطوّل مع "الصباح" أن تونس هي "البلد الوحيد الذي يقرّ زيادات في الأجور لمن يشتغل ولمن لا يشتغل على حدّ السواء، فالزيادة لا بدّ أن تكون مرتبطة بالإنتاجية..". ومن خلال هذا الحوار علقّت رئيسة اتحاد الاعراف على عديد الملفات الهامة ومنها قانون المالية الجديد وموقف الحكومة وكذلك موقف الأحزاب من الوضع العام، كما تحدّثت عن موقف اتحاد الأعراف من ضرورة اعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وعن العلاقة التي بدت متوتّرة مع اتحاد الشغل في الآونة الأخيرة، كما تطرّقت بوشماوي من خلال هذا الحوار الى عدة ملفات وقضايا راهنة تشغل بال الرأي العام. *كيف تقيمين مشروع قانون المالية المُحال على مجلس نواب الشعب؟ -نحن الى اليوم فقط (أجري الحوار بالأمس) حتّى تسلّمنا مشروع قانون المالية المصادق عليه من مجلس الوزراء والمحال على مجلس نواب الشعب ونحن سندرس الأمر ونقدّم ملاحظاتنا على كل بنود مشروع القانون. لكن نحن منذ البداية قلنا أن هناك اختلالا في الموازنات المالية للدولة، والغاية من قانون المالية هو اعادة التوازن لهذه الموازنة والبحث عن موارد لخزينة الدولة وتقديم تصوّرات للإصلاحات المزمع تمريرها، وملاحظاتنا الأولى حول هذه الاخلالات ان هناك دائما بحث على المداخيل دون نظر في أسباب ارتفاع هذه المصاريف، لماذا ارتفعت المصاريف؟.. هل ارتفعت بدواعي الاستثمار أو التنمية أو مقاومة الفساد، أو مقاومة التهرّب الجبائي والتهريب.. نريد أن نعرف لماذا ارتفعت؟ لأن الدولة عندما تبحث عن موارد فهذه الموارد يجب أن نتحلّى بحسن التصرّف وبالحوكمة في صرفها.. وقد أكّدنا أن الحل الوحيد لإيجاد حلول للبطالة ولإيقاف تدهور الاقتصاد يكمن في التنمية والاستثمار لتحقيق النمو، فالنمو لا يمكن الاّ أن يتحقّق الاّ بالاستثمار والتصدير. *هل وجدتم مقترحاتكم صدى في قانون المالية الجديد؟ -لا.. لم نجد صدى فنحن طلبنا أن يتم اعفاء المؤسسات المصدّرة كليا أو جزئيا من الجباية حتى ولو لمدّة محدّدة لمزيد تحفيزها وتشجيعها ولكن ذلك لم يتم.. كما قلنا أن الضغط الجبائي على المؤسسات المنظّمة سيضعف إنتاجيتها وتنافسيتها لكن لا أحد يستمع. *وماذا تقترحون بالنسبة لهذه المسألة؟ -نقترح اعادة الهيكلة وذلك لا يعني التفويت.. نحن نريد فتح الملف وليس مواصلة إغلاقه وبعد ذلك من حق كل طرف طرح وجهة نظره ومناقشة ذلك وسنتخذ في النهاية ما سيفيد المؤسسة العمومية. *هل تعتقدين من موقعك ان قانون المالية وبصيغته الحالية يعكس توجّها جدّيا لإعادة التوازن المالي والاقتصادي للدولة؟ -نحن طلبنا ان يتم سنويا وقبل انجاز مشروع قانون المالية الجديد تقييم القانون السابق وتقييم جدواه وتأثيره على الاقتصاد، بمعنى ما هي الاجراءات التي اتخذت وجدوى أو مردودية هذه الاجراءات، ولكن في الوضع الراهن نحن لا نقوم بأي تقييم، اليوم لدينا موارد ولدينا مصاريف ويجب أن نبحث عن التوازن بينها ليس بالترفيع في الضرائب التي تفيد آخر التقارير الدولية أن تكون في مقدّمة الدول الأكثر توظيفا للضرائب في العالم ولكن بحلول جذرية. إذن ما لدينا اليوم هو ليس بقانون مالية أو قانون للتحفيز على الاستثمار بل هو قانون للمالية العمومية. *القطاع الخاصّ هل قام بدوره في معاضدة المجهود الوطني للنهوض بالاقتصاد وبالاستثمار؟ -نحن من دفع الضريبة.. الزيادة التي تم اقرارها على المؤسسات في حدود 7.5 بالمائة أين ذهبت؟.. هل ذهبت للاستثمار مثلا؟.. نحن مع معاضدة المجهود الوطني ومع الاستثمار ولكن لا أحد بإمكانه ان يجبرنا على الاستثمار وقبل ا مطالبتنا بالاستثمار هل تمت تهيئة الظروف المناسبة لهذا الاستثمار وليس من حق احد كذلك ان ينعتنا بعدم الوطنية.. يجب أن يكون هناك مناخ سياسي واجتماعي واستثماري مستقر ،لأن الاستثمار يطلب رؤية واضحة على المدى المتوسّط وعلى المدى الطويل. *استثناء رجال الأعمال من قانون المصالحة وتعديله ليكون فقط قانون مصالحة ادارية كيف تعلقين عليه؟ -بالنسبة لقانون المصالحة نحن موقفنا واضحة بأن كل انسان أجرم في حق البلاد هناك قانون وقضاء يحاسبه ولا أحد فوق المحاسبة لكن في هذا القانون حصلت الكثير من التجاذبات السياسية وحتى وان تمت المصالحة على قانون المصالحة الادارية نتمنى أن ننصف هؤلاء الموظفين الذين مورست عليهم ضغوطات لأخذ القرارات، نحن في حاجة لتنقية الأجواء ونزع فتيل الاحتقان ولكن أيضا في حاجة لمحاسبة كل من اختلس اموال من الدولة. *ألم يظلم رجال الأعمال في تقديرك؟ -نحن بلد قانون وكل من سيخطأ سيُحاسب بالقانون. *في الآونة الأخير برز في علاقة اتحاد الأعراف باتحاد الشغل الكثير من المدّ والجزر.. فما هي أسباب هذا التوتّر؟ -أنا أحترم الاتحاد العام التونسي للشغل، احترم هذه المنظّمة العريقة وتاريخها ودورها الوطني، والتغيير في نمط العلاقة بين الاتحادين تُحسب لنا وما أقوله انه اذ حصل خلاف أو تخالف في الرأي لا بدّ أن يطرح على طاولة النقاش وليس في الاعلام.. فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة ولا أحد له الحق لفرض بعض الأمور أو لتقييم "مؤشّر الوطنية" لدى الطرف الآخر أو يمكن لأحد أن يلوي ذراع الطرف الآخر. هناك بعض الأمور نتفهّمها فنحن عندما وافقنا على الزيادة كنّا على دراية بتدهور القدرة الشرائية ولكن لسنا نحن المسؤولين عن تدهور هذه القدرة ولكن هناك قطاعات لا تستطيع الزيادة لأنها لا تتحمّل هذه الزيادة.. نحن نحترم بعضنا البعض كهياكل وكأشخاص ولكن نحن موقعون على اتفاقية قرطاج وهذه الوثيقة فيها بنود وملفات يجب أن تناقش لكن اليوم هناك تنصّل من مناقشتها وبالتالي ما الفائدة من هذه الوثيقة اذا كانت بعض أطرافها تضع خطوطا حمراء ولا تقبل النقاش حولها.. ما أريد قوله في النهاية نحن لسنا "كومبارس" في وثيقة قرطاج. *هل تشعرين أن هناك أطرافا ليست ملتزمة بوثيقة قرطاج؟ -ما معنى أن يرفض البعض مناقشة بعض الملفات التي اتفقنا على وضعها للنقاش كالمؤسسات العمومية اذن ماذا سنناقش.. بل البعض وصل الى حد شتم مؤسسات القطاع الخاصّ..، نحن مع الاتحاد لسنا في حرب وليس هناك طرف قويّ وطرف ضعيف بل بالعكس ففي البلدان المتقدّمة نجاح الاقتصاد يتم بالاتفاق بين الأطراف الاجتماعية أنا أقول الحكومة يجب أن تكون لها من الشجاعة والصرامة لتدعو الجميع الى طاولة النقاش للبحث عن الحلول التي تخدم مصلحة البلاد.. وبالنسبة للخلاف والاختلاف فذلك دورنا لأن الكل يدافع عن مصالحه ولو كان العكس لانصهرنا في نفس المنظمة.. ولكن نحن لا نعتدي ولا نقبل أن يتم الاعتداء علينا ولا أحد يملك حق الوصاية علينا.. لكن هناك شيطنة للقطاع الخاصّ ونريد أن نسمع موقف الحكومة من ذلك، نريد أن نسمع صوتها ونريدها أن تكاشف الرأي العام بالأرقام وتمدّه بإحصائيات حول جدوى القطاع الخاصّ ومردوديته، فنحن المشغّل والمستثمر الرئيسي في البلاد. *تتهم عدّة أطراف رجال الأعمال بالتهرّب الجبائي فكيف تردين على هذه الاتهامات؟ -نحن لسنا رجال أعمال.. نحن أصحاب مؤسسات والدولة تعرف جيّدا من يقوم بواجبه الجبائي ومن يتهرّب من الضريبة، ونحن مع تطبيق القانون على كل من يتهرّب.. لكن لماذا لا نتحدّث على من يعطّل في حركة الموانئ ويعطّل في انتاج الفسفاط ويسيء الى سمعة تونس بسبب انتشار السرقات في المطارات، لماذا لا نتحدّث في كل ذلك، لماذا لا نتحدّث عن ضعف الانتاجية وعن تدنّي المردودية في الادارة، ولا نتحدّث الاّ على القطاع الخاصّ ولا نقوم الاّ بشيطنته. الدولة يجب أن تتصدّى لهذه الافتراءات بكشف الحقائق ويجب أن تساهم في دفع الناجح الى مزيد من النجاح لا أن نسعى لتقزيمه.. نحن اليوم لدينا أزمة أخلاقية في تونس ضدّ كل ما هو نجاح ومتميّز.. وحتى الأحزاب اليوم هي تصمت عن كشف الحقائق خوفا على مستقبلها في الاستحقاقات الانتخابية القادمة. *لو أردت توجيه رسالة الى نواب الشعب الذين هم بصدد مناقشة مشروع قانون المالية ماذا تقولين لهم؟ -رفقا بالمؤسسة الخاصّة.. رفقا بالمستثمر التونسي.. رفقا بنا من الجباية المتضخّمة فنجاح الاستثمار ليس بإثقال كاهل المؤسسات بالجباية ولكن بتقديم الحوافز والتشجيعات. مؤطّر *كانت لديكم مقترحات لهذا المشروع منها طرحكم لفكرة الاكتتاب العمومي بالنسبة للمؤسسات العمومية ما المقصود بذلك؟ -أوّلا نريد طمأنة البعض نحن كمؤسسات خاصّة لا نملك الإمكانية لشراء هذه المؤسسات العمومية، نحن فقط قلنا أنه قبل مناقشة التفويت فيه من عدمه يجب أن لا يكون هناك ملف "تابوه" أو محرّم الاقتراب منه، كل الملفات يجب أن توضع على طاولة النقاش لأن لا أحد يملك الحصانة أو القرار الأوحد للبتّ في موضوع معيّن. والمؤسسات العمومية هي ملك للشعب التونسي ونحن جزء من الشعب التونسي.. وقبل الخوض في هذا الملف تحديدا يجب أن نشخّص أسباب عجز المؤسسات العمومية، يعني هل هناك سوء تصرّف فيها أو انها تشتغل في ميادين ليس لها مردودية اقتصادية، يعني يجب النظر في الأسباب وبعد ذلك ننظر في الحلول وهي موجودة، فنحن نريد التشخيص قبل البحث عن الحل، لأن التشخيص هو الذي سيقودوننا للحلّ.. فهل من المعقول أن تقوم الدولة ومنذ سنوات على ضخّ أموال في حساب أغلب هذه المؤسسات بدعوى عجزها وبدافع عدم غلقها على حساب التنمية وعلى حساب البنية التحتية وعلى حساب التشغيل لتغطية هذا العجز.. يجب أن تكون هناك نقاشات معمّقة حول هذه الوضعيات الراهنة بغاية ايجاد حلّ ونحن مع الحلّ الذي يضمن ديمومة المؤسسة، وفكرة الاكتتاب نحن لم نقل اننا نريد الاستفادة منها بل كل الشعب التونسي من موظفين ومن مواطنين نريده أن يشارك في الاكتتاب واعتقادنا أن ذلك سيجعل الجميع يتحمّل مسؤولية هذه المؤسسات، فتلك الأسهم التي ستطرح للاكتتاب نريد أن يقتنيها مواطنون عاديون لتحفيز شعورهم بالمسؤولية تجاه هذه المؤسسات العمومية التي هي في الأصل على ملك المجموعة الوطنية. أجرت الحوار:منية العرفاوي جريدة الصباح بتاريخ 17 اكتوبر 2017