لا يزال أمام هيئة الحقيقة والكرامة سوى بضعة أشهر قبل انتهاء عملها في ماي 2018، ورغم ان القانون ينص على امكانية التمديد لهيئة بن سدرين لمدة سنة غير قابلة للتجديد فقد تعالت دعوات البعض منادية بعدم التجديد لها، واعتبار البعض أن مواصلة عملها لن يقدّم شيئا لمسار العدالة الانتقالية أمام الاتهامات التي ما فتئت توجه لرئيستها سهام بن سدرين ، وما تعيشه الهيئة من تصدعات داخلية أثرت على صورتها لدى الرأي العام. و في هذا السياق راى النائب عن الجبهة التقد مية الصحبي بن فرج عدم الممانعة عن التمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة إلا أنه حدّد شروطا لذلك، موضحا ل"الصباح نيوز": "يجب أن تستجيب الهيئة للقانون وتعمل بشفافية وتعيد للمواطنين المُتظلمين حقوقهم وأن لا تواصل السياسة التصادمية التي تتوخاها رئيستها و أن تقوم بفض المشاكل الداخلية للهيئة". وشدّد بن فرج على ضرورة استكمال مسار العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أن الجبهة التقد مية ستتشاور في الغرض لتأخذ موقفا نهائيا من هذه المسألة. وختم بن فرج قائلا: "صراحة لا أرى مصداقية للهيئة.. وجلساتها موجهة وانتقائية ولا أنتظر شيئا منها.. وللأسف الهيئة أضرّت بمسار العدالة الانتقالية الذي نعول عليه كي نصل الى المصالحة الشاملة التي ينتظرها الجميع". الحقيقة غائبة عن الهيئة أمّا القيادي في نداء تونس عبدالعزيز القطي فقال في تصريح ل"الصباح نيوز" انه أصبح من الصعب التمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة، أمام الحجم الكبير لتعطل أشغالها وما تعيشه من صراعات داخلها، إضافة إلى كون رئيسة الهيئة المشكل الأساسي في عمل الهيئة وصورتها في الخارج، معتبرا أن التمديد وحتى بسنة سيزيد في تأزيم الوضع. كما قال القطي ان مسار العدالة الانتقالية "تم ضربه في الصميم" يوم تنصيب بن سدرين كرئيسة للهيئة، مؤكّدا وجود تلاعب بالملفات داخل الهيئة وأن الحقيقة لن تكون واضحة للعيان بالاضافة للممارسات "غير الاخلاقية وعملية التصفية التي قامت بها بن سدرين داخل الهيئة" ودعا القطي، في نفس السياق، إلى التفكير بحلول لانقاذ ما يمكن انقاذه"، قائلا: "التمديد للهيئة ليس الحل بل بالعكس يجب مراجعة التركيبة وخاصة الرئيسة وكذلك مراجعة القصور بالقانون المنظم لعمل الهيئة بعيد عن منطق التشفي". وختم القطي قائلا: "الحقيقة غائبة عن الهيئة .. ولا حقيقة ولا كرامة لهيئة الحقيقة والكرامة". يجب احترام القانون واعتبر القيادي النقابي السابق والوزير السابق عبيد البريكي في تصريح ل"الصباح نيوز"، ان التمديد او لا لعمل هيئة الحقيقة والكرامة رهين تقييم القوى السياسية دون استثناء وخاصة منها الممثلة في مجلس نواب الشعب، مشيرا إلى أن الموقف من هيئة الحقيقة والكرامة لم يكن يوما موحدا ما من شأنه أن يؤثر بالضرورة على مآل هيئة الحقيقة. كما قال البريكي ان الهيئة تم انتخابها لمدة معينة لمعالجة ملفات معينة، مضيفا: "يبدو ان الملفات من المفترض أنه تمت معالجتها والنظر فيها والاصل في الأشياء احترام القانون". اعمال الهيئة