لا يجب أن يفاجأ المتأمل في الوضع السياسي العام من فوز ياسين العياري ،الشخصية المعروفة بتطرفها، فياسين العياري نال ما يستحقه من الأصوات أي 284 صوتا من مجموع ال26 ألف مسجل في القوائم الانتخابية. إن دخول العياري قبة البرلمان سهّلته عديد العوامل أولها فشل هيئة الانتخابات في أول امتحان لها بتركيبتها الجديدة في الترويج للانتخابات وبمصادقتها على فتح عدد محدود من مكاتب الاقتراع رغم علمها مسبقا أن ذلك يسبب عزوفا نظرا لعامل بعد المسافات عن الناخبين وتقاعسهم في التنقل لمئات الكيلومترات للإدلاء بأصواتهم . ومن العوامل كذلك الفشل الذريع للأحزاب ولعديد الشخصيات المعروفة والتي يبدو أن وزنها الحقيقي لا يتلاءم مع حجم حضورها الإعلامي وما يصنعها لها البعض من بهرج ومن إعلائها الى مرتبة القياديين ..وهي التي فشلت في تعبئة مناصريها وحثهم على الحضور للقيام بالواجب الانتخابي. كما أن من العوامل ما بات يسمى اليوم ب»التوافق المغشوش» بين حزبين كبيرين فشلا سويا في جمع أكثر من 253 ناخبا وهما اللذان تعجّ دوائرهما المحلية بأضعاف أضعاف ذاك العدد بما يطرح أكثر من سؤال حول حقيقة وطبيعة العلاقة التي تربطهما سيما وان بلاغ حزب نداء تونس تحدث عن مراجعة علاقته ببعض الأطراف السياسية في إشارة واضحة لحزب النهضة. إن ما حدث في ألمانيا يعتبر بمثابة دق ناقوس خطر يؤكد عمليا ،وليس تكهنا ، عزوف التونسيين عن الحياة السياسية ورفضهم لما بات يتضمنه المشهد من تجاوزات بعيدة كل البعد عن الصورة التي رسمتها العديد من الأحزاب لناخبيها قبل وخلال انتخابات أكتوبر 2014 . والحال تلك وتونس مقبلة على انتخابات بلدية هي الأولى من نوعها بعد دستور 2014 ،انتخابات مفصلية ستؤسس لنمط جديد من الحكم المحلي، بات من الضروري اليوم وخلال ما تبقى من زمن قصير جدا استيعاب درس انتخابات دائرة ألمانيا جيدا وتجنب حصول خيبة أمل جديدة لتونس قد تكون بمثابة بداية نهاية المشوار الديمقراطي . فكل القوى الحية والتقدمية مطالبة اليوم وقبل اي وقت مضى ان تعيد الثقة إلى نفوس الناخبين وأن تنسيهم سياسيي عقلية الغنيمة والمحسوبية والفساد وان تزرع فيهم أملا جديدا في غد أفضل فتونس تستحق الأفضل وهو ليس صعب المنال.