لا يزال الإعلاميون بانتظار الإعلان عن الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري ذلك المولود الذي تماطل في الاعلان عن تركيبته رئاسة الجمهورية بعد أن كان مقررا الإعلان عنها في الشهر الماضي. نجيبة الحمروني نقيبة الصحفيين وفي صفحتها الرسمية على الموقع الاجتماعي "الفايسبوك" اعتبرت ذلك تجاهلا لمطالب الصحفيين. وكتبت في صفحتها ما يلي: "مائة نملة دخلت للغار"... هذا ما نجده الآن من تجاهل الحكومة ورفضها القاطع لمطالب الصحفيين والمواطنين الطامحين إلى إعلام حر وتعددي ومستقل... الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري أضحت مثل سروال عبد الرحمان.... درس آخر في "ديمقراطية آخر الزمان" من الحكومة ومن رئاسة الجمهورية، فبدل تطبيق القانون والتعجيل بإعلان ميلاد أول هيئة مستقلة مهمتها تعديل المشهد الإعلامي السمعي البصري، كثرت المزايدات وتدخلت الأحزاب باحثة عن محاصصة في هيئة من المفروض ان تكون مستقلة عن الجميع... المشهد اكتملت فصول خرابه بغياب الهيئات المستقلة الخاصة بالإعلام والقضاء والانتخابات... وحتى المشاكل المهنية نجد رفضا من الحكومة لحلها عقابا لنا على إضراب 17 أكتوبر التاريخي والذي اعتبر بعض من حكامنا المؤقتين أنه أساء لصورة تونس في الخارج... ألا يستدعي الأمر مع تكرر الانتهاكات والاعتداءات والصنصرة والضغوطات... ومع ازدهار سوق بيع ذمم بعض الصحفيين وضياع الحقوق المادية والمعنوية... ألا يستدعي كل ذلك إضرابا ب3 أيام... لا لتلميع صورة تونس، لأنها لامعة بشعبها، بل ليعلم من به جهل أن الثورة مسار وليست لحظة تاريخية منفصلة ؟؟؟؟ ومن جانبه، قال زياد الهاني عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في اتصال هاتفي مع "الصباح نيوز" : "الإعلان عن تركيبة ال "هايكا" اختصاص حصري لرئيس الجمهورية وبالتالي فالمماطلة بالنسبة لنا موجودة على مستوى رئاسة الجمهورية". واعتبر الهاني أنّ تواصل الفراغ الهيكلي يزيد من تعقيد مشاكل القطاع الإعلامي ويترك الإعلام العمومي خاصة رهينة بيد صاحب القرار السياسي ليوظفه كما يشاء في خدمة أجندته السياسية. وحول اعتماد برمجة جديدة في القناة الوطنية الأولى، أكّد الهاني أنّ ما حصل الغاية منه إقصاء البرنامج السياسي الإعلامي "بتوقيت الأولى" للزميلة المتميزة أمال الشاهد . وأضاف: "إنّ ما حدث دليل واضح وشاهد على تدخّل السياسيين في شأن التحرير الإعلامي خاصة وأنّ مسؤولين بالحكومة طالبوا بشكل صريح ودون مؤاربة بإيقاف هذا البرنامج الذي أصبح مزعجا بسبب جرأته ونقده الموضوعي بما لا يترك أيّ مجال لاتهامه بالتحامل". وندّد الهاني بما حدث في مؤسسة التلفزة التونسية، مطالبا إياها بالتراجع عن القرار المتخذ تجاه برنامج أمال الشاهد باعتباره ضربا لحرية الإعلام ولاستقلالية مؤسسات الإعلام العمومي. وفي ما يتعلّق بتعويض ساعة برمجة هذا البرنامج وتعويضه بمسلسل تركي، قال الهاني إنّ هذا النوع من المسلسلات موجودة في العديد من القنوات الأخرى على ذمّة طالبيها، مضيفا : "يجب أن تبقى مؤسساتنا الإعلامية الوطنية موجهة أساسا لتناول الشأن العام". وعن إمكانية الإعلان عن إضراب عام في القطاع تنديدا بهذه الممارسات التي يشهدها الإعلام بعد الثورة، قال : "نحن كنقابيين مؤتمنين على مصالح الصحفيين المادية والمعنوية وعلى الدفاع عن حرية الإعلام ونسعى دائما لحلّ الإشكالات العارضة عن طريق الحوار الجدّي والإقناع ولكن إذا لم يتيسّر ذلك فسنضطر لاستخدام ما بأيدينا من وسائل قانونية للدفاع عن مصالحنا". فبعد سنتين من اندلاع الثورة وتتوّج الإعلاميين بحرية قطاعهم، هل سنعود اليوم في زمن غير زمن بن علي إلى قمع الإعلام وتحديد حريته؟