باطلة ومن جهتها، قالت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في تصريح ل"الصباح نيوز" ان "التمديد لعمل الهيئة هو تمديد في حالة اللاشرعية"، مضيفة: " بالنسبة لهيئة بن سدرين موقفنا واضح تنشط خارج اطار القانون واعمالها باطلة قانونا ومنحها ميزانية رغم نشاطها المختل يعتبر اهدار للمال العام". الهيئة يكفيها عملاوقال الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل محمد علي البوغديري ل"الصباح نيوز" أن هيئة الحقيقة والكرامة "يكفيها عملا.. يزيها"، مشيرا إلى أنها لا تقوم بعمل إيجابي بل "تسعى إلى تعويم القضايا"، مذكرا في مسألة رغبة الهيئة في الاستيلاء على أرشيف رئاسة الجمهورية. وأضاف: "هيئة الحقيقة والكرامة تؤثر سلبا على الحياة العامة من خلال التشهير والاركسترا التي تقوم بها.. ونحن بحاجة الى تضميد الجراح وهي تنبش من أجل التشويش على المناخ العام". بن سدرين والخوف من العزل و من جانبه، قال العضو السابق بالهيئة زهير مخلوف في تصريح ل"الصباح نيوز" ان "بن سدرين "لن تطلب التمديد لها لاعتقادها بأنها أكملت أدوارها واكتشفت أن أطراف من داخلها تريد عزلها من الهيئة، مشيرا إلى أن بن سدرين "مُصرة على عدم التمديد لتخفيف الضغوطات التي تتعرض لها الهيئة من خلال احتجاج عدد من الضحايا ضدها والذين "لن يجدوا أيّ حلّ لمشاكلهم وقضاياهم وخلافاتهم"، وفق تعبير مخلوف. كما أضاف: "هذه المرأة كل مرة تريد أن تظهر عمل عبر الخروج بقضايا تافهة حتى تظهر وكأنها تقوم بعمل نضالي، "لتغطية عين الشمس بالغربال".. وهي لا تريد الا أن تقوم 'ببروبغندا' لا تساوي العدالة الانتقالية الحقيقية التي تنتج مفاعيل ومخرجات تساهم في عملية الانتقال الديمقراطي السليم وتنتج المصالحة الوطنية.. ولهذا ستخرج بخفي حنيْ وتزيد من انتكاسة واقع المجتمع التونسي". واعتبر زهير مخلوف أن استقالة وإقالة عدد من أعضاء الهيئة تمّ بعد الادراك بان هذه المرأة "لا علاقة لها بالعدالة الانتقالية ولا تعرف معنى التسيير ولا تقدر عليه"،مُضيفا: "الهيئة تعمل منذ سنوات ولم تظهر نتائج في العمل رغم كثرة الانتدابات والمقرات والبروبغندا، والمصاريف التي تتحملها الدولة وتذهب سدا". ومن جهة أخرى، قال زهير مخلوف ان "الهيئات الدولية فقدت الثقة في سهام بن سدرين وهيئتها ما يؤكده مقاطعة المركز الدولي للعدالة الانتقالية للهيئة وكذلك الشأن بالنسبة للبرنامج الأممي للتنمية الذي لم يعد نسق مع الهيئة الا في عدد قليل من المسائل مع ايقاف دعمها ماديا". وفيما يتعلق بصندوق الكرامة، قال ان بن سدرين تبحث وضع اليد على الصندوق لتبقى مسؤولة بالدولة رغم ان أجهزة الدولة فقدت فيها الثقة لانجاز أي عمل حقيقي، ما يؤكّد تعطل إحداث صندوق الكرامة ما جعل الضحايا يصبحون "كبش فداء". كما أشار إلى أن الدولة دخلت في خصومات مع بن سدرين ورُفعت قضايا ضدها في المحكمة الادارية بلغت 51 قضية ما بين قضايا رفعها ضحايا وأعضاء مُقالون أو مستقيلون أو مواطنين والا أجهزة الدولة، مشيرا إلى أن هنالك قضايا جزائية رفعتها بن سدرين ضد ضحايا منهم من هم مهددون بالسجن.